رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أمواج السعودية قادمة!

13-12-2021 | 18:01


د. هبة سعد الدين,

من كان يتصور أو يتخيل في غفلة من الأحلام أن يشاهد فيلماً في دور العرض السعودية؛ بل من كان يمكن أن يفكر فى وجود فيلم سعودي على أرض الواقع؟ من ذا الذي تطرق به الخيال ليفكر في تكريم مخرجة سعودية في السعودية؟ بالتأكيد لم يشطح الخيال واللا معقول واللا منطق وما وراء الطبيعة بأي صورة ليفكر فى وجود مهرجان سينمائى فى المملكة العربية السعودية؟.

 لقد كان ذلك عاشر المستحيلات وليس رابعها، فالسينما كانت أبعد ما يكون عن تلك الأرض ومجرد مشاهدة فيلم لم تكن تتجاوز المنازل من خلال شرائط الفيديو، والتى تطورت بمعجزة لتصبح من خلال القنوات التليفزيونية، ولم يكن متاحاً أكثر من ذلك كأحلام يقظة ولم يجرؤ أحد ليفكر فى المزيد.

ولكن المستحيل أصبح واقعاً تجاوز كل الأحلام والأوهام والأفكار الخيالية،  رأيناه وتابعنا بعض صوره وأخباره وأفلامه منذ أيام بعد إقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذى افتتح مؤخراً كمهرجان وليد يسعى أن يضع أقدامه بين الأقران؛ بل أخرت كورونا ميلاده الذى كان مقرراً منذ حوالى العامين، لذا يبدو وكأنه يسابق الزمن بين تأخر وجوده والرغبة في التميز عن سابقيه؛ ليعرض ١٣٨ فيلماً روائياً وقصيراً  من ٦٧ دولة بـ ٣٤ لغة؛ منها ٢٥ فيلما  فى أول عرض عالمى أول و ٤٨ فيلما فى أول عرض عربى و ١٧ فيلما فى أول عرض بالخليج، ويحرص على مشاركة النجوم من أنحاء العالم فى فعالياته ولم يكتفِ بنجوم الوطن العربى فقط.

سنوات المملكة الأخيرة شهدت المزيد من المفاجآت فمنذ أربع سنوات فقط تم رفع الحظر عن دور السينما، ويتم الآن تكريم المخرجة السعودية هيفاء المنصور التى شعرت أنها فى لحظات ساحرة لم يكن عقلها ليشطح بالخيال ويفكر فى حدوثها، وهى التى كان آخر أحلامها أن تصور فيلم "وجدة" كأول فيلم  روائى طويل داخل السعودية  عام ٢٠١٢ ، والذى كان مفاجأة لم يتحملها الكثيرون.

لقد تكررت فى المتابعات الخبرية لهذا المهرجان كلمتا "أمواج التغيير" التى كانت شعاراً له؛ لتصبح الكلمات تصف ما حدث، فالأمواج ليست بالحركة المعتادة للماء وهى ليست بالموجة المنفردة التى قد تعبر وتمر دون تأثير مهما كانت قوتها؛ بل تجاوزت ذلك لمجموعة من الأمواج تتوالى ليمكنها إحداث التغيير وصناعة واقع آخر بديل.

من كان يتخيل أن تزور الفنانة العالمية كاثرين دونوف السعودية أو يظهر مصطلح السجادة الحمراء أو السينما التفاعلية أو سوق البحر الأحمر وأيام المواهب وكلها فى إطار فعاليات المهرجان الوليد الذى يسعى أن يضع قدمه بصورة ثابتة على أرض الصناعة السينمائية فى العالم؟.

لقد صنع مهرجان البحر الأحمر فى دورته الأولى حالة سينمائية خاصة من خلال الفعاليات التى حرصت على أن يولد المهرجان كبيراً ليلحق بسابقيه، ويلفت الأنظار التى تطلعت منبهره بما تراه، وتتساءل سريعاً كيف ستكون دوراته المقبلة وتأثيره على النشاط السينمائي فى الخليج والعالم العربى ككل.

شهدت السعودية مؤخراً أكثر من ٣٩ داراً للعرض السينمائي تشمل ٣٨٥ شاشة عرض، و ١٩ مبادرة لتطوير صناعة الأفلام السعودية لإحداث الحراك وتوفير بنية تحية للإنتاج وتمكين المواهب؛ كل هذا حدث فى سنوات قليلة؛ سنرى مردود أمواجها سريعاً وسنتعرف من خلال تأثيرها على ملامح التغيير.