استراتيجية إعلامية.. للقمة العالمية للمناخ
من المهم وفى ظل الاستعداد المبكر للدولة المصرية لاستضافة القمة العالمية للمناخ (كوب ــ27) وهو ما يجسد الإدراك الحقيقى لقيمة الحدث والثقة الدولية والمكانة المرموقة لمصر الحديثة.. أن نبنى استراتيجية إعلامية أو رؤية أو خطة تتضمن كافة الأبعاد والمحاور والإمكانيات لضمان وصول الرسائل المصرية إلى دول وشعوب العالم .. التى تعكس قدرتها وتطورها وثرواتها وتقدمها وإمكانياتها وفرصها الثمينة فى كافة المجالات.. خاصة أن العالم سيتجه إلى مصر.. ومن المهم اطلاعه على إنجازاتنا ونجاحاتنا وما نملكه من قدرات فى السياحة والاستثمار.. والتعريف بما أنجزناه وبنيناه فى كل المجالات والقطاعات.. دور الإعلام سيكون فى منتهى الأهمية إلى جانب جهود الدولة الخلاقة والمبكرة لإخراج هذا الحدث بما يليق بالجمهورية الجديدة.
من أجل رسم «صورة ذهنية» لمصر دوليًا.. تليق بمكانتها وتعمل على تسويق قدراتها وثرواتها..وفرصها الثمينة فى كافة المجالات
استراتيجية إعلامية.. للقمة العالمية للمناخ
إذا كانت قوى الشر قد استخدمت الإعلام فى تدمير وإسقاط الدول..وتغييب الشعوب والاحتلال الفكرى والثقافى للعقول.. وتزييف الوعى.. وجعلت منه أهم أدوات وأسلحة حروب الجيل الرابع باستغلال الطفرة الكبيرة فى تكنولوجيا الاتصال.. فإن الإعلام أيضاً له العديد من الفوائد العظيمة والإيجابيات المهمة فهو إحدى وسائل حماية الدول من خلال تحصين عقول شعوبها ضد الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك وبث الفتنة وترويج الإحباط واليأس ومحاولات الوقيعة بين الأنظمة والشعوب من خلال اختلاق وقائع غير موجودة على أرض الواقع وهنا يؤدى الإعلام دور الحماية والحفاظ على الدولة من خلال المعلومات الصادقة والحقيقية والالتزام بأعلى درجات المصداقية والشفافية وأن يكون جسراً للتواصل بين القيادة والشعب أو الحكومة والمواطنين.. وأيضاً إبراز جهود الدولة وإنجازاتها ونجاحاتها.. وقراراتها وما تقدمه للمواطن.. وتبنى عملية بناء الوعى الحقيقى لدى المواطنين من خلال شرح واستعراض التحديات المحلية والإقليمية والدولية.. وما يحدق بالوطن من تهديدات ومخاطر والكشف عن حقيقة ما يدور فى الفلك الإقليمى والدولى وما تستهدف به الدول من أطماع.. وما ينشب من صراعات.
تحدثت من قبل فى مقال سابق تعليقاً على احتفالية افتتاح طريق الكباش ودور الإعلام فى رسم صورة ذهنية لمصر لدى العالم وكافة شعوب الأرض عن عظمة مصر قديماً وإنجازاتها حديثاً وما تشهده خلال هذا العصر من تقدم وبناء للدولة الحديثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكن السؤال المهم.. بما أن الدولة المصرية بكافة وزاراتها ومؤسساتها بتوجيهات من القيادة السياسية بدأت الاستعداد مبكراً ربما قبل عام من استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ «كوب-٧٢».. وهو إدراك حقيقى لقيمة وعظمة هذا الحدث الدولى والأممى الأبرز.. وما يمثله لمصر من مكانة مرموقة وثقة دولية ومكاسب عظيمة ورغبة وإرادة قوية ورؤية واضحة لتحقيق أكبر استفادة للدولة المصرية من خلال استضافة وتنظيم هذه القمة العالمية التى يتواكب ويتزامن معها حدث عظيم آخر هو افتتاح المتحف المصرى الكبير.
إذن مصر قيادة وحكومة أدركت أنها أمام تحد كبير وعظيم وحدث جلل.. واختبار دقيق.. لذلك قررت القيادة السياسية وضع هدف استراتيجى لهذه القمة هو تحقيق النجاح الكبير والهائل ومتابعة كل التفاصيل وصياغة خطط عمل تخصصية للإعداد للقمة من كافة الجوانب وما نخرج منه أن هدف الدولة واضح.. وإجراءاتها ووسائلها وآلياتها لتحقيقها أكثر وضوحاً وتبذل جل جهودها لإخراج هذا الحدث بما يليق بمصر ويحقق جميع أهدافها فى مجالات عديدة.. لكن السؤال الذى أطرحه على المؤسسات الإعلامية هل هناك مواكبة لإدراك الدولة بأهمية هذا الحدث.. هل بدأنا التفكير فى وضع رؤية أو استراتيجية إعلامية للقمة.. وكيف نستطيع أن نترجم الأهداف التى وضعتها القيادة السياسية إلى رسائل للعالم عن مصر لرسم ملامح الصورة الذهنية التى نريدها عن مصر.
من أهم أدوار الإعلام هو تسويق قدرات الدولة وإمكانياتها وما وصلت إليه من تقدم وتطور.. ومن أهم هذه القدرات بطبيعة الحال هى الإمكانيات السياحية الهائلة فى مصر التى تضم مكونات كثيرة وغزيرة سواء السياحة الأثرية والمتاحف المفتوحة والشاطئية والعلاجية والدينية والطقس المثالى والمعتدل فى مصر على مدار العام.. إضافة إلى إبراز حجم التقدم والتطور فى مصر فى مجال البنية التحتية من شبكة طرق حديثة ووسائل نقل عصرية.. وفرص استثمارية عظمى من خلال مشروعات قومية عملاقة فى كل ربوع البلاد.. ومدن ذكية عصرية وموانئ ومطارات.. وما تملكه مصر من عناصر للإبداع والجمال وهنا تبرز أهمية «الصورة» على الشاشات.. وآلية التواصل مع الإعلام الأجنبى.. وهل أعددنا العدة لاستقبال الإعلام الدولى بكافة وسائله ومن الممكن ترتيب زيارات تسبق الحدث للتعرف على مصر الحديثة الدولة الجديدة التى أسسها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع شعبه لتكون مفخرة تضاهى وتنافس الدول المتقدمة.
الحقيقة أننا نحتاج الإعلام.. أو بالوصف الدقيق الرؤية والاستراتيجية الإعلامية لكافة مشروعاتنا القومية العملاقة وأحداثنا وفعالياتنا الدولية والعالمية.. ولخططنا وتنميتنا المستدامة.. فهذا الجانب يكاد يكون غائباً فى معظم الأوقات ولا يكون حاضراً فى الكثير من أمور ومشروعات وأحداث عالمية ودولية تستعد الدولة لاستضافتها وتنظيمها.
نستطيع من خلال الإعلام المحلى.. أن نجذب الإعلام الدولى ونحقق مكاسب عديدة لمصر لا تقدر بمال ترسم صورة وتعكس قوة وقدرة مصر بل وتبعث برسائل مهمة للعالم أن لدى مصر قدرة على التنظيم الإعلامى المبدع للأحداث العظيمة الدولية والعالمية فى مصر لذلك من المهم ان يسبق تنظيم واستضافة مصر للقمة العالمية للمناخ وجود رؤية أو استراتيجية إعلامية لتسويق حالة التقدم المصرية ومدى النجاح الكبير الذى حققته مصر فى تنظيم هذه القمة.. وأيضاً إظهار مصر بالشكل المشرف والثرى الذى يعكس عمق الثروات والقدرات والإمكانيات المصرية فى الكثير والكثير من المجالات.
لكن ما هو المطلوب إعلامياً للاستعداد لإنجاح هذه القمة العالمية الأممية المرموقة.
أولاً: صياغة رؤية أو خطة أو استراتيجية إعلامية متكاملة وشاملة تراعى كل الأبعاد والشواغل وتتوفر لها كل الإمكانيات اللوجستية وأيضاً الكوادر القادرة على مواكبة التطور الهائل فى مجال الإعلام والتواصل مع الإعلام الدولى والاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام الحديث مثل السوشيال ميديا.. والوصول إلى تحديد «رؤية بصرية» للقمة وأبعادها لإبرازها فى صور ومشاهد وفيديوهات تتحدث عن مصر الحديثة.
ثانياً: البدء من الآن فى بناء وتأهيل وتدريب كوادر إعلامية وصحفية فى مجال الإعلام البيئى يفهم ويحترف فى مجال وموضوعات القمة العالمية للمناخ والإلمام بالرؤية المصرية والخطط الموضوعة لاستضافة قمة المناخ العالمية كوب - ٧٢ وأيضاً تاريخ القمة وموضوعاتها وتوصياتها والاستراتيجية المصرية فى هذا المجال وما تحقق فى مصر من تطور كبير وهائل فى مجال المناخ والبيئة والاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة مع التدريب على إجادة مجموعة من اللغات خاصة أن العالم سيكون موجوداً وحاضراً فى مصر بمختلف اللغات والثقافات.
ثالثاً: تخصيص مساحات وبرامج فى وسائل الإعلام المصرية للتعريف بقضايا التغير المناخى والبيئة والطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر وشرحها بشكل بسيط.. وأيضاً تعريف المواطن بقيمة استضافة مصر لهذه القمة وما تمثله لها من ثقة ومكانة دولية سواء فى قدراتها أو التطور فى هذا المجال وما تحظى به من تقدم وأمن وأمان واستقرار فلماذا لا يكون هناك برنامج أسبوعى فى كل قناة يتحدث عن هذه القضية ويستضيف الخبراء ويتعرف على آرائهم واقتراحاتهم لإثراء خطط الدولة للاستعداد لاستضافة القمة.. وكذلك لماذا لا تخصص الصحف المصرية صفحة متخصصة أسبوعياً فى هذا المجال؟!
رابعاً: أقترح على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والوطنية للصحافة ونقابة الصحفيين تنظيم دورات تدريبية مكثفة فى الإعلام البيئى على يد خبراء ومتخصصين فى هذا المجال مع دعمهم بدورات فى تعلم اللغات الأجنبية.. وأيضاً تنظيم مسابقة كبرى من خلال هذه الجهات لأفضل الأعمال الإعلامية والصحفية فى هذا المجال بمشاركة وزارة البيئة وتكون قيمة جوائزها مرتفعة تشجيعاً على المشاركة والعمل.
خامسًا: فى اعتقادى أن التواصل مع السفارات الأجنبية فى مصر.. وإعداد منتج إعلامى عن هذا الحدث يضمن بشكل شامل كل أنشطة وموضوعات واستعدادات مصر.. وأيضًا قدراتها وإمكانياتها وثرواتها وتطورها.. بالإضافة إلى دور سفراء مصر فى الخارج من خلال الاتصال بوسائل الإعلام فى الدول التى يعملون فيها كسفراء لمصر.
سادسًا: من المهم أن نحشد كل القوى والقدرات والإمكانيات المصرية خاصة فى مجال الإعلام.. وما المانع أن نستفيد بإعداد جيل جديد من الإعلاميين والصحفيين ونمنح الفرصة لطلاب الإعلام فى السنوات النهائية للتدريب والتأهيل والتعرف على آليات العمل على أرض الواقع خاصة ممن يجيدون اللغات الأجنبية.
سابعًا: أعتقد أنه من المهم توجيه الدعوة والاستضافة لرموز الإعلام والصحافة فى العالم وقادة الرأى العام لزيارة مصر سواء للتعرف على استعداداتها قبل القمة بأشهر أو خلال فعاليات القمة.. سواء فى مجال المناخ والبيئة أو فى مجال السياحة والاستثمار فى ظل وجود كبار المسئولين الدوليين من قادة وزعماء العالم.. وهو ما أقترحه على الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات وأيضًا وزارة السياحة وهيئة الاستثمار للاستفادة من هذا الحدث شديد الثراء والتنوع والأهمية.
التقييم الجماعى.. أم الفردى؟
لفت نظرى أمران مهمان للغاية. الأول حالة التألق لبعض اللاعبين الذين استغنت عنهم أنديتهم الكبيرة وعلى رأسها الزمالك.. فتألق أسامة فيصل وأحمد رفعت وعمر كمال ووجود الحارس محمد صبحى على دكة احتياطى المنتخب خلال مبارياته فى كأس العرب يفتح سؤالا عريضا.. أيهما أفضل التقييم الفردى أم الجماعى، بمعنى أن نسند تقييم الأمور لشخص بمفرده أم لمجموعة من الخبراء والمتخصصين،.. لا أدرى من الذى اتخذ قرار الاستغناء عن هؤلاء اللاعبين النجوم.. وهذا ليس الأول من نوعه.. فأحمد أبوالفتوح أعاده الزمالك مرة أخرى بعد أن تألق فى سموحة وأصبح الآن نجمًا فى المنتخب القومى.. وأيضًا هناك مصطفى محمد الذى »لف« أندية مصر ثم عاد إلى الزمالك ليتألق ويصبح محترفا فى الخارج وسعره ملايين الدولارات هل تصدق أن الزمالك طلب استعادة لاعبه أسامة فيصل من ناديه الحالى.. فطلب من الزمالك 52 مليون جنيه.. لماذا نتعجل التقييم.. ولماذا تكون عملية التقييم فردية قائمة على رأى شخص واحد يتجاهل كل الآراء. هذه الظاهرة تحتاج لوقفة.
والأمر الثانى: هو موافقة مجلس النواب بالأمس على مشروع قانون إنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والتى تهدف إلى تطوير أداء منظومة التعليم فى مصر والنهوض بمستوى التعليم.. وهو أهم ما استوقفنى فالتطوير يحتاج إلى تقييم حقيقى والاستماع إلى كافة الآراء من الخبراء. والمتخصصين من التربويين والعلماء وأساتذة المناهج والتلاميذ المستهدفين من التطوير والمعلمين القائمين على تنفيذ هذا التطوير وكذلك وزارة التربية والتعليم.. فتقييم التطوير هو شراكة بين أهل العلم والخبرة والذكر حتى لا يؤدى غياب التطوير الجماعى إلى احتقان وخسائر لا يمكن تعويضها.. فالرأى النهائى والأخير للجميع وليس لرأى واحد فقط. مع الأخذ فى الاعتبار قيمة نتائج التطبيق ومخرجات التطوير.. هل أفرزت تلاميذ وخريجين أفضل أم أن التطوير لم يضف جديدًا.. أم أن التطوير فشل ويحتاج لتطوير.
أتمنى أن تضم الهيئة القومية لضمان جودة التعليم شخصيات وعلماء وخبراء ومتخصصين فى كافة أبعاد التطوير المنشود للعمل بموضوعية وتجرد ووطنية لأن التعليم يمس عصب الأمن القومى وهو قوة الدفع لتقدم الأمم وحتى يستريح الجميع ويطمئن.
أكرر أن التقييم الجماعى.. والحوار المجتمعى والتوسع فى هذا المجال هو طريقنا لتقييم موضوعى يأخذ بملاحظات ورؤى الجميع طالما انها علمية وموضوعية ومتجردة عن المصلحة الشخصية والهوى والغرض.. لأن التعليم هو مستقبل مصر.
لذلك فإن التقييم والحوار والاستماع لكافة الآراء ووجهات النظر والرؤى المختلفة ضرورى طالما أنها تستند على العلم والموضوعية والتجرد.
تحيا مصر