دراما رمضان .. قليل من الفن كثير من الإسفاف
بقلم : ناصر جابر
سؤال قفز الى ذهني - وبقوة - وأنا أتابع المسلسلات التى تعرض في شهر رمضان الكريم هذا العام ماذا حدث للدراما المصرية التليفزيونية ولماذا وصلت الى هذه الدرجة من الاسفاف والابتذال ؟!.. هل يعقل في شهر كريم تعمه الروحانيات ان تقدم فيه الدراما التي تقتحم الاسرة المصرية بهذا الشكل وما الذي دفع المنتجين والمؤلفين والمخرجين وحتى النجوم وكل صناع الدراما أن يتنافسوا في تقديم كل ما هو مبتذل ومسف وبدلا من ان يتنافسوا في تقديم دراما نظيفة تنافسوا في تقديم كل ما يفسد الذوق العام ويدغدغ المشاعر والأحاسيس.
ان معظم المسلات التى تعرض الآن على الشاشة إما «عنفاً وقتلاً ودماء أو ادمانا ومخدرات وجنساً واثار»ة وكأن المجتمع المصري اصبح كل هذه الصفات .. فقد أصابتني الصدمة وأنا اتابع أولى حقات مسلسل (كلبش) بجانب كم مشاهد القتل والدماء مشهد يجمع بين شابين في سيارتهما الملاكي يقول احدهما للآخر ( ولع لنا سيجارة حشيش حتى لا نعرف الشتا من الصيف ) ومسلسل طاقة نور يعرض التفاصيل الدقيقة جدا لما يحدث في غرفة النوم !!
وأخيراً فعلا الكاتب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الاعلى للصحافة والإعلام عندما خرج بتصريح يدين ما يقدم من اسفاف وابتذال في الدراما الرمضانية وطالب بتوقيع عقوبات على من يخالف هذا المطلب حتى نحمى المشاهد المصري والعربي وان كنت أرى ان تصريحه هذا جاء متأخرا كثيرا ولم ولن يتم تفعيله ولن ينظر إليه.
وأكرر السؤال الذي يبحث عن إجابة ماذا جرى على إنتاجنا الدرامي ففي زمن ليس ببعيد كان التليفزيون المصري والدراما المصرية يقدم مسلسلات متميزة وتدعو الى القيم والمثل فمن ينسى مسلسل المال والبنون الذي كان يرسل رسالة إلى القناعة وحب الخير والابتعاد عن كل ما هو حرام وغير شرعي .. ايضا ملحمة ليالي الحلمية للراحل العبقري أسامة أنور عكاشة والمخرج اسماعيل عبد الحافظ والتي اصبح هذا المسلسل بصمة مضيئة في تاريخنا الدراما وايضا مسلسل بوابة الحلواني وذئاب الجبل ومئات الاعمال الدرامية التى لم تحتو على مشهد مبتذل أو لفظ يخدش الحياء.
ناهيك عن الدراما التاريخية والدينية التى كانت تتميز بها المسلسلات الرمضانية والتى تخاطب الروح وتبث القيم في المشاهد على سبيل المثال وليس الحصر مسلسل عصر الائمة والفرسان وابي حنيفة النعمان وابن الليث ونسر الشرق الذي قدم الزعيم الاسلامي والقائد الناصر صلاح الدين الايوبي وغيرها من الدراما التى كانت ومازالت سفيرا غير عادي وقوى ناعمة لمصر والمصريين في العالم العربي والافريقي.
وإنني اتساءل هل غياب الدولة وتقلص دورها في الانتاج الدرامي وغياب دور الرقابة جعل من الدراما التليفزيونية هذا المستوى من الاسفاف والابتذال فقد كانت مدينة الانتاج الاعلامي وشركة القاهرة للصوتيات والمرئيات وقطاع الانتاج باتحاد الاذاعة والتليفزيون يقدمون دراما تتناسب وتاريخ مصر الفني وهل ظهور الفضائيات والقنوات الفضائية الخاصة التى لا رقيب ولا حسيب عليها جعلنا ننزلق في هذا الإسفاف الدرامي ؟!
انني اطالب بتفعيل دور الرقابة وان يكون هناك قوانين تجرم إنتاج مثل هذه النوعية من الدراما الفاسدة والتى أفسدت المجتمع المصري وتعطي صورة غير حقيقية ومشوهة لمصر والمصريين .. أتمنى!!