رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الشاعر والإعلامي علي عطا يتحدث عن روايته «حافة الكوثر»

14-6-2017 | 18:52


ثلاثة دواويين شعرية ومكانة متميزة في العمل الصحفي هي حصيلة الشاعر والإعلامي علي عطا قبل أن يطرح روايته الأولى "حافة الكوثر" التي تتماس مع السيرة الذاتية شانها شان معظم الروايات الأولى، بيد أن "عطا" لديه إصرار أن روايته إن كانت تقترب من فن السيرة لكنها ليست ذاتية بالمعني المفهوم فهي تسبرأغوار نماذج إنسانية جمعتها الصدفة لتعيش في مكان ينتهي إليه كل من لازمه الحزن والاكتئاب هو "مصحة الكوثر".

في حوار عقب توقيع روايته الأولى، فتح علي عطا قلبه لـ«الهلال اليوم»، وتحدث عن تجربة المرض النفسي التي مر بها والأسباب الحقيقية التي دفعته إلى كتابة رواية من هذا النوع الأدبي المسكوت عنه في بلادنا، وغيرها من المحاور .

تعتبر كتابات السيرة الذاتية من الإبداعات المسكوت عنها في الأدب العربي، هل وضعت ذلك في اعتبارك قبل كتابة الرواية؟

بداية الرواية لاتدخل في أطار أدب السيرة بالمعنى المفهوم، صحيح أن قلة من الكتاب العرب هم من كتبوا السيرة الذاتية ولم يكشفوا كل مكنون تجربتهم الشخصية، نظرًا لمحاذير منها العادات والتقاليد والموروث، لكن الرواية تكشف خبايا المرض النفسي لدى أشخاص وإن اختلفت أسباب مرضهم، إلا أنهم ضحية لنظرة المجتمع التي مازالت قاصرة تجاه فكرة المريض النفسي الذي يصنف كمواطن درجة ثانية، بل يعتبره الكثيرون "مجنونًا" إن كشف عن معاناته.

هل بالضرورة أن يكون الكاتب قد مر بتجربة شخصية ليكشف عن معاناة أبطال أعماله وهل البطل "حسين" ؟

أعترف أن ما دفعني لكتابة الرواية في المقام الأول تجربة شخصية مررت بها أوصلتني إلى حالة من الاكتئاب، فقررت ساعتها أن أكتب عن هذا المرض وأسبابه وبحثت في كثير من المراجع والأبحاث التي تناولت هذا الموضوع وخرجت بنتيجة مؤسفة، وهي أن مصر تزخر بأعداد كبيرة من المرضى النفسيين، لكن معظمهم مسكوت عنهم، والرواية تطرح أسئلة كبيرة حول هذا المرض وهي فيض التجربة وإن تنوعت تفاصيلها، وهي ليست سيرة ذاتية لكنني اتكأت على نسج العمل من واقع تجربتي الخاصة وأشخاص آخرين مروا بتجربة الاكتئاب .

تستدعي الرواية من الماضي أكثر ما تتحدث عن اللحظة الآنية، عن ماذا تدور؟

الرواية تحكي عن "حسين" الذي مر بتجربة الاحتجاز في مصحة لعلاج الأمراض النفسية وتدعى "مصحة الكوثر" في ضاحية المعادي .

يتبادل مع صديق له مقيم في ألمانيا، الرسائل حول هذه التجربة ويتفرع التواصل لأمور شخصية وعامة تؤرق البطل وصديقه المنفي إلى ألمانيا "طاهر يعقوب"، يستدعي البطل محطات مرت في طفولته في مدينة المنصورة ويستدعي طوال الوقت علاقته المتأزمة مع زوجته بما يدفعه إلى إقامة علاقة مع امرأة أخرى ويتزوجها، وبدلًا من أن يجد ما يعوضه عما ما فقده في تجربته الأولى، يجد معاناة إضافية مع زوجته الجديدة، كما يسرد علاقته بالثورة .

صورت الرواية العلاقات المهترئة بالوسط الثقافي، هل تراها بهذا الشكل بالفعل أم مخيلة الراوي تتدخل أحيانًا؟

هذا واقع نراه يوميًا، فهناك ضحايا يتساقطون داخل الوسط الثقافي يومًا بعد يوم، دون أن يلتفت إليهم أحد، وهنا تدخل خيال الروائي في نسج قصة من الواقع المحيط، فتصورت أحدهم قابعًا في مكان ما بمصحة "الكوثر" على أمل التخلص من أزمته النفسية، وربما ليبتعد عن العالم القاسي.

كونك صحفيًا بالأساس ثم شاعرًا، هل أفادك ذلك حين شرعت في كتابة الرواية؟

لاأنكر إني قد أستعنت بخبرتي في الكتابة، وبالطبع دراية الكاتب بمواضع الكلمات وترتيب الجمل وصياغتها أمر مفيد وأيضًا لم تخلُ الرواية من بعض الشاعرية على قول البعض.

تأتي الرواية بعد 3 دواوين شعرية لافتة، لماذا لم تطرح موضوعها شعريًا؟

تأتي الرواية بعد 3 صدور 3 دواوين شعرية بدءًا من ديواني الأول "على سبيل التمويه" 2003 عام ثم" ظهرها للحائط 2007" "تمارين لاصطياد فريسة" عام 2013 ثم الرواية الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية 2017، وموضوع الرواية لا يتلائم طرحه مطلقًا في ديوان شعري لأنه يحكي قضية هامة تكتنفها مشاعر عميقة وتفاصيل كثيرة لا يمكن أن يقوم عليها ديوان شعري.

ثمة رمزية تربط بين عنوان الرواية "حافة الكوثر" وبين دلالة دينية لنهر الكوثر، ماذا قصدت من ذلك؟

ربما لخصت ذلك الربط في عبارة على الرواية وضعتها على غلافها الخلفي تقول: "هل يمكن يا الله أن يصبح الكوثر وطنًا بديلًا لناسه الوافدين إليه رغمًا عنهم من كل صوب وحدب؟ هو بات كذلك بالفعل، ولا بديل له إلا شوارع لا ترحم ساكنيها".

من خلال مشاهداتك لتحضير الرواية، ما الذي تكشف لديك عن عالم المرض النفسي؟

المعلومات عن المرض سطحية جدًا لا تمت للعلم بشئ، معظمها لا علاقة له بالحقائق العلمية وهو ما أثار اهتمامي لنقل الصورة الحقيقية لواقع هؤلاء المرضى، وعددهم كبير جدًا على مستوى العالم، اكتشفت أيضًا أن المريض النفسي يحتاج إلى الدعم العائلي، لكننا للأسف مازلنا ننظر في مجتمعاتنا للمرض النفسي على أنه وصمة، وكثير من العائلات تجد حرجًا في أن يعرف أحد أن شخصًا بين أفرادها مريضًا نفسيًا.

ما الرابط الذي جمع بين أبطال روايتك"حافة الكوثر"؟

"الرابط بين كل هذه الشخصيات فقدان التعاطف والحماية للشخص في هذه الظروف، وهو ما يفاقم من خطورة المرض النفسي ويفاقم أعداد المصابين به، لأن هذا المرض في أوقات كثيرة يكون له اسباب بيولوجية ووراثية، ووفق الدراسات هناك من لديهم استعداد للمرض أكثر من غيرهم".