رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


طريق المواكب المقدسة والفرصة الذهبية

23-11-2021 | 22:15


هشام شوقي,

منذ أكثر من 5 آلاف عام مر من هنا الملوك والملكات وكبار الكهنة بمواكبهم المقدسة في أعياد الأوبت، و هو عيد مقدس للاحتفال بذكرى زواج الإله آمون من الألهة موت، وكان مقر الإله آمون هو معبد الكرنك ومقر الإلهة موت هو معبد الأقصر، وكان هذا الاحتفال يبدأ مع  فيضان النيل فعندما يخرج الإله آمون من الكرنك ويلتقي زوجته بمعبد الأقصر فكان يعنى ذلك الخصوبة أي أن اللقاء هو بمثابة الخصوبة لأرض مصر لأن الإله هو الذى يأتي  بالفيضان والخير إلى مصر وكان آمون رمزا لهذا الخير

وفي عمق ذلك المشهد الأسطوري هناك الزوارق المقدسة التي كانت تحمل تماثيل الآلهة‏،‏ بينما يصطف أبناء الشعب علي جانبي الطريق يتمايلون ببهجة في مشهد احتفالي وفريد.

وصنع ذلك العيد مشهد أسطوري، سجله التاريخ القديم عبر طريق المواكب المقدسة، وكما صنع الأجداد ذلك المشهد الفريد كشف عنه الأحفاد، و تعود قصة الكشف عن طريق المواكب المقدسة إلي الأربعينات من القرن الماضي، حينما بدأت أعمال الحفائر بالطريق في نهاية الأربعينيات  بواسطة الأثري زكريا غنيم، ثم الدكتور محمد عبد القادر الذي اكتشف بداية الطريق عند معبد الأقصر في الخمسينيات، ثم كشف الدكتور محمود عبدالرازق بالكشف عن أجزاء من الطريق عند معبد الأقصر خلال حقبة الستينيات.

 وبعد فترة توقف كشف الدكتور محمد الصغير عن أجزاء مختلفة من الطريق في منتصفه وعند بدايته بجوار معبد الكرنك خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة. تلاه د. منصور بريك الذي قام بالكشف عن باقي أجزاء الطريق خلال الفترة من 2006م حتى 2011م إلى أن توقف العمل بعد ثورة يناير لنقص الاعتمادات المالية.
يعود تاريخ طريق المواكب إلي الملك امنحوتب الثالث الذي بدأ تشييد معبد الأقصر‏,‏ ولكن النصيب الأكبر في تنفيذ هذا طريق المواكب المقدسة يرجع إلي الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية.
و الطريق يربط بين معبدي الكرنك والأقصر مرورًا بمعبد موت، ويبلغ إجمالي أطواله 2700م. 
ذلك التاريخ العظيم الذي يتجسد في طريق المواكب المقدسة هو الفرصة الذهبية لمداعبة حلم السائح المرتقب للمرو به و تسجيل زيارته إلي عاصمة الحضارة المصرية، و هو الميزة التنافسية لمصر كمقصد سياحي خلال المرحلة المقبلة خاصة بعد المشهد الأسطوري الذي يشهده العالم لطريق المواكب المقدسة، لكن الأمر يحتاج من صناع السياحة إلي جذب الشرائح الغنية، و بمعني أدق نحن نملك الآن فرصة ذهبية لسياحة الكيف و ليس الكم، و وضع خطة لرفع متوسط إنفاق السائح، و تقديم خدمات ذات مستوي يرفع من قيمة دخل السياحة الثقافية، خاصة مع عمل وزارة السياحة و الأثار علي تطوير الخدمات و التحول الرقمي.
وأعتقد أن تسويق الأقصر والترويج لها يحتاج إلي استغلال القوي الناعمة، مثل السينما، فلك أن تتخيل أن مصر تنتج فيلم سينمائي عالمي تدور أحداثه التاريخية في طريق المواكب المقدسة، أعلم أن تكاليف الإنتاج سوف تكون باهظة لكن عوائدها ستكون أيضا مرتفعة للغاية و مستمرة، الأمر يحتاج إلي تواصل مع صناع السينما العالمية، وتقديم تسهيلات غير مسبوقة للتصوير في موقع مثل طريق المواكب المقدسة، فالواقع أن الاستثمار يحتاج إلي رأسمال كبير لتكون العوائد أيضا كما نرغبها، و الأمثلة علي ذلك كثير، فالمقاصد السياحية في شرق آسيا صنعها مشهدها الأفلام الأمريكية التي جذبت لها السائحين. 
والحقيقة التي يجب أن ندركها حاليا أن القيادة السياسية استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة في دعم القطاع السياحي رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد منذ العام 2011 و حتي انتشار جائحة كورونا، علي عدة مستويات من بينها مبادرات البنك المركزي و إعادة البهاء للعديد من المقاصد الأثرية التي يشهد عليها الآن طريق المواكب المقدسة، و العمل الجاري في القاهرة التاريخية و مشروع التجلي في سانت كاترين، فتح القصور التاريخية التابعة لمؤسسة الرئاسة أمام الزيارة مثل قصر القبة يفتح الباب أمام القطاع السياحي المصري للحصول علي حصة عادلة من حجم حركة السياحة الدولية.