أنها تلك المساحة التى لم يدخلها أحد .. اذا .. هذا اليسر وتلك البساطة فى التعامل مع الكون والحقيقة هى تلك الحياة الحافلة بالمواقف والعبر ... والناس .. التى ابداً لم يعش بعيداً عنهم أو عن الاجيال اللاحقة – هى حديقته الصغيرة ربما التى تحوطها الاشجار لتمنع عيون المتطفلين حوله .. هو ذلك التيار المفاجئ بالحياة .. هو حامل نبض وطن سن قلمه وجعله يقيم بداخلنا – ويتسلل إلينا عبر شخوصه وابطاله ..
هو حامل الزمن بلا منازع على صفحات روايته عشنا معه الثلاثية وثورة سعد زغلول وابناء الوطن – فى البيوت والشوارع والازقة الحافلة بالناس الطيبة – حشد كل ما صادفه فى الطريق – ووصفه امامنا حتى لا ننسى – وحتى لا يناسنا التاريخ – وظلت عالقة فى مكان ما فى الذاكرة كثير من الحوارات الفلسفية التى حملتها افلامه فيما بعد : اللص والكلاب – السمان والخريف – ثرثرة فوق النيل – ميرامار كل منهم كان فى بادئ القراءة له طقسا خاصا به .. وعالما غامضا يجعلنا نتشوق إلى قراءة المزيد .. ويحث فينا الرغبة المؤكدة فى التفكير والاكتشاف ليس فقط لشخصياته الثرية المرسومة بدقة – ولكن محاولة أخرى لفهم انفسنا اذا جاز التعبير
والامر كنت ولازالت حتى الان : اقف امام البدايات تفتح امامى نوافذ لبيوت بعينها واماكن اشم رائحة الاهل .. والماضى .. الذى اتمنى لو يعود بكل جماله ورونقة – تتحرك الكلمات لنغزل فضاءاً اكثر اتساعاً من زى قبل وانا اعاود القراءة : مر وقت – واحتفظت فى ارشيفى الخاص .. بتلك الحياة الكاملة بكل بساطتها وقسوتها احيانا كثيرا بمجرد الاعمال الكاملة .. عالما اخاذاً .. واسعاً ... يحمل سامر الرواية حليا بافضفاضا تخرج من روايته كفاح طيبة – ابطال من معبد اخناتون – وعبث الاقدار قصته غير مكتملة من الادب الفرعونى اكملها من خياله الخصب وكأنه حامل سر الاله مؤرخ وفنان ينقل افكاره واتجاهاته عن ملوك مصر عبر التاريخ .
انه ذلك الاشتباك المربك بين الحاضر والماضى اذا .. ولكل عصر متمماته وخصوصيته – ويظل الانسان وحده هو محور اهتمامه وشغفه المؤكد .. كان مبشراً ايضا اشار إلى ما سوف يكون عليه المجتمع – كان يقرأ الواقع ويستنبط صعوده أو سقوطه وكانت كتاباته تشير بااخلاق مختلفة تعبر عن شخوص زمن فى علم الغيب – عشناها ولازلنا شهود على عصر مر .. ووطن – نجد على لسان شخوصه اجابات عما يدور فى اذهاننا من اسئلة – يجمع المتناقضات فى اسانسير بين السما والارض – ويتركنا هكذا عالقين نتوسم فضاءاً عليلا .. لا يميل إلى التنظير فيه ولا التورط فيما لا يحب : جاءت احلام فترة التفاهة .. لكى يصنع فيها القارئ تفسيره الخاص – وفقا لزاوية رؤيته..
ويطرح السؤال نفسه .. لماذا ظل أدب نجيب محفوظ راسخاً وبقوة يتناوله جيل بعد آخر ..؟؟ وتأتي الأجابة واضحة أنها كتابة الحاضر ، لم يبتعد عنه فى كتابة ذكريات قديمة ولكنه أرتبط بالمجتمع أرتباطاً وثيقاً وبالشارع المصري ..لم تتغير حتى عاداته في اللقاء والمشي فى الطريق وسط الناس حتى بعد أن تعرض لحادثة قتله المشينة ..
كانت أهم قراراته أن يعود للحياة كما تعود عليها برائحة الصخب فى طرقاتها تحوطه دوماً الأشجار والنيل – وصوت الباعة الجائلين من حوله
ومن العام الى الخاص : أصداء السيرة الذاتية وأحلام فترة النقاهة ، رجع نجيب محفوظ من بستان أدبه الحافل بالروايات إلى تلك الطبيعة الفلسفية التى تحدث لنا فيها عن كنه الحياة .. وتقوم أغلبها على الأفكار التأملية وإذا بااحلامه تصبح أكثر أرتباطاً بالواقع الذي نعيشه عين حاضرة على المستقبل وانعكاس مباشر للأحداث التى نمر بها وسنظل ..
وأكتشاف النفس .. يؤدي إلى أكتشاف آخر وهكذا دواليك حتى نجد أنفسنا فضاءاً متسعاً لكاتب يحمل فى سرائره حباً حقيقياً للوطن .. ينتقده .. ويصفه لانه فى قرارة نفسه يتمنى تغييره إلى الأفضل ..
أنه صاحب أجمل مغامرة أبداعية فى القرن 21 أستحق بها أن يفوز بجائزة نوبل .. أديب أستطاع أن يحافظ على الهوية المصرية .. من خلال كتابته أستطعنا أن نري أنفسنا ومجتمعنا .. وكان الكاتبة هى صفا : " فضاء الخميلة .. "
وللحديث بقية ,,,