رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


آليات مواجهة الخطاب المُعَادى لمصر والسعودية عبر السوشيال ميديا (4)

20-12-2021 | 12:57


د.شريف درويش اللبان,

نواصل فى هذا المقال استعراض نتائج الدراسة المهمة التى أجراها د. أيمن بريك أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام جامعة الأزهر ود. إيمان محمد مدرس الإعلام بجامعة الأزهر، والتى استهدفت رصد وتحليل وتفسير اتجاهات النُخبة المصرية والسعودية نحو آليات مواجهة الخطاب المُعَادى لمصر والمملكة العربية السعودية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

أوضحت الدراسة آليات مواجهة الخطاب المُعَادى لمصر والسعودية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث جاء نشر الحقائق فى مقدمة الآليات التى يجب الاعتماد عليها فى مواجهة الخطاب المُعَادى لمصر والسعودية عبر مواقع التواصل الاجتماعى كما ترى النُخبة وذلك بنسبة 97%، يليها إبراز الإيجابيات والتركيز على ما تحقق من إنجازات على أرض الواقع وذلك بنسبة 91%، ثم تفنيد ما يرد فى الخطاب المُعَادى من ادعاءات كاذبة وذلك حنى لا تستشرى بين الناس وذلك بنسبة 80%، ثم الرد على الأكاذيب وذلك بنسبة 71%، يليها تدشين وسوم أو هاشتاجات للرد بنسبة 70%، ثم الاستفادة من أصوات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى وذلك بنسبة 61%، فحظر هذه الحسابات بنسبة 56%، يليها فرض رقابة على مستخدمى هذه الحسابات بنسبة 47%، وأخيرًا الاعتماد على الكتائب الإلكترونية فى الرد وذلك بنسبة 41%.

 

ومن الواضح تركيز النُخبة سواء المصرية أو السعودية على ضرورة الاعتماد على نشر الحقائق فى مواجهة الخطاب المُعَادى عبر السوشيال ميديا، ولعل ذلك يرجع إلى اعتماد هذا الخطاب على تضليل الجماهير وخلق الأكاذيب أكثر من أى أسلوب آخر وذلك، وبالتالى فإن مواجهة هذا التضليل وتلك الأكاذيب يكون من خلال التركيز على آليات نشر الحقائق وإبراز الإيجابيات وتفنيد الأكاذيب لمواجهة هذا التضليل المتعمد من قبل الجهات والصفحات المُعَادية.

ويرى الباحثان أن مجيء تدشين هاشتاجات (وسوم) للرد فى مرتبة متقدمة أيضًا يشير بوضوح ما شهدته الفترة الماضية ما يُطلق عليه (حرب الهاشتاجات) من خلال إطلاق الهاشتاجات والهاشتاجات المضادة بحثًا عن تحقيق الترند الأكثر تداولًا، وذلك بهدف ترتيب أولويات القضايا لدى جمهور مواقع السوشيال ميديا، وتشكيل اتجاهاتهم نحو قضايا بعينها من وقت لآخر.

 

ويشير مجيء الاعتماد على أصوات المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى فى مرتبة متقدمة نسبيًا من بين الآليات التى ترى النُخبة أنه يجب الاعتماد عليها فى مواجهة الخطابات المُعَادية وخاصةً النُخبة السعودية، إلى الدور المهم الذى أصبح يقوم به هؤلاء الأشخاص خاصةً فى التأثير على متابعيهم وبالتالى فإنه يمكن الاستعانة بهم فى توعية الجمهور بخطورة الخطابات المُعَادية وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم.

وجاءت الآليات الأمنية مثل حظر الحسابات المُعَادية وفرض رقابة على مستخدمى هذه الحسابات فى مرتبةٍ متأخرة نسبيًا، ولعل هذا يشير إلى ضرورة الاعتماد أولًا على الآليات المعرفية المتعلقة بالتوعية ونشر الحقائق وتفنيد الأكاذيب، وإن كانت بعض المراحل تتطلب بالتأكيد تدخل الجهات المعنية لوقف هذا الخطاب من خلال حظر هذه الحسابات إذا كان هذا متاحًا، أو تتبع رُوَادِها للحد من خطرهم على المجتمع.

وحددت الدراسة استراتيجيات الرد على الخطاب المُعَادى عبر السوشيال ميديا؛ حيث يرى 80% من النُخبة عينة الدراسة أن التفنيد جاء على رأس استراتيجيات الرد على الخطاب المُعَادى لمصر والسعودية، يليه الهجوم بنسبة 74%، فالتشكيك بنسبة 58%، ثم التأكيد بنسبة 46%، يليها الاستنفار بنسبة 43%، فالتفسير والتحليل بنسبة 31%، يليه الإخبار بنسبة 27%، ثم التبرير بنسبة 20%.

 

ومن الواضح التركيز فى مواجهة الخطاب المُعَادى على استراتيجيات تفنيد الأكاذيب والهجوم على هذا الخطاب وتشكيك القراء فيما يقدمه هذا الخطاب من معلوماتٍ مغلوطة يسعى لإقناع الناس بها، وهى استراتيجيات جميعها تتناسب مع طبيعة الحرب التى تدور عبر مواقع التواصل الاجتماعى والتى تمثل الكلمة والفيديو والصوت والصورة الأسلحة الأبرز فيها، وبالتالى لابد أن تعتمد استراتيجيات الرد على كل ما من شأنه أن يواجه هذه الأسلحة ويقضى عليها.

ولعل هذا ما يفسر مجيء استراتيجيات مثل التبرير فى مرتبةٍ متأخرة، حيث تكون الأولوية فى ساحة الحرب للتفنيد من جانب ومن ثم الهجوم من جانب آخر، وهو ما يفسر أيضًا مجيء استراتيجيات الإخبار والتفسير والتحليل فى مراتبَ متأخرة، حيث من الطبيعى ألا تأخذ مساحة أكبر فى ساحة يغلب عليها طابع الصراع مثل ما يحدث عبر السوشيال ميديا وإن كانت موجودة بنسبٍ أقل من غيرها.

وركزت الاستراتيجيات كما ترى النُخبة المصرية على الهجوم والتفنيد والتشكيك أكثر من غيرها، وهى نفسها الاستراتيجيات التى ركزت عليها النُخبة السعودية أيضًا ولكن مع تباين طفيف فى النسب، وإن تقدمت فى استراتيجيات أخرى مثل الإخبار والتحليل والتفسير وغيرها.

وبالنسبة لفعالية آليات مواجهة الخطاب المُعَادي، أكد 44% من النُخبة المصرية والسعودية عينة الدراسة أن آليات المواجهة كانت فاعلة بشكلٍ مرتفع، يليه بشكل متوسط بنسبة 32%، فيما ذكر 24% من النُخبة عينة الدراسة أن هذه الآليات كانت ذات فاعلية ضعيفة.

ومن الواضح تقدم النُخبة السعودية فيما يتعلق بارتفاع معدل فعالية هذه الآليات مقارنةً بالنُخبة المصرية، والتى جاءت متقدمة فيما يتعلق بمستوى الفاعلية المتوسط والضعيف، ولعل هذا يرجع من وجهة نظر الباحثيْن إلى فاعلية الحسابات التى تقوم بمواجهة الخطابات المُعَادية للسعودية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك مدى سيطرة الأجهزة الرقابية المعنية على هذه المنصات.

 

وتدق النتيجة السابقة للدراسة ناقوسَ خطرٍ حول مدى فاعلية الآليات التى يعتمد عليها مواجهة الخطاب المُعَادى على شبكات التواصل الاجتماعى خاصةً فى ظل ما يُحَاك من مؤامرات دولية وعدم وجود رقابةٍ فاعلة على هذه المنصات؛ حيث جاء مستوى الفاعلية المتوسط والمنخفض بنسبة تزيد عن 50%، وهو ما يدعو لبذل مزيدٍ من الجهود لرفع معدلات فعالية هذه الآليات، خاصة وأن التقييم جاء من قبل نُخبة متخصصة.

وفيما يتعلق بتقييم النخبة لآليات مواجهة الخطاب المُعَادي، يرى 96% من النُخبة المصرية والسعودية فى تقييمهم لآليات مواجهة هذا الخطاب أنها لازالت بحاجة لتبنى استراتيجيات فاعلة لمواجهته، يليها ضرورة العمل على تكثيف الجهود بنسبة 93%، ثم كونها أسهمت فى توعية الجمهور وذلك بنسبة 79%، يليها كونها لازالت فى طور البداية وتحتاج لمزيد من الجهود بنسبة 78%، ثم كونها نجحت فى التصدى لهذه الهجمات بنسبة 65%، فكونها تمكنت من تقديم الصورة الحقيقية للأحداث بنسبة 57%، ثم كونها اعتمدت على آليات غير فاعلة بنسبة 39%، وأخيراً كونها فشلت حتى الآن فى التصدى لهذه الهجمات بالشكل الأمثل وذلك بنسبة 35%.

 

ومن الواضح أن تقييم النُخبة للمحتوى المواجه للخطاب المُعَادى عبر السوشيال ميديا لا يزال يحتاج لمزيدٍ من الجهد والاستراتيجيات الفاعلة خاصةً فى ظل تعدد مصادر الخطاب المُعَادى ما بين جهاتٍ داخلية وخارجية، بالإضافة إلى تمكّن الجهات المُعَادية من توظيف صفحات التواصل الاجتماعى لخدمة أهدافها وتوفيرها الدعم اللازم لذلك، وهو ما يتطلب ضرورة العمل بشكلٍ قوى على مواجهة هذه المحاولات، وتطوير آليات واستراتيجيات المواجهة خاصةً وأن ساحة هذه الحرب مفتوحة ولا زالت قائمة حتى الآن.

ولعل وصول نسب نجاح هذه الآليات إلى 65% كما ترى النُخبة يعد مؤشرًا جيدًا لكنه يظل دون المستوى المأمول، ولا يزال يحتاج إلى مزيدٍ من العمل والجهد حتى تصل نسبة النجاح إلى 100%، خاصةً بالنسبة لمصر والتى بلغت نسبة النجاح فيها كما ترى النُخبة 58% فقط، فى حين بلغت نسبة النجاح كما ترى النُخبة السعودية 72%، إلا أن الفريقيْن اتفقا على ضرورة العمل على تبنى استراتيجيات فاعلة.

وقد حددت النخبة عددًا من المقترحات لتطوير آليات مواجهة الخطاب المُعَادي؛ حيث جاء تطوير الخطاب الإعلامى على صفحات التواصل الاجتماعى على رأس مقترحات النُخبة عينة الدراسة لتطوير آليات مواجهة الخطاب المُعَادى وذلك بنسبة 95%، يليه استخدام أدوات تفاعلية بنسبة 92%، ثم الاعتماد على المنصات الأكثر مناسبة للجمهور بنسبة 84%، فالاعتماد على الشخصيات المشهورة فى المساهمة فى توعية الجمهور وذلك بنسبة 81%، يليه استخدام آليات أكثر فاعلية بنسبة 74%، ثم التركيز على القضايا المهمة بنسبة 72%، ثم إعطاء الجمهور فرصةً أكبر للمشاركة بنسبة 43%.

 

ومن الواضح تركيز مقترحات النُخبة على تطوير المحتوى المستخدم فى مواجهة الخطاب المُعَادى بحيث يكون أكثر مناسبة للجمهور، بالإضافة إلى التركيز على الأدوات التفاعلية واستخدام المنصات الأكثر مناسبة للجمهور، والتركيز على القضايا المهمة حتى يكون الخطاب أكثر فاعلية فى مواجهة الخطاب المُعَادي.

ويشير مجيء الاعتماد على مشاهير السوشيال ميديا فى مرتبةٍ متقدمة نسبيًا إلى الدور الذى يقوم به هؤلاء المشاهير ومستوى تأثيرهم على شريحة كبيرة من متابعيهم، وهو ما دفع النُخبة إلى اقتراح الاستعانة بهم فى مواجهة الخطاب المُعَادي.

ومن الواضح تركيز النُخبة المصرية والسعودية على تطوير الخطاب الإعلامى واستخدام منصات أكثر مناسبة للجمهور واستخدام آليات أكثر فعالية، والاعتماد على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعى وتبنى استخدام آليات أكثر فعالية فى مواجهة الخطاب المُعَادى على السوشيال ميديا.