حوار : إيمان النجار
عدسة: حسام عبد المنعم
«كونى مُحاربة».. مبادرة أسستها دعاء مصطفى إحدى مريضات السرطان منذ عام تقريبًا.. وهدف المبادرة قائم على مُحاربة مرض السرطان وعدم الاستسلام له، ومحاربة المشاكل الاجتماعية الناتجة عن إصابة شخص ما وبالأخص سيدة بمرض السرطان. والمبادرة ضمن مبادرات نسائية عديدة مُرشحة لبرنامج «الملكة». «المصور» التقت «دعاء» لتسرد تفاصيل المبادرة، قائلة: مبادرة «كونى محاربة» لدعم مرضى السرطان، أطلقتها منذ عام تقريبا واخترت لها هذا الاسم ليعبر عن واقع تعيشه مريضات السرطان، فنحن نحارب المرض ونعتبره شخصًا يهاجمنا، ونظل نحاربه دون استسلام ونعمل على هزيمته، وكلمة محاربة بها نوع من التحفيز والتحدى والسعى للانتصار على المرض.
مضيفة: الفكرة جاءتى بعدما عشت تجربة مريرة مع السرطان، بدأت منذ ٨ سنوات بمعرفتى بإصابتى بسرطان الثدي، الخبر كان صدمة بالنسبة لى والأكثر عندما ترددت على أكثر من طبيب، وكل منهم له مدرسته الطبية، منهم من رأى استئصال الثدى وحتى الرحم خوفا من انتقال المرض له، ومنهم من رأى استئصالا جزئيا، وانتهى الأمر بإجراء استئصال جزئى للورم مع جراحة تعويضية باستخدام عضلة من الظهر مكان الجزء المستأصل ليبدو الشكل العام طبيعيًا، لأن هذا الأمر مُتعلق بالجانب النفسى إلى حد كبير لدى السيدات عموما، واستمرت فترة العلاج عامين. وبعد فترة من الشفاء عاد المرض مرة أخرى فى أماكن متفرقة، فبدأ فى العظام، ثم فى الكبد فيما يعرف بالسرطان الانتشاري، ودخلت فى مرحلة حرب مستمرة مع المرض واعتمد على العلاج الهرمونى وبعد مقويات للعظام، وأحيانا العلاج الإشعاعى عندما تنشط بؤرة فى مكان معين وتلقيت العلاج فى أحد مستشفيات علاج السرطان بالمجان.
وتقول «دعاء» الحرب مازالت مستمرة منذ خمس سنوات وأقودها مثل غيرى كثيرات بنوع من البطولة، نخوض حربا أقوى من أى حرب، فالحرب مع شخص أمامنا أسهل بكثير من الحرب مع شخص مجهول، شيء موجود فى الجسم وسأظل أحارب حتى الموت، بالإرادة والتحدى والرغبة فى الحياة نحارب السرطان، رغم ما تعرضت له حياتى الأسرية لمشاكل مع الزوج بحجة المرض.. ففى بداية دعمنى ماديا وتحمل نفقات العمليات الجراحية وأستكمل العلاجات والأشعة والتحاليل بالمستشفي، لكنه لم يدعمنى نفسيا وزادت المشاكل، فى المقابل وجدت كل الدعم والمساندة من والدتى فتحملتنى وكانت ترعى أولادى طوال فترة علاجى، خاصة العلاج الكيماوي، فكانت فترة صعبة، رغم استمرار قلقها وبكائها، إلا أنها خير معين، أيضا إخوتى وأصدقائى كان لهم دور مهم وساندونى رغم حالة الذهول التى كانوا عليها وكنت أطلب منهم الدعاء، فكانت فعلا أياما صعبة، وصديقتى وابنة عمى كان لها دور هائل فلم تتركنى عند طبيب ولا جلسات العلاج، وكانت الداعم الأقوى لى فى مرحلة علاجي.
واستطردت «دعاء» بقولها «الحرب ليست فقط مع مرض السرطان، الحرب أيضا مع نظرة المجتمع لمريض السرطان، ومع المشاكل المجتمعية الناتجة عنه، فهناك حالات كثيرة لمريضات انفصلن عن أزواجهن أو طلقن بحجة أنها مريضة، أخريات يعشن فى مشاكل أسرية، ورغم وجود نماذج إيجابية لدعم الزوج، إلا أنها قليلة مقارنة بالنماذج السلبية التى يتخلى فيها الزوج عن زوجته بحجة مرضها، ونماذج أخرى لابتعاد الأصحاب والأصدقاء عن مريض السرطان، وهذا يظهر أكثر بين الرجال، مشاكل أخرى تتعلق بفقدان الدعم النفسى من المحيطين.
لافتة إلى أن كل هذه الأمور كانت دافعا لإطلاق المبادرة، خاصة أن الجانب النفسى مهم جدا لمريض السرطان، سواء الدعم النفسى فى مراكز ومعاهد الأورام وهو غير موجود أو الدعم النفسى المجتمعى من الأسرة والمحيطين به.. وبدأت من خلال المبادرة التواصل مع المحاربات فى محاولة للتخفيف عنهم وتقديم الدعم النفسى لهم.
وأشارت «دعاء» إلى أن المبادرة تهدف بشكل أساسى لتوعية وتصحيح مفاهيم خاطئة كالقول بأنه مرض معد، أو الصورة الذهنية الشائعة بأن مرض سرطان يساوى الموت، وبث مفاهيم إيجابية حول المرض وإمكانية الشفاء وإمكانية التعايش معه ومحاربته، وقبل كل هذا حب الحياة، موضحة أن الحالة النفسية مُرتبطة بالجهاز المناعى وإذا عمل بكفاءة يستطيع مهاجمة المرض ويكون بمثابة حائط سد له، ووصل عدد المشاركات فى المبادرة عبر «الفيسبوك» لنحو ٩٠٠ محاربة وكل يوم فى تزايد ومؤخرا انضم لها شابان.
وعن أهداف المبادرة، قالت «دعاء» من ضمن أهدافها إنشاء مركز أو مستشفى كبداية لمرضى السرطان ليس فقط لتقديم العلاج والأدوية، لكن أيضًا لتقديم الدعم النفسى والعلاج النفسى لبعض الحالات، أيضًا يضم جوانب ترفيهية مثل ورش رسم، وتريكو، وتصوير، حسب مواهب المرضى المترددين، كلها أمور لها دور فى الدعم النفسى لمرضى السرطان، وحاليًا أتحرك فى نطاق الإمكانيات المتاحة بتنظيم إفطار جماعى أو يومى ترفيهى.