رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حماس الخاسر الأكبر من عزل قطر

15-6-2017 | 11:26


بقلم –  نجوان عبد اللطيف

 

“حماس”حركة المقاومة الإسلامية هى الاسم الذى يتردد كثيرا هذه الأيام مع حركة «الإخوان المسلمين» كنموذج للحركات المتطرفة أو الإرهابية كما يصنفها البعض،المدعومة من قبل قطر، والتى يتم عزل قطر بسبب هذا الدعم لها ولحركات وتنظيمات أخرى مثل طالبان والقاعدة ممثلة فى جبهة النصرة فى سوريا، والعديد من الميليشيات المسلحة فى العراق وليبيا وبعضها على علاقة بتنظيمى القاعدة وداعش .

حركة حماس كما قال أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين محشورة فى حجر الزاوية، بعد فرض العزل سياسيا واقتصادياًعلى إمارة قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر وغيرها، وبعد أن تناولها الرئيس الأمريكى ترامب بالاسم كحركة مصنفة من قبل الولايات المتحدة الأمريكة كتنظيم إرهابي.

 

كما صرح وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير “أن الكيل قد طفح من سياسات قطر، وأن على الدوحة وقف دعمها لجماعات كحماس والإخوان المسلمين.

حماس بالفعل فى موقف لا تحسد عليه، وهو ما عبر عنه د. موسى أبو مرزوق أحد أبرز قياداتها قبل يومين عقب لقائه برئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى أثناء زيارته للبنان، قال”حماس تعرضت إلى ضغوط مختلفة لفترات طويلة من هنا وهناك، من خارج إطار الوطن العربي وإقليمنا ومن الداخل أحيانا، لكن حماس قادرة على تجاوز كل الضغوط بمسئولية كبيرة، ولن يكون هناك أي توجه بأن نختلف مع أي قطر من الأقطار”

وقال «سنصمد أمام هذه المتغيرات دون تنازل مهما كان حجم الضغوط، وسنبقى متمسكين بحقنا، ولن تنال من شأن القضية الفلسطينية مهما كانت الأوضاع.

وأضاف أن «الخلافات ا لعربية شأن داخلي، وستبقى القضية الفلسطينية عنوانا وقبلة سياسية للجميع”

من الواضح أن تداعيات هذه الأزمة على حركة حماس شديدة الوطأة، ومن ثم بدأت تحركات دبلوماسية سريعة بعضها بدأ قبيل الأزمة بأيام، فى القاهرة جاء وفد رفيع المستوى برئاسة «يحيى السنوار» مسئول قطاع غزة فى الحركة والتقى مسئولين مصريين، وأشارت مصادر قريبة من حماس إلى أن الحوارات تناولت مشكلة معبر رفح وانتقال الأفراد والتعاون الأمنى، وعلى جانب آخر أعلن أسامة حمدان مسئول العلاقات الخارجية لحماس أن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس سيقوم بزيارة لإيران، فى أول زيارة لمسئول كبير فى حماس على هذا النحو، منذ أكثر من ٥ سنوات على إثر تدهور العلاقات بسبب موقف حماس من الأزمة السورية ضد بشار الأسد.

قطر هى الداعم الرئيس لحكم حركة حماس في السنوات الأخيرة في ظل تدهور العلاقات بين حماس وإيران وخروجها من سوريا الحليف الأكبر لها والحاضن لقياداتها على أرضه والذى كان يكفل لها الدعم السياسي واللوجستى، كما حدث ترد كبير فى العلاقات بينها وبين مصر عقب ثورة ٣٠ يونيه ونهاية حكم الإخوان، بالإضافة لتراجع الدعم التركى لتخفيف الحصار على غزة في أعقاب اتفاق المصالحة التركية الإسرائيلية، وانشغال أردوغان بالوضع الداخلى لتركيا عقب فشل الانقلاب.

إذن قطر هى تقريباً الوحيدة التى استمرت فى دعم حركة حماس، وفى توطيد حكمها لقطاع غزة بتوفير الكثير من المال لشراء احتياجاتها، مع وجود سفير لها هو المسئول عن إعادة إعمار غزة بعد حرب ٢٠١٤، وهو الذى يقوم بصورة أو بأخرى بالوساطة بين حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، قطر هى تقريباً الدولة العربية الوحيدة التى دعمت انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية فى غزة ٢٠٠٧ وكان حمد بن جاسم وزير خارجيتها قد قام بزيارة غزة قبل هذه الأحداث بأسبوعين فقط!

قطر لم تكن فقط داعمة بالمال لحركة حماس، بل قامت باحتضان قياداتها فى الخارج الذين اضطروا لمغادرة دمشق على إثر اندلاع الثورة فيها فى ٢٠١١، ولبعض قياداتها العسكرية مثل صالح العارورى .

ولعل أول الخطوات التى تشير لأن حماس ستدفع الكثير بسبب عزل قطر، أن قطر طالبت العارورى واثنين من القيادات العسكرية بمعادرة أرضها بعد ضغوطات مورست عليها من قبل إسرائيل، وذلك قبل أيام من إجراءات قطع العلاقات من قبل الدول الخليجية الثلاث ومصر، وهو القيادى الذى أبعدته إسرائيل منذ ٧ سنوات من فلسطين، وذهب إلى تركيا التى طالبته بالرحيل قبل ان يتوجه لقطر، تلبية لضغوطات أمريكية، ورغم نفى حماس لمطالبة قطر لها بمغادرة بعض قياداتها، إلا أن مصادر قريبة منها أكدت فيما بعد بخروج العارورى، كما أذاعت قناة تليفزيونية إسرائيلية أنه خرج إلى لبنان وأن قطر طالبت حماس بعدم القيام بأية أعمال عدائية ضد إسرائيل من على أرضها، حيث تتهم العارورى بالتخطيط لعمليات مقاومة تنطلق من الضفة الغربية .

المحلل الإسرائيلي للشئون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل قال: إن تراجع الدعم القطري لحماس في أعقاب الأزمة الخليجية قد يدفع الحركة للتصعيد في الصيف القريب، على خلفية أزمة المياه والكهرباء المتفاقمة في القطاع.

بالإضافة لإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقليص الدعم المالي لموظفي السلطة في غزة، ووقف الأموال لإسرائيل مقابل الوقود اللازم لمحطة القوة في غزة، وعدم نية نتنياهو دفع هذه الأموال بدل السلطة.

وخلص المحلل الإسرائيلي إلى القول بأن هذه الضغوط المتراكمة ستؤدي إلى قطع الكهرباء في غزة لمدة أطول، وإلى ضائقة في المياه؛ قد تدفع الحركة إلى تصعيد عسكري ضد إسرائيل، وذلك سيكون “حماقة كبيرة” حسب هرئيل. إذن الخيار العسكرى وهو الأصعب أمام حماس مفتوح، ولكن مصادر مقربة تؤكد أن حماس لن تقدم عليه خاصة و ليس لديها صديق تعتمد عليه.

نعود لقطر وطبيعة علاقتها بحماس من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى والتى يصفها البعض بالشيزوفرانيا السياسية ولكنها فى الواقع تخدم الرؤية السياسية لقطر الإمارة الصغيرة التى أرادت اللعب مع الكبار ليكون لها مكان بينهم فانهارت عليها اللعبة .

فى تسريبات الأمير” تميم» الأخيرة التى كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، قال ما معناه إن لقطر علاقات قوية بحركة حماس وأخرى جيدة بإسرائيل وإن قطر ليس لها أعداء، فى إشارة واضحة إلى أنها لا تعتبر إسرائيل عدوا لها .

قطر هى الدولة الأولى التى هرولت لعلاقات تجارية مع إسرائيل بعد أوسلو وتبادلت إنشاء المكاتب التجارية فى منتصف التسعينيات، وكان لقاء المسئولين من البلدين متواصلا.

وتقوم الآن شركات إسرائيلية بالمشاركة فى تجهيزات البنية التحتية لمنشآت كأس العالم المفترض أن تستضيفه قطر فى ٢٠٢٢.

«لوري بلوتكين بوجهاردت» الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، “إنه للمفارقة فإن منطق قطر في التعاطف مع أعداء إسرائيل الأبديين يعتمد على نفس الاستراتيجيات التي أدت بها إلى تشكيل علاقات مفتوحة مع إسرائيل في التسعينيات.

«نهج قطر الأساسي فيما يتعلق بأمنها هو أن تحافظ على علاقات ودية مع مجموعة كبيرة من اللاعبين السياسيين والبلدان.

قطر تدعم حماس كفرع من الإخوان المسلمين الجماعة التى احتضنتها من المحيط إلى الخليج.

الأمريكان وقطر راهنوا على صعود التنظيمات الإسلامية خاصة الإخوان إلى سدة الحكم فى عدة بلدان عربية بعد ثورات الربيع العربى مثلما حدث فى البدايات فى تونس ومصر. ولكن قطر شطحت فى هذا الاتجاه إلى حد دعم داعش والقاعدة بما يتجاوز الخطوط التى رسمها الأمريكان.

يقول جوناثان شانزر، نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: إن دعم الإسلاميين على المدى الطويل كان رهانا خاسرا، ويشير إلى الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر وبتحول المد ضد المتمردين في سوريا، وكذلك إلى الاشمئزاز الدولي من أعمال المتطرفين الإسلاميين في العراق.

وقال «من الصعب تبرير وجود قاعدة أمريكية على بُعد عدة أميال من سفارة طالبان، ومقر خالد مشعل. علاقة حماس بتنظيم الإخوان المسلمين فى مصر كانت العصا التى انكسرت عليها العلاقة مع مؤسساتها المختلفة، ورغم أن بعض قياداتها ومنها أسامة حمدان أكد لى فى عدة مقابلات عدم وجود علاقة تنظيمية وأن حماس تنتمى فكرياً فقط للإخوان، ولكنها فى الأساس حركة تحرر ومقاومة، وأشار إلى بعض الاختلافات المهمة بينهما حيث تقدر حماس جمال عبد الناصر كزعيم قومى، ولكن دعم حماس للإخوان فى مصر وتأييدها لها أثناء ٣٠ يونيه، فضلا عن اتهامات الجهات الأمنية لها باستخدام الأنفاق لمساعدة الإرهابيين، خلق حالة من الغضب المصرى، وتحاول الآن حماس استعادة ثقة مصر من جديد خاصة بعد الأزمة القطرية.

حماس تسعى الآن لإعادة الداعمين لها القدامي مصر من ناحية، وهو أمر يحتاج منها إلى تعاون على الأرض كانت مصر قد طالبتها بتسليم بعض الهاربين إليها المتهمين فى أعمال إرهابية، وغلق الأنفاق، والتنسيق الأمنى.

ومن ناحية أخرى تحاول استعادة الدعم الإيرانى الذى فقدته بسبب دعمها للتنظيمات الإسلامية السنية فى سوريا ضد بشار الأسد، وهو أمر ليس باليسير، إلا أن وجود إسماعيل هنية على رأس الحركة وهو القريب من الإيرانيين ربما يفتح الطريق.

حماس فى «خانة اليك» بعد الحصار المفروض على قطر، هى حالياً تدفع الثمن وأى مصالحة عربية قطرية، ستكون حماس أيضا هى أول من سيدفع ثمنها.