حوار : منار السيد - تصوير : إبراهيم بشير
نموذج للأم المثالية التى اعتادت دائما التضحية من أجل أبنائها، دبلوماسية وزوجة دبلوماسي، أفنت حياتها وزوجها فى خدمة الوطن وتمثيله بشرف فى مختلف دول العالم التى سافرا إليها، حصلت على وسام الأسد من رئيس السنغال تقديرا لعملها الدؤوب، لها عطاءات وإسهامات في مجال العمل الاجتماعى، سناء عطا الله، السفيرة السابقة لرومانيا وملدوفا ومقررة المجلس القومي للمرأة بمحافظة القاهرة، وجهت لنا دعوة على مائدة إفطارها لنتعرف على كواليس عملها السابق بوزارة الخارجية والحالي بالمجلس القومى للمرأة، وطقوسها خلال شهر رمضان..
عن بداية عملها بالخارجية تقول: التحقت بالخارجية فى يناير1980، وعملت نائبة سفير في التشيك، وسفيرة في عديد من الدول مثل السنغال وحصلت على وسام"الأسد" من الرئيس عبد الله واد، عملت نائبة مساعد وزير الخارجية لشئون أمريكا اللاتينية، وأيضا نائبة مساعد وزير الخارجية لدول غرب ووسط أفريقيا، وكنت مندوبة دائمة لدى جامعة الدول العربية، وأنهيت خدمتي سفيرة لمصر في رومانيا وملدوفا، تزوجت السفير محمد عبد القادر الخشاب زميلي في العمل آنذاك لأصبح دبلوماسية وزوجة دبلوماسي، وكان الأمر صعباً خاصة في خدمة الوطن بالخارج، حيث العرف السائد بالخارجية وقتها يحتم على الدبلوماسية المتزوجة من دبلوماسي مرافقته خارج مصر كزوجة، وإذا أرادت تمثيل بلدها في إطار عملها كانت تسافر دولة مختلفة عن التى سافر إليها زوجها، ولن أبالغ إذا قلت أنها تكون في شرق العالم مثلا وزوجها في أقصي الجنوب، لذلك كان على أن أختار بين عملى الذى يحتم عليّ السفر بمفردي وبين مرافقة زوجى ودعمه فى عمله، وفي الحقيقة اخترت السفر مع زوجى وتكوين الأسرة.
- بالرغم من اختيارك لكنك حافظت على مكانتك بالديوان العام!
كنت دائما أشارك زوجي في تنظيم الاحتفالات والأنشطة الخاصة بالسفارة فى مختلف الدول التي سافرنا إليها، وكنت أعمل على توطيد العلاقات بيننا وبين المقيمين في هذه الدولة ما أدى إلى ورود تقارير جيدة للديوان العام دعمتني في الحفاظ على مكانتي، بالإضافة إلى أنني كنت أبذل قصارى جهدي في العمل خلال فترة الخدمة الداخلية بالديوان العام وهي الفترة التي تعقب انتهاء خدمة زوجي في كل بلد.
- متى قررت تمثيل مصر بالخارج كدبلوماسية لا زوجة دبلوماسي؟
شعرت في وقت ما أنني بحاجة إلى ممارسة عملى كدبلوماسية، فطلبت من السيد عمرو موسى، وزير الخاجية وقتها أن يمنحني شرف تمثيل مصر فى أحد بلدان العالم وبالفعل وافق، وكان أول منصب لي في الخارج نائبة سفير في"التشيك" فسافرت واصطحبت أبنائي معي.
- كيف كنت تؤهلين أبناءك للتنقل بين دولة وأخرى؟
لا أنكر صعوبة الأمر، فأبنائي كثيرا ما عانوا بسبب هذا الأمر خاصة في تكوين صداقات لكنهم في نفس الوقت اكتسبوا العديد من العادات الطيبة في كل دولة سافروا إليها، حيث كنت أحرص على تعليمهم أفضل ما تتميز به كل دولة، بالإضافة إلى التعرف على الثقافات الآخرى واكتساب ما يناسبنا منها، والحمد لله ابنى كريم حاليا يعمل بالخارجية، أما ياسمين تعمل بمجال الفنون والدعاية والإعلان.
- بعد انتهاء عملك في الخارجية.. كيف تنوين قضاء حياتك؟
في الحقيقة بدأت التفكير في شكل حياتي الجديدة بعد إنهاء عملي بالخارجية ففكرت في العمل بالمجال التطوعي والخدمي والخيري لأننى أرغب في خدمة وطني وأداء واجبى تجاهه، إلا أن بعض العوائق التى حدثت فى حياتي الأسرية عطلت مسيرتى فى العمل الخيري بسبب اهتمامي بدراسة ابنتي، لكن عندما تم ترشيحي في أكتوبر الماضي للعمل بالمجلس القومي للمرأة كمقررة لمحافظة القاهرة لم أتردد للحظة، وقبلت على الفور لأنه يحقق غاية ما أرجوه من العمل وهو الدفاع عن المرأة وحقوقها.
- لكن العمل كمقررة بمحافظة القاهرة ليس بالأمر السهل!
لا أنكر ذلك، لأن المحافظة كبيرة وتضم العديد من المناطق، وأعتبر الأمر تحدياً كبيراً خاصة مع تعدد المشكلات التي تواجهها معظم هذه المناطق، حيث يحرص المجلس على نشر الوعي بين النساء والشباب بكافة التحديات والقضايا التي يواجهها الوطن باعتباره ركيزة أساسية لحل كافة الأزمات التي يعاني منها المجتمع، كما أنوى عقد سلسلة ندوات حول الفقر وارتفاع الأسعار وجشع التجار واستغلالهم للأزمات الوطنية فى ظل غياب الرقابة على الأسواق في بعض الأوقات وإيجاد حلول لتلك المشكلات، وعلى جانب آخر نستعد لخوض الانتخابات المحلية القادمة من خلال إعداد وتأهيل كوادر نسائية وشابة تستطيع مواجهة الفساد الذى تشهده المحليات.
- إذا تحدثنا عن شهر رمضان الكريم.. ما أول ذكرى ترد بخاطرك؟
"لمة بيت العائلة" والخير والبركة وإفطار والدتي اليومي لعابري السبيل، وفرحة بعد الإفطار باللعب واللهو مع أبناء الجيران، وبيت العائلة المفتوح دائما الذي كان لا يخلو يوميا من الضيوف والأطباق المشكّلة والمتنوعة على المائدة، وكافة الطقوس الجميلة التي كنا نقوم بها لنشعر بأجواء هذا الشهر الكريم.
- هل تتذكرين الطبق الرئيسي في شهر رمضان على مائدة إفطار والدتك؟
"الفول".. فبالرغم من امتلاء المائدة بالأطباق والأصناف الشهية إلا أن والدى رحمه الله كان لا يتنازل عن طبق الفول على الإفطار.
- وبعد زواجك هل اختلف رمضان كثيراً عن أجوائه فى بيت العائلة؟
بالطبع كان هناك اختلاف خاصة مع بداية زواجي الذي حتم على قضاء أول شهر رمضان مع زوجي في"الكونغو"، وكان الأمر غاية الصعوبة خاصة مع الحياة الجديدة وعدم معرفتى كيفية الطبخ.
- كيف يقضي الدبلوماسيين شهر رمضان خارج مصر؟
المصريون في الخارج- بشكل عام- يشعرون بفرحة الشهر الكريم أكثر من المقيمين بها، حيث يجتمعون كل يوم مع أشقائهم العرب لتناول الإفطار، كما ينظمون الدورات الرياضية إضافة إلى الحرص على القيام بكافة الطقوس التي اعتدنا عليها مثل إعداد الكعك في العيد.
- ذكرت أنك كنت لا تجيدين الطهى فهل تعلمتيه؟
نعم تعلمت الطهي في"الكونغو" من الكتب الفرنسية وبمساعدة زوجة دكتور مصري في منظمة الصحة العالمية التى سألتنى في إحدى المقابلات هل أجيد الطهي أم لا، فقلت لها أننى سأستعين بطباخ، فقالت لي"لا يمكن للطباخ أن يطهي الطعام جيداً إذا كنت لا تجيدين الطهي"، من وقتها تعلمت الدرس وقررت أن أتعلم الطهى خاصة أنني سافرت مع زوجي إلى بلاد أكثر فقرا وصعوبة في الحياة مثل "الكونغو" و"فيتنام" لذلك تعلمته جيدا.
- هل تتذكرين أول عزومة أعددتها في شهر رمضان؟
كانت في"الكونغو" وأعددت إفطاراً لـ60 فرداً هم عدد أبناء الجالية المصرية آنذاك، وكان بالنسبة لي تحدياً كبيراً عندما قال لي زوجي يجب أن نعزم أفراد الجالية، فاضطربت كثيرا وقلت له كيف أعد الإفطار لكل هذا العدد وأنا لا أجيد الطهي، وبالفعل أحضروا لي "أذونات" وطلبت من صاحب الفيلا أن نستغل الحديقة فى الإفطار، وطلبت من كل الضيوف أن يأتوا بكراس وأطباق لضيق الإمكانيات، والحمد لله أعددت عزومة كان لها ذكرى جميلة معى وزوجى.
- ما أفضل طبق على مائدة إفطار السفيرة سناء عطا الله؟
"الأرز المعمر" ولا أبالغ حينما أقول أنني متميزة في إعداد هذا الطبق وهو من الأطباق الرئيسية على مائدتى في شهر رمضان.
- "ابن الوز عوام" نجلك كريم دبلوماسي وتزوج دبلوماسية!
كريم كان يقول دائما"لن أعيش في جلباب أبي" وكان يرفض العمل في الخارجية، لكن بعد دراسته بالجامعة الأمريكية وتخصصه في دراسات شرق آسيا عدل عن قراره والتحق بالسلك الدبلوماسى وتزوج من زميلته في العمل وهي حاليا تمثل مصر في السودان.
- نريد أن ننهي الحديث بكلمات من السفيرة سناء عطا الله "الجدة"؟
أعظم إحساس في الدنيا ولم أتخيل مدي جماله ولم أكن أقتنع بمقولة "أعز من الولد ولد الولد".. لكننى اكتشفت أنها مقولة صادقة بعد أن رزقت بحفيدتي"ليلة" 5 سنوات ومعها اختلفت حياتي فهي مصدر سعادتي وبهجتي.