رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قطر وتركيا الأخطــر

21-6-2017 | 12:48


من الطبيعى ومن المعروف أن العلاقات الدولية تعتمد فى المقام الأول فى علاقاتها بين الدول على تحقيق المصلحة والمصلحة وحدها، فلا يوجد فى العلاقات بين الدول ما يسمى بالحب أو من أجل سواد العيون ولذا نجد مصطلح «المصالح تتصالح» هو الرائج والرابح على المستوى العملى وعلى أرض الواقع، كما أن تحقيق المصالح هذه تحكمها الظروف التاريخية والمواقع الجغرافية وامتلاك القدرات المادية والأدوار السياسية، ولذا قد وجدنا ومنذ بداية التاريخ الإنسانى ذلك الصراع الذى بدأ فى شكل صراع للبقاء فى مواجهة قوى الطبيعة حتى تحول إلى صراع بين القوى والضعيف والقادر وغير القادر والغنى والفقير،

حيث أخذ شكل المواجهات والحروب بعد ظهور ما يسمى بالإمبراطوريات الاستعمارية منذ القدم وإلى الآن منذ الإمبراطوريات الفارسية واليونانية والرومانية مرورا بالإنجليزية وصولا إلى الأمريكية، وقد أخذ هذا الصراع أشكالا متعددة أهمها وأطولها عمرا ما يسمى الاستعمار الاستيطانى الذى كان يعتمد على الحروب البرية وصولاً إلى استعمار الدول وإخضاعها لسيطرة المستعمر واستغلال كل إمكاناتها البشرية والمادية، وبعد التطور فيما بعد الثورة الصناعية تم اكتشاف البترول والمواد الخام خاصة فى إفريقيا وآسيا ودول العالم الثالث والأهم بعد فشل الاستعمار الاستيطانى نظرا للمواجهات العسكرية والشعبية والأعمال الفدائية تحول هذا الشكل إلى أشكال أخرى متعددة مثل الاستعمار السياسى أى السيطرة على القرار السياسى لصالح المستعمر أو الاستعمار الاقتصادى مثل استغلال ثروات الدول مثل حالة البترول فى العالم العربى تحديدا وما صاحبه من كوارث مثل ما حدث فى العراق وليبيا بشكل مباشر وما يحدث فى السعودية ودول الخليج من خلال علاقات غير متوازية، وهناك وهو الأحدث الاستعمار الثقافى ذلك الاستعمار الذى يسيطر على الشعوب بنشر ثقافة القوى الناعمة للمحتل والأهم تغييب الهوية الوطنية للشعوب لتسهيل السيطرة على عقولها وتشكيل وعيها بالصورة المطلوبة وفى هذا الإطار وعلى أرضية هذه الأنواع من الأشكال الاستعمارية ولخصوصية مصر الموقع والموضع وجدنا أن مصر ومنذ فجر التاريخ وهى مطمع لكل قوى الشر فى العالم بلا استثناء فموقعها الجغرافى المميز والفريد وتاريخها الحضارى الذى علم العالم ودورها الذى أراده لها الله حتى إن مصر قد ذكرت فى كل الكتب السماوية، ومصر هى التى آوت الرسل والأنبياء فجاءوا إليها وضمتهم وكرمتهم بل لعبت دورا فى حياتهم وفى رسالاتهم من إبراهيم ليوسف لموسى للسيد المسيح، فمصر القائدة دائما والرائدة أبدا قد جاءها حسب جمال حمدان اثنتان وخمسون غزوة حربية وثلاث هجرات جماعية هم الهكسوس واليهود والفتح الإسلامى ومع ذلك ظلت مصر هى مصر مهما أصابها من مشاكل ومهما تعرضت لمواجهات فهى دائما مقبرة للغزاة، وبالطبع ولأن العلاقات الدولية يحكمها القوى وعلى حساب الضعيف، فهذه العلاقات تتغير وتتبدل حسب المصالح الأمنية والاستراتيجية وتبعا لتغير موازين القوى العالمية حسب معطيات الواقع السياسى العالمى والإقليمى والمحلى، فيتم تحديد الأعداء حسب المصلحة المطلوب تحقيقها لصالح هذا العدو فى الوقت الذى يقابله قدرة الدولة المادية والبشرية وتأثيرها السياسى فى المجال العام السياسى، ولتأثر دور الدولة صعودا وهبوطا حسب قدراتها وما تواجهه من تحديات تكون مصلحة الآخر متواجدة بصور مختلفة، فلو سألنا من هم أعداء مصر الآن؟ هو سؤال يحكمه التاريخ ويحدد ملامحه قراءة الواقع قراءة صحيحة، فمن الناحية التاريخية فأعداء مصر تاريخيا كانوا الاستعمار بكل أنواعه وبشتى صنوفه من إمبراطوريات وقوى استعمارية ومنذ الحروب الصليبية إلى الحملة الفرنسية وصولاً إلى الاستعمار البريطانى الذى أورث تركته بشكل مباشر فى المنطقة إلى إسرائيل ومنذ إعلان وعد بلفور فى نوفمبر ١٩١٧ باعتبارها مخلب الاستعمار الدائم فى المنطقة، وبعد الحرب العالمية الثانية ورثت أمريكا التركة البريطانية ومعها إسرائيل فى المنطقة وخير دليل هو ما آلت إليه المشكلة الفلسطينية وما نشاهده من تعنت واستبداد إسرائيلى ومن مساعدة أمريكية بلا حدود ومع أى إدارة، ولأن هناك تناقضا استراتيجيا وتعارض مصالح تاريخيًا مع الدولة الصهيونية فسيظل العدو الإسرائيلى هو العدو الدائم مهما عقدنا معه من معاهدات، فكامب ديفيد وحتى الآن لم تجعل الشعب المصرى والشعوب العربية تقبل التطبيع الحقيقى مع إسرائيل وهذا غير العلاقات الدبلوماسية مع الأنظمة، ومع ذلك فالأمر ليس بهذه المثالية فالعلاقات بين الدول تحكمها المصلحة، فهذه المصلحة لا تفرق فى أوقات كثيرة بين الغريب والجار وبين الأخ وابن العم، فأينما وجدت المصلحة وجد الصراع حتى ولو أخذ شكل الحوار الدبلوماسى الذى يظل هو الشكل الذى يرطب الأجواء لعدم الوصول للمواجهة، ولأن أحداث ما يسمى بالربيع العربى قد أحدثت زلزالاً قوى الدرجات الشىء الذى نرى فيه إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية بلا مواربة وبدون التفاف، فهذا الربيع العربى غير الموازين وأربك العلاقات وأظهر تباين المصالح وكشف حقيقة التحالفات، ولذا قد وجدنا هذا المشهد العربى المتشرذم والمفتت والمتصارع، فنجد الصراع المباشر وغير المباشر بين الدول العربية ذاتها فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، كل حسب مصلحته وكل حسب تحالفاته مع الآخر العربى وغير العربى، وفى حالة مصر فهى دائما تتمسك بسياسة واضحة ومعلنة ولا تتدخل فى شئون غيرها وتضع البعد العربى فى أولى اهتماماتها وقناعاتها مهما تلبدت الأجواء العربية بالغيوم، فبعد ٢٥ يناير وجدنا تغيرا دراماتيكيا فى التوجهات والعلاقات خاصة بعد وصول الإخوان إلى الحكم بمساعدة مباشرة وغير مباشرة من تركيا وقطر وإيران وأمريكا، فهذه الدول اعتبرت أن الإخوان هم الطريق المباشر للوصول إلى مصر وأن تحقق كل دولة من هذه الدول مصالحها التى تراها وتسعى إليها، ولذلك قد رأينا التوافق والتزاور والعلاقات والمساعدات وعلى كل المستويات بين هذه الدول وبين نظام الإخوان، ولكن وبعد موقف الجيش الوطنى ووقوفه مع الشعب المصرى فى ٣٠ يوينه ٢٠١٣ وبعد إسقاط النظام الإخواني وجدنا العداء المباشر والتصاعد من هذه الدول من نظام ٣٠ يونيه، بل أصبح هذا العداء ليس ضد النظام السياسى ولكن هو ضد الدولة المصرية ذاتها، وما تم منذ فض رابعة وحتى الآن وما يتم فى سيناء من حوادث إرهابية ضد أبناء الوطن وبلا استثناء والأهم ما كشف وسيكشف من مساعدة تلك الدول للجماعات والتنظيمات الإرهابية يؤكد أن هذه الدول هى العدو الأساسى الآن لمصر، وللموضوعية فهذا العداء استراتيجى مرحليا بمعنى أن تركيا التى تريد أن تعيد العثمانية وخلافتها فلن يحدث هذا بعيدا عن مصر وقطر وهى تلعب دور التابع الذى يؤدى مهمته المكلف بها فدور قطر هو دور الآخر لأنها لا تملك من الأدوار والقدرة غير المال فقط، ولكن الأهم أن تركيا وقطر هما من يتخيل ويتصور أنهما هما اللذان سيعيدان الخلافة الإسلامية، ولهذا نجدهما هما السند والمأوى والمدافع عن الإخوان، ولذا سيظل عداؤهما استراتيجيا طالما بقى نظام يونيه الذى أفشل مخططهم أيما إفشال، ولذا يمكن أن يكون العداء الإسرائيلى وهو استراتيجى بلا شك ولكن فى ظل هذه الظروف نجد أن هناك حالة هدوء أو خلق حالة من الهدوء خاصة ما يتم فى المنطقة وبين العرب والمسلمين هو فى صالح إسرائيل فى المقام الأول والأخير وذلك بعد هذا الصراع الفلسطينى الفلسطينى للأسف الشديد، إذن الآن من هو العدو لمصر نقول إسرائيل هى العدو الاستراتيجى الذى تتناقض معه المصالح والتوجهات بل الأهداف، والعدو الآنى ولظروف ومتغيرات أمنية هما تركيا وقطر، حيث نجد كلا منهما تتعامل مع مصر وكأنها العدو الأول الذى يجب التخلص منه، ولذا نجد وبعد قطع العلاقات مع قطر تلك المساندة والمساعدة المعلنة من تركيا بل الانحياز المعلن مع قطر وضد دول المقاطعة بل وصل الأمر إلى إرسال جنود أتراك لحماية تميم، نجد قطر بطريقة مستفزة لا تذكر مصر وكأن المقاطعة التى تعيشها قطر هى مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين، حتى إننا لا نجد أى مطالب مصرية فى مواجهة قطر تذكر، وهذا يدل على التعنت والعداء القطرى بمساعدة تركيا ضد مصر بل الإصرار على حماية الإخوان والدفاع عنهم بأنهم جماعة سياسية وليست إرهابية بل يقومون بأدوار أخرى فى الغرب وأمريكا حتى لا يتم إعلان الجماعة أنها جماعة إرهابية وهذا تناقض مع الادعاء الدولى بمحاربة الإرهاب ولكنها المصالح يا سيدى، فالإرهاب يحقق مصلحة لقطر وتركيا بدليل الإصرار على مساعدة تنظيماته بكل تبجح وغرور فلتكن قطر ولتكن تركيا أعداء لمصر، فهذا العداء هو دليل مكانة مصر وقامتها وتاريخها ودورها وقيادتها وشعبها، فمصر تسعى لمصلحتها وهذا حقها ولكنها لا تعتدى على أحد ولا تتدخل فى شئون أحد، بل تعتبر أن البعد العربى والأمن القومى العربى هو جزء من الأمن القومى المصرى ونقول لهؤلاء ياما دقت على الرأس طبول ولكن تظل مصر وشعبها صابرا مناضلا مدافعا عن حقه وأرضه مهما كانت الصعاب والتحديات، حمى الله مصر وشعبها العظيم.