الاقتصاد الألماني.. تراجع مناخ الأعمال وتباطؤ التعافي من جائحة كورونا
تراجع مناخ الأعمال في الاقتصاد الألماني، حيث انخفض مؤشر Ifo لمناخ الأعمال الصادر عن معهد الدراسات الاقتصادية في جامعة ميونخ، خلال شهر نوفمبر إلى 96.5 نقطة، بعد أن كان عند مستوى 97.7 نقطة في أكتوبر، كما كانت الشركات أقل رضا عن وضع أعمالها الحالي، بالإضافة الى تراجع التفاؤل في مستوى الأعمال خلال الأشهر المقبلة، نتيجة استمرار اختناقات التسليم والنقص في الرقائق الإلكترونية وبعض المواد الأولية، بالإضافة إلى ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، واستمرار الموجة الرابعة من كورونا ومخاطر حصول موجة خامسة.
في قطاع الصناعة، انخفض المؤشر من مستوى 17.5 نقطة في شهر أكتوبر إلى 16.5 نقطة في شهر نوفمبر، وقيمت الشركات العاملة في القطاع مستوى الأعمال اليومية بشكل أقل.
من ناحية أخرى، تحسنت التوقعات إلى حد ما بمستوى الأعمال في الشهور القادمة، ويرجع ذلك أساسًا إلى تطور صناعة السيارات، وما تزال اختناقات العرض للمنتجات الأولية والمواد الخام تؤثر على القطاع مما يدفع الغالبية العظمى من الشركات الصناعية للتخطيط لزيادة أسعار منتجاتها.
في قطاع الخدمات، تدهور مناخ الأعمال بشكل ملحوظ اذ تراجع المؤشر في هذا القطاع من 16.6 نقطة في أكتوبر الى 11.5 نقطة في نوفمبر. حيث كانت شركات القطاع اقل رضا عن مستوى اعمالها الحالي بالإضافة الى ذلك تأثر المؤشر بدرجة كبيرة بالتراجع الكبير في توقعات الاعمال للأشهر القادمة، وهو التراجع الأكبر منذ شهر نوفمبر العام 2020م. وهذا التراجع يعود بدرجة رئيسية الى الموجة الرابعة من كورونا وتزايد الإصابات بفيروس كورونا والتي اثرت بدرجة رئيسية على قطاع السياحة وقطاع الضيافة (المطاعم والفنادق).
كما انخفض المؤشر في قطاع التجارة خلال شهر نوفمبر الى 2.6 نقطة بعد ان كان عند مستوى 3.7 نقطة في أكتوبر الماضي، وعلى الرغم من أن شركات القطاع صنفت مستوى أعمالها الحالي بشكل أفضل من الشهر السابق، إلا أن التشاؤم سيطر على توقعات الأعمال، خصوصا ناحية استمرار مشكلات التسليم وصعوبات الشحن البحري والتوقعات بزيادة الأسعار في الأشهر المقبلة.
في صناعة البناء، تدهور مناخ الأعمال بشكل طفيف حيث تراجع المؤشر من 12.8 نقطة في أكتوبر إلى 12 نقطة في نوفمبر. وعلى الرغم من تقييم شركات القطاع لمستوى الأعمال الحالي بشكل إيجابي، إلا أن التوقعات للأعمال في الشهور المقبلة، أصبحت أكثر تشاؤما بعد استمرت بالارتفاع في الأشهر القليلة الماضية.
في سياق متصل تحسن مناخ الاعمال للصادرات الألمانية، حيث ارتفع مؤشر Ifo لتوقعات التصدير في شهر نوفمبر إلى 15.8 نقطة صعودا من 13.1 نقطة في أكتوبر بعد ان كان قد سجل مستوى 20.6 نقطة في سبتمبر. وتتوقع شركات صناعة السيارات نموًا كبيرًا في الأعمال التجارية الدولية، والأمر نفسه ينطبق على الشركات المصنعة للمعدات الكهربائية. اما في شركات صناعة المعدات والآلات فقد انخفضت التوقعات إلى حد ما، لكنها لا تزال في مستوى جيد. كما يشعر مصنعو المواد الغذائية بتفاؤل حذر بشأن الحصول على طلبات تصدير إضافية. فيما تتوقع الشركات المصنعة للمطبوعات فقط انخفاضًا في الصادرات.
من جهة أخرى اظهر أحدث تقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي، ان الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 1.8% في الربع الثالث من عام 2021م مقارنة بالربع الثاني من عام 2021م. وهو ما يعني استمرار تعافي الاقتصاد الألماني وذلك بعد أن نما الناتج المحلي الإجمالي بالفعل بنسبة 1.9% في الربع الثاني من عام 2021م. (النتيجة المعدلة وفقًا لآخر الحسابات).
وفقًا للتقرير كان النمو في الربع الثالث من عام 2021م مدفوعًا بشكل أساسي بزيادة الإنفاق الاستهلاكي الخاص. وبهذا المستوى من النمو يكون الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث قد نما بنسبة 2.5 % أعلى من نسبة النمو التي سجلها في الربع الثالث من العام 2020م. الا انه ما يزال اقل بنسبة 1.1 % مقارنة بالربع الرابع من العام 2019م، وهو الربع الذي سبق بدء أزمة كورونا.
وفي نفس السياق يتوقع حكماء الاقتصاد الألماني نموًا اقتصاديًا ضعيفًا في ألمانيا هذا العام. حيث لا يُتوقع حدوث انتعاش قوي بعد الانهيار المرتبط بكورونا في الناتج الاقتصادي في عام 2020 حتى العام المقبل. ويشير التقرير الذي قدم للمستشارة انجيلا ميركل الى ان نمو الاقتصاد في المانيا خلال هذا العام لن يتجاوز نسبة 2.7%، بعد ان كانت التوقعات تشير الى نمو بنسبة 3.1%.
وقد تراجعت نسب النمو لهذا العام نتيجة اختناقات التسليم والنقص في المواد الوسيطة والمواد الأولية الى جانب تزايد الإصابات بفيروس كورونا خلال الأشهر الأخيرة من العام. ويتوقع حكماء الاقتصاد انه إذا ما عاد الطلب على الخدمات والإنتاج الصناعي إلى طبيعته العام المقبل، فمن المفترض أن يستمر النمو الاقتصادي في الانتعاش وان يحقق الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2022م نموًا بنسبة 4.6%، على شرط حل ازمة الشحن البحري والنقص في المواد الاولية وتراجع الإصابات بفيروس كورونا.
في جانب ميزانية الدولة العامة، ووفقا لبيانات وزارة المالية الاتحادية ارتفعت إيرادات الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات إلى 541 مليار يورو في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي وبزيادة 9.1% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. اما في جانب التضخم فقد اظهر تقرير للبنك المركزي الألماني Deutsche Bundesbank أن التضخم في ألمانيا قد ارتفع خلال شهر نوفمبر الى مستوى سته في المئة تقريباً، خصوصا مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي والنفط، وذلك في مواصلة لارتفاعه المستمر خلال العام الحالي بعد ان وصل الى مستوى 4.6 في المئة في شهر أكتوبر الماضي. ويتوقع البنك ان هذا المستوى العالي من التضخم لن يستمر خلال العام القادم، ويؤكد الخبراء ان معدل التضخم سوف ينخفض تدريجياً في الأشهر الأولى من العام المقبل، "لكن التضخم يمكن أن يظل فوق مستوى 3 في المئة لفترة طويلة."