فضيحة مكتب «عين شمس» كشفت المستور «كشوف الصرف الورقى».. «الباب الخلفى» لسرقة الدعم!
تقرير: بسمة أبو العزم - وائل الجبالى
قبل أيام قليلة خرجت النقابة العامة لبقالى التموين، تعلن عن غضبها على خلفية إعلان تلفزيونى يتم بثه عبر وسائل الإعلام ضمن حملة إعلانية تحت عنوان «إنت مراية نفسك»، حيث يظهر الإعلان أحد الممثلين يؤدى دور بقال تموين، وهو يقوم بتخزين السكر والسلع تمهيدا لبيعها فى السوق السوداء.
وبعد أيام قليلة من إذاعة الإعلان خرج المتحدث الإعلامى للنقابة ليعلن عن رفضه استمرار الإعلان المسيء، مطالبا وزارة التموين العمل على إظهار صورة بدال التموين بشكل لائق وليس كاللصوص سارقى قوت الشعب.
فى الوقت الذى أعلنت فيه النقابة غضبها على الإعلان المسيء، واكتسابها نقطة فى معركتها مع وزارة التموين، كان الجميع بانتظار مفاجأة من العيار الثقيل، تخطت حدود الإعلان، وذلك بعد ضبط الإدارة العامة لمباحث التموين تحت إشراف اللواء ياسر صابر مدير الإدارة مساعد وزير الداخلية، محمد «س. م» نائب رئيس نقابة البدالين التموينيين بالقاهرة، المدير المسئول عن محل بقالة فى منطقة عين شمس, وبقال فى مكتب آخر يدعى حسن «م. ح» بتهمة التواطؤ مع أميمة «ب. ح» مديرة مكتب تموين عين شمس، على خلفية اتهامهم بإدراج ١٠٢٥ مواطنا بكشوفات الصرف الورقى، رغم صدور بطاقات ذكية لهم، متربحين من ذلك مما يؤثر على الاقتصاد القومى، ومهدرين أموالا طائلة من الأموال المخصصة للدعم الذى توفره الدولة لمحدودى الدخل.
وعقب تقنين الإجراءات قامت مجموعة عمل من ضباط وحدة غسيل الأموال بالإدارة العامة لمباحث التموين من ضبط المتهمين، وبالاستلام من شركة تطبيقات الكروت الذكية تبين صدور بطاقات ذكية لأصحاب البطاقات، ويقوم أصحابها بصرف المقررات التموينية والخبز وفارق النقاط.. ويقوم أيضا المتهمون بصرف نفس المقررات وبشكل مزدوج لفترة طويلة من ترتب عليه الاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة، قدرت من قبل الهيئة العامة للسلع التموينية بنحو ٢ مليون و ٨٥ ألف جنيه.. تحرر عن ذلك المحضر اللازم، وتم العرض على النيابة التى قررت صرف المتهمين من سراى النيابة بكفالة ٥ آلاف جنيه لمديرة مكتب التموين وألفا جنيه للمتهمين الآخرين مع رد المبلغ المستولى عليه.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه ليس غريبا أن نسمع عن ضبط تلاعب بقال تموينى فى الدعم، لكن الغريب، والمثير للجدل فى الوقت ذاته، أن يكون البقال نائبا لرئيس نقابة التموينيين بمعاونة مديرة مكتب تموين, ووفقا للقاعدة القانونية الشهيرة، يبقى المتهم بريئا حتى تثبت إدانته، ولكن يجب الوضع فى الاعتبار أيضا أنه هناك قضية فساد يجب الوصول لكافة أطرافها.
«مافيا بطاقات عين شمس»، كشفت أيضا عن عدم تنفيذ وعد وزارة التموين والتجارة الداخلية بتحويل كافة البطاقات الورقية إلى إلكترونية نهاية مارس الماضى؛ حيث إن الوضع القائم أثبت وجود آلاف البطاقات الورقية التى يتم استخدامها.. تلك البطاقات التى تحولت فى الآونة الأخيرة إلى ما يمكن وصفه بـ»الباب الخلفى» للفساد.
من جانبه، عقّب وليد الشيخ نقيب البقالين التموينيين، على تورط نائبه فى قضية «فساد بطاقات التموين»، بقوله: مشكلة ازدواج الصرف ليست مسئولية البقال، فأصحاب البطاقات الورقية يتقدمون له بإذن صرف رسمى من مكتب التموين، وبالتالى ليس من حقه الامتناع عن الصرف لهم، وفى الحالة محل التحقيق تم اكتشاف بطاقات إلكترونية لنفس الأشخاص وتقوم بالصرف من بقال آخر فى منطقة إمبابة وخارج المحافظة، وبالتالى ليست لديه أى مصلحة, كما أن قيمة المخالفات لم تتعدَ ٧٥ ألف جنيه، ولم تصل إلى مليونى جنيه كما أعلن.
وتابع حديثه: نائب رئيس الشعبة مشهود له بالأمانة ولا توجد أية أدلة تدينه، ولهذا السبب حينما استمعت النيابة لأقواله قررت الإفراج عنه دون كفالة، وحاليا عاد إلى عمله، ويتولى صرف المقررات التموينية لسكان عين شمس, مضيفا: أما مديرة المكتب فتم الإفراج عنها بكفالة، ورغم هذا لا يمكن أن ننكر أن هناك فسادا؛ لكننا نريد أن نعرف كيف خرجت البطاقات الإلكترونية من شركة «فرست داتا»؟، وكيف وصلت إلى حائزيها؟، فمديرة المكتب كشفت فى أقوالها عدم وجود أى دليل يثبت تسلمها لتلك البطاقات الإلكترونية، وإذا تقدمت الشركة بمحضر تسليم للمكتب حينها تصبح مديرة المكتب المتورط الأساسى.
فى ذات السياق، قال محمود حسونة أمين عام نقابة البقالين إن البطاقات الورقية صداع فى رأس الحكومة، ونحن مضطرون للتعامل بها، وبالتالى الزميل المتهم كان مضطرا للصرف لأصحاب البطاقات الورقية، فلديه كشف مُعتمد من رئيسة مكتب التموين مسجل به أرقام تليفونات أصحاب البطاقات وصور بطاقاتهم الشخصية.. والجهات الوحيدة التى يجب أن تعلم أن هناك بطاقات أخرى إلكترونية صادرة هى الشركة التى تطبع ومديرة مكتب التموين ولا توجد أية مسئولية على البقال.
على الجانب الآخر، كشف مصدر مسئول بمديرية التموين بالقاهرة، تربطه علاقة وثيقة بمديرة المكتب المتهمة بالاستيلاء على الدعم، أنه يجرى التحقيق معها من قبل الشئون القانونية فى الوزارة للتأكد من استلامها البطاقات الإلكترونية من الشركة والتصرف فيها بالمخالفة للقانون, مشيرا إلى أنها نفت استلامها لأى كشوف من الشركة، كما أن المكتب التابع لها تعرض للسرقة أربع مرات، وتم تحرير محاضر تفيد بذلك.
وحول كواليس اكتشاف القضية، أوضح المسئول أن الأمر تم بالتنسيق بين مباحث التموين والوزير وتمت إتاحة كافة البيانات لهم، مشددا - فى الوقت ذاته - على أن الوزارة تسعى لمكافحة الفساد للحفاظ على نحو ٦٣,٥ مليار جنيه إجمالى موازنة الدعم بالسنة المالية الجديدة، مؤكدا أن الواقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.