رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مصر خالية من المخدرات

9-12-2021 | 20:02


عبد الرازق توفيق,

يستحق القضاء المصرى الشامخ التحية على العدالة الناجزة فيما يتعلق بجريمة الإسماعيلية التى هزت مجتمعنا من فرط بشاعتها ووحشيتها بما يتعارض مع أدنى معايير الإنسانية.. لكن لا يجب أن نتوقف أو نكتفى بهذا الحكم التاريخى والناجز.. لابد أن نعيد حساباتنا المجتمعية.. ونمتلك الرؤية والإرادة وندشن مشروعاً قومياً لتكون (مصر خالية من المخدرات) حتى نطمئن  على الحاضر والمستقبل.. ولا نلقى بأبنائنا فى براثن الإدمان والتعاطى ليغيب عنهم  العقل والضمير والإنسانية.. أو نسلمهم للضياع ونخلق أجيالاً ضعيفة تهتز بمجرد مشكلة عابرة.. نحتاج رؤية عميقة وشاملة لا يستثنى منها أحد لضمان القضاء على هذه الآفة الخطيرة  وفق أسس علمية ونفسية وأدوار تؤديها جميع مؤسسات المجتمع.. من خلال مواجهة بلا توقف أو هوادة.

 

نحتاج مشروعاً قومياً للقضاء على هذا الخطر الداهم  الذى يهدد سلامة وأمن المجتمع وفق رؤية وإرادة

 

مصر تعيش عهداً جديداً فى كل المجالات.. لا مجال لضياع الوقت أو التباطؤ.. أو التخلف عن الركب نحن أمام دولة تسابق الزمن بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. يكفينا ما ضاع خلال العقود الماضية.. الرئيس أمس الأول خلال المنتدى العالمى للتعليم العالى يؤكد سنقاتل من أجل جودة التعليم فى بلادنا.. نعم فقد تأخرنا كثيراً.. والفارق كبير ونحتاج إيقاعاً مختلفاً وإرادة صلبة ورؤية شاملة لتعويض سنوات كثيرة ضاعت بسبب التفرغ لمقاومة الغلو والتشدد والأفكار البالية التى خلفتها جماعات الضلال والإرهاب فى تعطيل مسيرة الدولة وعدم وجود الاستقرار بسبب تهديدات هذه الجماعات الضالة.

فى مصر كل شىء يمضى بتناسق وتناغم وبوتيرة سريعة وبجودة عالية بأعلى المعايير والمواصفات العالمية.. ترى هذه المبادئ فى كل ما تقوم به الدولة من مشروعات قومية وإصلاح وتطوير فى كافة المجالات والقطاعات وفى كل ربوع البلاد بما يتواكب مع الأحدث فى العالم.

التطوير والتحديث لا يقتصران فقط على الأمور والمجالات المادية.. لكن فى كل ما يتعلق بحياة المواطن وسلامة المجتمع.. والأمس كان يوماً فارقاً ومضيئاً فى مسيرة العدالة المصرية الناجزة التى تعد شعاراً للجمهورية الجديدة.. فحكم القضاء المصرى الشامخ صدر بعد 37 يوماً فى سابقة هى الأولى من نوعها فى قضية عبدالرحمن دبور المتهم فى حادث مذبحة الإسماعيلية والشهير بـ«سفاح الإسماعيلية» بإحالة أوراقه لفضيلة المفتى وحددت جلسة 5 يناير القادم للنطق بالحكم بعد 37 يوماً من ارتكاب الجريمة الشنعاء التى هزت المجتمع المصرى وتحقيقات النيابة المتواصلة وفق صحيح القانون ليتم تقديم المتهم إلى المحاكمة بكامل الأدلة.

الحقيقة إن هذه العدالة الناجزة هى أهم عنصر فى الردع المجتمعى الذى انتفض على الفور رافضاً هذا السلوك الوحشى البربرى الذى يكشف عن جبروت وافتقار لأدنى المعايير الإنسانية وهو أمر غريب وشاذ على المجتمع المصرى الذى يتسم بالتسامح والطيبة والتعايش والرحمة.

العدالة الناجزة تعد إشارة جديدة إلى حالة التقدم التى تعيشها الدولة المصرية فى كامل مؤسساتها فلا مجال للعدالة البطيئة.. لأن حق المجتمع هو إنفاذ القانون على كل من يهدد أمن وسلامة المجتمع وترويع الناس والخوف من المجهول.. فكان هذا القرار رادعاً لكل من تسول له نفسه السلوك الإجرامى الوحشى الذى يضرب بعرض الحائط أى نوع من الإنسانية ويرسخ لسلوك الغاب.

إذا كان القضاء المصرى الشامخ يستحق التحية والإجلال والتقدير على العدالة الناجزة.. ولعل ما سمعته من المستشار عمر مروان وزير العدل إنه لن ينتهى العام القضائى إلا بإنجاز كافة القضايا المتداولة فى المحاكم مشيراً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لا يتوقف عن دعم القضاء المصرى والعدالة الناجزة وتوفير الإمكانيات والتوجيه الدائم بالتحديث والتطوير ومواكبة التكنولوجيا الحديثة وتطبيق الرقمنة.. وهو ما أدى إلى تطوير غير مسبوق فى منظومة القضاء المصرى.. لكن لا يجب أن تمر هذه القضية دون أن نتوقف أمامها بالدروس والعبر والرؤية الثاقبة لمواجهتها ولضمان عدم تكرارها.. فالأمر لا يجب أن يتوقف عند حكم القضاء وعدالته الناجزة بل لابد أن يتحرك المجتمع بجميع مؤسساته نحو الإصلاح الحقيقى.. وعدم السماح بتكرار هذه المشاهد اللا إنسانية والكارثية بآثارها وتداعياتها الخطيرة على المجتمع من خلال الآتى:

أولاً : لابد أن نتبنى جميعاً مشروعاً قومياً لإعلان مصر خالية تماماً من المخدرات وهنا يجب تضافر جهود الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها لعدم السماح بنفاذ أى نوع من أنواع المخدرات وأخطرها اللعين (الشابو) الذى يحول الإنسان إلى وحش كاسر.

ثانياً: حسناً فعلت الدولة فى الكشف عن المخدرات لدى السائقين وغيرهم من الفئات لكن لا يجب أن يكون العقاب فقط هو سحب الرخصة أو العزل من الوظيفة ولكن أيضا عزل هذا المواطن فى وحدات صحية لمدة شهر على الأقل وعلى نفقته أو قطعاً من نصيبه فى الدعم.. لضمان خلو جسمه من المخدرات.. ثم يعود مواطناً سليماً لا يعانى من آثار المواد المخدرة سليم البدن والعقل.. ومتابعته دورياً.

ثالثاً: تشديد الرقابة على الصيدليات وعدم السماح بصرف الأدوية التى تحوى مواد مخدرة إلا بروشتة الطبيب وتحت إشرافه.. وأيضا تشديد الرقابة على المقاهى.. أيضا التفتيش المفاجئ على الورش الحرفية.. وتشديد الرقابة على الأحياء الشعبية.. والمنتجعات السياحية والمصايف بجميع أنواعها فى الساحل الشمالى والبحر الأحمر والجونة وغيرها والسهرات والفنادق.. حتى نضمن أنه لا توجد فئة تستطيع الحصول على المواد المخدرة.. والرقابة والتفتيش على كافة فئات المجتمع.

رابعاً: التوقف تماماً عن إبراز أو تضمين مشاهد تعاطى المخدرات فى المسلسلات والأفلام السينمائية أو حتى التدخين.. ومنع الأعمال الفنية التى تشجع على البلطجة والاتجار فى المخدرات وتبرز هؤلاء وكأنهم أبطال ورموز وقدوة.

خامساً: لابد من تضمين مبادرة 100 مليون صحة تحليل الكشف عن المخدرات.. والتوسع فيها فى الجامعات والمدارس.. وحتى رواد المستشفيات لابد من إجراء التحليل عليهم.. وجماهير الكرة والرياضة.. وكذلك توقيع اختبار كشف المخدرات على المواطنين الذين يتلقون العلاج على نفقة الدولة.. وعدم قضاء أى خدمة جماهيرية إلا بعد توقيع هذا الاختبار.

سادساً: تشديد الرقابة على المنافذ وأيضا المطارات خاصة المطارات الإقليمية فى المحافظات فى ظل ما يتردد خاصة فى الصعيد عن دخول مخدر «الشابو» من دولة خليجية عبر أحد المطارات الإقليمية فى المحافظات.

سابعاً: التوسع فى حملات التوعية بالمخدرات فقد حققت حملة النجم العالمى محمد صلاح نجاحاً كبيراً على حد علمى وهناك العديد من النجوم الذين لديهم جماهيرية بين المواطنين يستطيعون إحداث أثر كبير فى إقناع الشباب بعدم تعاطى المخدرات أو التفكير  فيها.

ثامناً: قيام المؤسسات الدينية بدورها فى توعية الناس بمخاطر الإدمان وتعاطى المخدرات من خلال خطبة الجمعة وعظة الكنيسة وأيضا الندوات الدينية والثقافية فى الجامعات والمدارس ومراكز الشباب.

تاسعاً: قيام الإعلام بتسليط الضوء على خطر وكوارث المخدرات وعواقبها على سلامة عقل الإنسان ومستقبله ومخاطرها الصحية وتأثيرها السلبى على مستقبل الأسرة.. وأنها ليست الحل فى مواجهة المشكلات وأن اللجوء إليها ضعف يزيد الطين بلة ويؤدى إلى نتائج وخيمة ويزيد من تعقيد المشكلة بل وحياة الشخص نفسه.

عاشراً: الاستمرار فى وضع شعار لا للمخدرات فى كافة وسائل الإعلام والإعلان.

حادى عشر: التوسع فى إنشاء عيادات ومراكز الصحة النفسية وتطويرها.. وجعلها تتمتع بالسرية والخصوصية وأيضا تخصيص موقع أو وسائل إلكترونية للحديث مع الشباب والمساهمة فى حل مشاكلهم وفتح طريق نحو إيجاد الفرص لديهم وإكسابهم مهارات خاصة فى بعض الأعمال وأيضا التوسع فى توقيع أو إجراء الكشف عن المخدرات فى أوساط الحرفيين والمهنيين وأيضا شمول هذا الاختبار للالتحاق بجميع النقابات المهنية وإجراء الكشف أو التحليل نفسه على الأعضاء سنوياً وعدم منح الكارنيه أو تجديده قبل الكشف ونفس الحال ينطبق على أعضاء الأندية الرياضية أو زوارها وبإشراف وزارة الصحة لا غيرها حتى لا يمكن شراء التحليل السلبى بأى وسيلة أخرى.

لابد أن يكون مشروعنا هو القضاء على المخدرات كما فعلناها فى الكثير من الإنجازات المبهرة سواء فى القضاء على فيروس «سى» وقوائم الانتظار والعشوائيات فلدينا الرؤية والإرادة أن نجعل من مقاومة هذا الخطر والقضاء على المخدرات وأن تكون مصر خالية من المخدرات هو أسلوب حياة.. لأن خطر الإدمان والتعاطى يعد قنبلة موقوتة.. تترجم فى حوادث طرق كارثية أو جرائم قتل وذبح لا إنسانية أو جرائم عائلية.. وهذا نوع من الأمراض أخطر من أمراض تتعلق بشخص واحد.. فالمخدرات مرض يهدد مجتمعاً وليس شخصاً أو فرداً بعينه.

تحيا مصر