بالصور.. غلاء الملابس يُلقي بالمصريين في أحضان الباعة الجائلين
المصريون يلجؤون للأسواق الشعبية
شعبة الملابس: ركود نسبي في عمليات الشراء
شعبة الجلود: الأحذية المحلية ارتفعت 50% والمستوردة 100%
يتعلق طفليها بذراعيها، تنتقل من محل ملابس إلى آخر، تتفقد الأسعار بنظرات تملأها اليأس، تخطو خطوات واسعة نحو بعض الشوارع الفرعية لمحلات وسط القاهرة المزدحمة عسى أن تصل إلى ضالتها التي ألتهما الغلاء وخيمت عليها الظروف الاجتماعية الصعبة، تتحرك بين المتراصين أمام عروض الملابس بمناسبة عيد الفطر على جانبي الطريق تملأ وجوهم الحسرة وفقدان الأمل في الحصول على مبتغاهم، تلك الأم لم تيأس من التحرك والتنقل ربما تجد ما يرضي أبناهم اللذين يتراوح أعمارهم ما بين 8 و10 سنوات تقريبًا، دون أن تحترق كليًا بنار الأسعار التي ارتفعت إلى الضعف عن العام الماضي، اقتربتُ منها على استحياء وكشفت عن هويتي الصحفية، وإني أقوم بكتابة تحقيق أرصد فيه أسعار الملابس وردود أفعال المواطنين عليها، في البداية رفضت الحديث أو التعليق قائلة "الكلام لا يسمن ولا يعني من جوع".
مع تأكيدي على أن السلبية لا تنجز الأزمات ولا تقدم حلولاً وردية، قالت وهي غاضبة وبلغة حادة:" وصل بنا الحال إن مش معاية فلوس أجيب بيها طقمين لأولادي الحالة بقت صعبة، الموضوع مش في الغلا بس، الناس معدش معها فلوس، ومحدش حاسس بينا، وأخرتها هنزل الوكالة أهي أسعارها أرحم من هنا وربنا يتولانا برحمته" ثم انصرفت دون أن تنطق بكلمة واحدة أو تجيب على ندائي المحبوس.
الركود يضرب أسواق الملابس
انتقلت بعد ذلك لأحد أصحاب محال الملابس بوسط القاهرة ويدعى "محمد. ص"، والذي قال:" إن نسبة الإقبال على الشراء هذا العام تراجعت إلى أكثر من النصف، الناس بتيجي تسأل وتروح تشتري من الباعة في الشوارع اللي أسعارهم أقل من أسعارنا، لأن لا عندهم ضرائب ولا كهربا ولا مية ولا عمال".
وأضاف:" الحكومة سابت علينا الباعة الجائلين اللي انتشرت أمام المحلات مجددًا، وبتزيد بشكل غريب في المواسم والأعياد، ولو حاولنا نمنعهم هيكسروا لينا المحلات لأنهم بلطجية، والشرطة مش هتعوضنا عن الخسائر".
بالانتقال إلى بائع جائل بأحد شوارع وسط القاهرة الذي يلتف حوله عدد لا بأس به من المشترين يتمنماه أصحاب المحلات المعروفة، ويدعى محمد عبدالمنعم قال وهو منشغل في البيع للزبائن:" الحال ماشي الحمدلله والدنيا كويسة وزي الفل وربنا بيرضي الجميع، بس الخوف لو البلدية كبست علينا هتاخد رزقنا وكل اللي عملناه، وبندفع كتير علشان ناخد بضاعتنا بس نعمل أيه اليد البطالة نجسة مش أحسن من القعدة عن المقاهي".
وعن الأكشاش التي خصصتها لهم الحكومة، قال "عبدالمنعم": محدش يعرفها ولا بيروح هناك، الحكومة رايحه تعملنا المشروع في مكان محدش يعرفه وحركة التداول عليها ضعيفة غير إنها بتاخد أقساط وكهربا وضرايب والمحصلة صفر، أما أحنا ربنا بيركمنا والناس بتنزل تشتري من وسط البلد بيسعرو في المحلات وبعدين بيجوا يشتروا من عندنا لأن أسعارنا أقل واللبس كمان كويس، بس برضه حركة الشراء قلت عن العام الماضي بكتير وأحنا عارفين الناس معدش معها فلوس".
الأسواق الشعبية قبلة المصريين
انتقلت بعد ذلك إلى منطقة الوكالة المعروفة بأنها الأقل سعرًا بين أسواق الملابس وكانت حركة تداول البيع ضعيفة، اقتربنا من أحد الباعة الذي يفترشون بضاعتهم في وسط الطريق وسألناه عن الإقبال على الشراء، فقال:" رجل الناس قلت في السوق للنصف واللي بيشتري بيشتري بحساب، بس الدنيا ماشية، والأسعار في متناول الجميع بس مفيش فلوس والعيشة صعبة، والناس بتيجي تشتري مننا وبتقول محلات طلعت حرب- أكبر شارع لبيع الملابس بوسط القاهرة- نار والأسعار صعدت للنصف ويمكن أكتر لكن الزيادة عندنا متعديش الـ25%، بس الناس ألتزامتها كتير والفوس قليلة".
وتابع:" أحنا بيجي لنا ناس راكبة عربيات وناس محترمة، لأن الغلاء صعق الجميع والناس بتشتكي وبتشوف أرخص حاجة علشان تشتريها وتمشي بالمتطلبات اليومية التي تضاعفت إلى النصف".
وبسؤال أحد المواطنين خلال شرائه من الباعة الجائلين، قال:" نعمل أيه العيشة بقت صعبة وأسعار الملابس في المحالات بقت نار، وأحنا معدش معانا فلوس، فبنشتري من الشارع حاجة تقضي الغرض وخلاص، المحلات أقل حاجة فيها بقت 200 جنيه، الملابس بس مش هي اللي بقت نار كل حاجة بقت نار وغالية".
اتفاع الأسعار 100%
ياسر الشيخ، عضو مجلس إدارة شعبة الملابس بالغرفة التجارية، قال إن هناك زيادة في أسعار الملابس المحلية وصلت إلى 40%، مقارنة بالأعوام السابقة، أما الملابس المستوردة فقزت قفزة جنونية حيث تخطت الزيادة نسبت الـ100%.
وأشار لـ«الهلال اليوم» إلى أن سوق الملابس يشهد تراجعًا كبيرًا في نسبة البيع قبل عيد الفطر المبارك، ويخيم عليه حالة من الركود النسبي وعزوف ملحوظ من قبل المواطنين بسبب غلاء الأسعار بعد تحرير سعر الصرف مما أدي إلى ارتفاع كبير على الملابس المستوردة.
ولفت إلى أن أسعار ملابس الأطفال هي الأغلى في سوق الملابس يليها ملابس الفتيات الذي يصل متوسط سعر القطعة الواحدة 500 جنيه يليها فئة الشباب حيث يصل متوسط سعر البنطلون 200 جنيه والقميص والتيشرت 150 جنيهًا، مؤكدًا أن البضائع الشعبية المنتشرة بين الباعة الجائلين والمحال الشعبية ارتفعت أسعارها أيضًا والزبون لا يرغبها، خاصة فى المناسبات الرسمية والأعياد.
"الأحذية" يصيبها فيروس الغلاء
أما يحيى أبو حلقة، نائب رئيس شعبة تجار الجلود بالغرفة التجارية، قال إن أسواق الأحذية تشهد تراجعًا في نسبة البيع ويصيبها الركود النسبي وسط انخفاض الحركة الشرائية في جميع أسواق الجلود.
وأكد لـ«الهلال اليوم» أن الأسعار ارتفعت بنسبة 50% على الصناعات المحلية، وتخطت الـ 100% على الجلود المستوردة من الخارج.
ولفت أن سعر المنتجات المستوردة زادت بنسبة 100% عن العام الماضي خاصة بعد تحرير سعر الصرف في البنوك، مؤكدًا أن أسعار المنتجات المحلية ارتفعت أيضًا بسبب زيادة تكلفة المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأحذية.