فى العرض المسرحى لفرقة هندسة حلوان .. "أوبريت المهروسين" يعرى حقيقة الواقع المصرى
كتبت : شيماء محمود
باي يا مجتمع الرجالة باي يا ظالمين الستات باي يا كل ايد بطالة باي يا تعقيد الحاجات... باي يا زحمة المرور ..باي يا وقفة الطابور باي يا ساعة قطع النور.. بكل ما فينا بنقول باي... باي يا تأخير الساعات باي يا حوادث القطارات باي يا غرق العبارات باي يا خطف الطيارات..باي يا عنطزية باي يا محسوبية باي يا فهلوية .
باي يا كل لحظة حلوة عشتها هنا باي يا بابا باي يا ماما باي يا حبي انا ..باي يا كل ضحكة باى.. باي يا كل فرحة باي.. بس طز فيكو مسافر وسيبالكو البلد.
تلك كانت آخر الكلمات التى غناها فريق مسرح هندسة حلوان خلال عرضهم المسرحى (اوبريت المهروسين) الذى أقيم على خشبة " مسرح النهار (فيصل ندا سابقا) ضمن فعاليات مهرجان المسرح الجامعى لجامعة حلوان للعروض الطويلة.
فقبل أن تقلع الطائرة المسافرة لتهجير المصريين خارج البلاد بعد أن اعلنت الحكومة عن فتح قبول طلبات من المواطنين الذين يعانون من الأوضاع القاسية التى تمر بها البلاد ..وتحقيق حلم رحيلهم لبلد تحترم آدميتهم .. أقلعت الطائرة حاملة أحلامهم..لكنها ذهبت ليلقوا حتفهم.
اعتمد العرض على رؤية مغايرة عن المسرح الجامعى المعهود..من حيث المضامين والاخراج واستخدام الديكور وتوظيف المؤدين اصحاب مشكلة العرض..حيث اعتمد العرض بشكل كبير على ألوان غنائية مختلفة كانت من اولى الأسباب الذى جعلته يحظى بهذا الاختلاف..
العرض اختزل كل تفاصيل الحياة اليومية للمواطن البسيط الذى جسدها نمير القاضي فى شخصية "محجوب منذ ولادته وما يواجهه من أعراف وتقاليد مجتمعية أذته واذت من يحبها ندي امين فى شخصية "رانيا" والكثير مثلهم ..اللذان استطعا بجدارة التعبير عن المشكلات المجتمعية والاقتصادية المؤثرة على الشارع المصرى من سوء العملية التعليمية والبطالة وأزمة إسكان الشباب والعنوسة والبيروقراطية الحكومية خلال مشاهد كوميدية نراها فى حياتنا اليومية.. فالمسرحية تزخر بتشابهها المهيب مع الواقع فى إطار ساخر..عبر عن رؤية الشباب المصرى للأحداث ..دون خطابات مزيفة بواقع أفضل ..أو خطابات رنانة مستهلكة..بل عرض الحقيقة عارية ليبرز القضية الأكثر خطورة وهو سيطرة فكر الشباب الآن حول الهروب من ذلك الواقع الذى فرض عليهم بحكم العادات والنظم الفاسدة .. وصعوبة محاولتهم للتغيير..او تفهم المسئولين لتطلعاتهم ..لم يبق أمامهم سوى الهروب وحلم السفر ..غير مبالين بذكرياتهم أو ماضيهم او حتى انتمائهم لهذه الأرض.. بل كل فكرهم حول السفر كطوق للنجاة مما يعانونه..ولكن اعتزم المؤلفان علاء حسن وأحمد سعد والى أن يختما العرض بمفاجأة هلاكهم رغم سعى الحكومة بنفسها لرحلتهم ..ليترك المتلقي في دوامة من التساؤلات اللامنتهية ..فحتى الهروب من هذا الواقع نتيجته غير مؤكدة ..فما الحل ؟!
وتبقى النهاية مفتوحة لتوخز الذاكرة ..رغم الانطباعات المتغيرة التى استطاعوا ببراعة تغييرها في نفسية المتلقي واعتقاداته المتلونة بما يدور حوله! التي انعكست توظيفها من حيث استخدام الموسيقى بواسطة كريم يونس و واستعرضات احمد عادل الديكور البسيط لهادي جمال.. أو حتى ملابس الشخصيات لريهام يونس التي كانت معبرة مع مضامين العرض ..
تميز كل من الممثلين فى دوره واستطاع أن يرتدى الشخصية بجدارة كل من أحمد بهاء الدين فى شخصية "الراوي" والمبهر كريم يونس فى شخصية "أبو محجوب" الذى لا شك إن استمر فى المجال سيكون كوميدىاً محنكا كما ان هواية الكتابة عنده ستساعده بشكل كبير على ذلك فهو مؤلف أغنيات العرض.. وكذلك شخصية أم محجوب التى أدتها بامتياز جمانة شاهين بخلاف موهبتها العالية فى الغناء التى ساعدتها على لفت الأنظار.. ولا يفوتنا تلك الأدوار التى رغم صغرها إلا أنها لمست الجمهور كدور ما يواجه ذوى الاحتياجات الخاصة من أزمات نفسية نتيجة رؤية المجتمع له بنظرة مختلفة الذى أداه عبد الرحمن أسامة..ودور نظرة المجتمع للعانس الذى أدته ماهيتاب خالد الشافعى.
فالعرض ككل طرح موضوعات ذات حمولات سياسية وفكرية وثقافية ودينية ضمن قوالب ساخرة ممزوجة بالموسيقى والحكي والاستعرضات شارك فيها كل من احمد كرم "بوبو" وأحمد منصور "الشحات طالب" واحمد مدحت "ابو رانيا" وامير بحراوي "ناصر زيزو" وباسم احمد "كابتن توفيق" وريم محمد "ساندي" وريهام يونس "أم رانيا" وسامي فاروق "الجد" وعبد الرحمن مبروك "الصعيدي" ومحمد ايمن "الساعي" ومحمد كمال "كابتن ماجد" ومحمود عبد العزيز "المدرس" ومريم رفعت "موظفة «طالبة» ومنه الله باسم "تهاني طالبة" ونورهان مهدي "اخت ميدو» موظفه"
كما شارك بالعزف على الة الكمان محمد السيد ودرامز وإيقاع مصطفي حسنين ..وآلة الميلوديكا أحمد حسين والساكسفون لإسلام الكويتي.. والعرض إخراج أحمد سعد والي.