رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ذكريات رحلة إلى بيروت (٢)

14-6-2017 | 13:15


بقلم –  سليمان عبدالعظيم

لهف الشاب المسلح بكلاشنكوف التابع لقوات وليد بك جنبلاط الـ ١٠ دولارات وتركنا فى حالنا .. وبسرعة راح فاروق عبدالحميد يسجل بالكاميرا الخراب والدمار الذى لحق بمحلات وبنايات الشارع الأشهر فى كل لبنان .. شارع الحمراء.. الشارع الذى كان يرتاده أبناء دول الخليج والفنانون والفنانات العرب قبيل أن تندلع نيران الحرب الأهلية فى لبنان!

 

مهمتنا الصحفية مدتها ١٠ أيام فقط.. ضاع منهما يومان كاملان فى دمشق .. من الفندق ركبنا تاكسى إلى مقر مجلس الوزراء، .. حراس المقر أرشدونى إلى المكان الذى أتخذه د. سليم الحص مقراً آمناً يمارس منه مهامه كرئيس للحكومة اللبنانية.. أدخلنا سكرتيره رغم أنه لم يكن هناك موعد محدد ودار جهاز التسجيل وكان حواراً سياسياً وصحفياً استغرق قرابة الساعة.

الحوار مع الدكتور سليم الحص ليس له معنى إلا أن يتم إجراء حوار مع القطب الآخر فى الحرب الضارية التى قسمت العاصمة بيروت إلى بيروت الغربية وبيروت الشرقية، حيث العماد ميشال عون قائد الجيش اللبنانى الذى يحاصره السوريون وكل الفصائل اللبنانية المسلحة فى قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية (بعبدا) الذى اتخذه العماد عون مقراً له وحصناً .. وأرادته القوات السورية المنتشرة فى لبنان ومعها هذه الفصائل المسلحة مكاناً تحاصر فيه عون الجنرال القوى حتى يستسلم استسلاماً!

إلى مقر السفارة المصرية فى حى الرملة ذهبنا.. هنا كان يجلس السفير عبدالحميد غالب الرجل الذى كان يتحكم فى بوصلة كل الفصائل اللبنانية فى زمن جمال عبدالناصر معشوق كل اللبنانيين هناك هنا استقبلنا عم دسوقى بكل لهفة قائلاً: كنتم فين؟! .. كنت أنتظركم فى نهاية طريق الشام الطريق البرى بين سوريا ولبنان.. وداخل مكتب القنصل العام أحمد عاطف السمودنى جرى هذا العتاب: كان المفروض أن تأتيا إلى السفارة مباشرة.. هنا فى بيروت أنتما مسئولان منى مسئولية شخصية وكل ما تريدونه سوف أرتبه لكما .. وفجأة التفت لمساعده يا دسوقى: روح الفندق مع الأستاذ سليمان وفاروق وتعالوا على البيت.. أنتما ضيوفى من الآن.

صباح اليوم التالى أخذت طريقى فى سيارة القنصل العام إلى حيث مقر دار الإفتاء.. أخيراً التقيت مع مديرها العام حسين القوتلى الرجل الذى كان يعرف من الذى اغتال الشيخ حسن خالد مفتى لبنان، ولكنه لم ينطق بالحقيقة خوفاً يومها من بطش اللواء غازى كنعان قائد المخابرات العسكرية السورية فى لبنان !

كان حسين القوتلى هو صاحب فكرة السفر إلى لبنان.. والحق أنه ساعدنى كثيراً فى الـ ١٥ يوماً التى قضيناها فى بيروت المحترقة بأيدى السوريين وعملائهم المحليين.. فى بيروت الغربية التقيت: رئيس الوزراء الأسبق رشيد الصلح فى فيلته وسماحة السيد محمد حسين فضل الله الزعيم الروحى لحزب الله اللبنانى الشيعى فى سكنه شبه العسكرى واللواء سامى الخطيب قائد الجيش اللبنانى فى بيروت الغربية .. وفى صيدا قابلت القطب الناصرى الذى فقد عينيه فى الحادثة المعروفة مصطفى سعد وشقيقه د. أشرف سعد الذى قاد بالوراثة تياره الناصرى واسع النطاق.

فى «الضاحية» شاهدت ميليشيات قوات الحرس الثورى الإيرانى تسيطر على الشارع والإنسان هناك.. كل شىء ينطق بالإيرانى.. المشهد والسلوك.. وكأن الضاحية انتقلت بمبانيها وسكانها إلى قلب مدينة قم بإيران!

الطريق إلى قصر الرئاسة فى بعبدا حيث العماد ميشال عون لم يكن سوى مغامرة خطيرة للغاية.. فالقصف المدفعى من وإلى شطرى بيروت كان على أشده .. ولكن المفاجأة التى كانت فى انتظارى أن هذا القصف المكثف توقف فجأة فى اليوم الذى ذهبت فيه لإجراء الحوار مع العماد عون، وعندما أبديت دهشتى من هذا الأمر للقنصل العام أحمد السمودنى كانت إجابته: هكذا تفعل المليشيات الفصائل المتقاتلة عندما يكون هناك رجال إعلام يتوقف القصف المدفعى .. وهنا اتفاق غير مكتوب بين المليشيات!!