رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عام 2021 ..علامة فارقة فى تاريخ تونس وقرارته المصيرية

26-12-2021 | 19:17


تونس

دار الهلال

 

يعد عام 2021 عامًا محوريًا وعلامة فارقة في تاريخ تونس تتذكره الأجيال القادمة، حيث شهد العديد من القرارات المصيرية وإعادة كتاب التاريخ لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي من أجل التصدي للفساد المستشري والمستوطن في مفاصل الدولة.

وهناك العديد من المحطات الهامة لهذا العام ، ولكن أبرزها يوم " 25 يوليو " حينما قرر الرئيس التونسي قيس سعيد إقالة الحكومة وتعليق عمل البرلمان وتجميد العمل بفصول عديدة من دستور سنة 2014، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبًا واسعًا من قبل العديد من أبناء الشعب التونسي الذين أيدوا هذه الإجراءات بعد مرور أكثر من 10 سنوات دون تحقيق أي من أهداف ثورة الياسمين التي طالما حلموا بتنفيذها على أرض الواقع.

واعتبر الشعب التونسي هذا القرار ضرورة لإنقاذ البلاد ونجدتها من حالة الجمود الاقتصادي والاجتماعي بسبب السياسات الفاشلة لحركة "النهضة" الإخوانية ولوضع حد للفساد وتحقيق مطالبهم، والأمل في عودة البلاد لسابق عهدها وأن تنعم بالأمن والاستقرار وتكافح الإرهاب والفساد.

وتواجه تونس منذ سنوات استشراء غير مسبوق للفساد والأزمات على كل الأصعدة تضمنت السياسة والاقتصاد والصحة، وتغلغل الفساد بكل مفاصل الدولة التونسية حسب ما أثبتته الإحصائيات والأرقام المحلية منها والعالمية، ودعمه الخبراء والمحللون.

ويبرز فى هذا العام أيضا يوم "29 سبتمبر" عندما كلف الرئيس قيس سعيد نجلاء بودن رمضان بتشكيل الحكومة لتكون أول سيدة تشغل هذا المنصب ليس في تونس فحسب بل في العالم العربي.

ولاتنتمي نجلاء بودن لأي حزب سياسي وهو الأمر الذي قد يكون في صالحها لكنه في الوقت نفسه قد يشكل مزيدًا من التحدي أمامها، فالبلاد تمر بوضع سياسي استثنائي بامتياز بعد تعطيل مؤسسات كبرى مثل البرلمان.

وعملت بودن أستاذة مختصة في علوم الجيولوجيا في التعليم العالي في المدرسة الوطنية للمهندسين، وفي عام 2011 عينت مديرة عامة مكلفة بالجودة وكلفت عام 2015 بمهمة في ديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن، وبعدها بعام تم اختيار بودن للإشراف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو المنصب الذي كانت تشغله قبل تكليفها بمهمتها الجديدة.

ويمثل يوم 7 ديسمبر محطة هامة أخرى في تونس خلال عام 2021، حيث أصدر قيس سعيد أمرًا رئاسيًا باعتبار 17 ديسمبر من كل عام هو يوم عيد الثورة وتم نشر الأمر الرئاسي في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ونص الأمر على أن يكون هذا اليوم عطلة رسمية للعاملين بالدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.

فقد اختلف هذا العام عن الأعوام التي تسبقه، عندما بعث الرئيس سعيد برسالة جديدة لتأكيد ارتباطه بمهد الثورة التونسية باعتماد تاريخ 17 ديسمبر ذكرى حرق البائع المتجول محمد البوعزيزي لنفسه احتجاجًا على وضعه المعيشي السيئ كتاريخ رسمي للثورة بدل 14 يناير.

واعتبر سعيد 17 ديسمبر هو التاريخ الشرعي والشعبي للثورة التونسية وأحلام مفجريها بالعدل والكرامة والحرية، مقابل 14 يناير الذي يرمز برأيه إلى انقلاب وخيانة الطبقة السياسية لثورة الشباب. 

وقام سعيد منذ توليه الحكم في أكتوبر 2019 بزيارت متكررة لولاية "سيدي بوزيد" أكثر من أي مسئول آخر بالدولة التونسية بعد الثورة، وكان لافتا تردده على مهد الثورة في الأشهر الثلاثة الأخيرة في خضم التدابير الاستثنائية التي أقدم عليها في 25 يوليو.

وفي 13 ديسمبر، أعلن سعيد مجموعة من الإجراءات والتواريخ الهامة للشعب التونسي وكان أولها أن يبقى المجلس النيابي معلقا أو مجمدا لتاريخ تنظيم انتخابات جديدة، ثم يتم تنظيم استشارة شعبية بداية يناير 2022، وقد تم إعداد المنصات الإلكترونية وبلورة الأسئلة الواضحة والمختصرة حتى يتمكن الشعب من التعبير عن إرادته.

وأكد أنه تم اتخاذ كل الاحتياطات لتأمين هذا الاستفتاء الإلكتروني أو الاستشارة الشعبية، مشيرا إلى أنه سيتم أيضا تنظيم استشارات مباشرة في كل منطقة مع الشعب التونسي، على أن تنتهي في الداخل والخارج في 20 مارس وهو تاريخ يوم الاحتفال بذكرى الاستقلال.

وأوضح أنه سيكون هناك لجنة سيتم تحديد أعضائها وتنظيم اختصاصاتها، وسيتولى الأعضاء بها التأليف بين مختلف المقترحات والإجابات على أن تنهي أعمالها قبل نهاية يونيو القادم، كما سيتم عرض مشروعات الإصلاحات الدستورية بجانب غيرها على الاستفتاء يوم 25 يوليو تاريخ الاحتفال بذكرى إعلان الجمهورية.

وقال سعيد إنه سيتم تنظيم انتخابات تشريعية وفقا القانون الانتخابي الجديد في 17 ديسمبر 2022، وذلك بعد الاستشارات والتنقيحات التي سيتم إدخالها على القانون الانتخابي وعدد من النصوص الأخرى.

وأشار إلى أنه سيتم في هذه الأثناء وضع مرسوم خاص يتعلق بالصلح الجزائي وفق التصور الذي تم الإعلان عنه والذي يتم من خلاله ترتيب المتهمين أو الذين تعلقت بهم قضايا ترتيبا تنازليا من الأكثر تورطا إلى الأقل تورطا ويتم ترتيب المناطق من الأكثر فقرًا إلى الأقل فقرا فيتولى الأكثر تورطا القيام بمشاريع تعود بالفائدة على الدولة والأهالي في ظل الأحاكم المنصوص عليها.

وأخيرا، قال سعيد إنه سيتم محاكمة كل الذين أجرموا في حق الدولة التونسية وشعبها ولا زالوا يجرمون وعلى القضاء أن يقوم بوظيفته في إطار الحياد التام كما أكد أن القضاء مستقلا وعليه مسئولية تاريخية في أن يعطي كل ذي حق حقه مهما كان مركزه.

وجاءت ردود الفعل لهذه القرارات داعمة فقد اعتبر حزب (التحالف من أجل تونس) أن خطاب الرئيس التونسي يعبرعن تطلعات غالبية أبناء الشعب لتحرير البلاد من الفاسدين والعملاء ممن تسللوا لمؤسسات الحكم والدولة والذين ثبت أنه لا يهمهم الحكم إلا بقدر ما يحقق لهم من امتيازات ومصالح خاصة.

وثمن الحزب ما جاء في خطاب الرئيس، معتبرًا أن الإجراءات المعلن عنها توضح معالم الطريق لسنة قادمة تتوج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها وفق ما سيفرزه الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي.

وأضاف أن خطاب الرئيس تضمن توصيفا للوضع المتردي والخطير للوضع السياسي والاجتماعي والصحي وما آلت إليه أحوال البلاد من تفكك وانهيار ونهب لمقدرات الشعب طيلة حكم المنظومة المنتهية وخصوصا بعد انتخابات 2019 بما حتم اتخاذ قرارات 25 يوليو لتصحيح المسار.

واعتبر الحزب أن خطاب الرئيس هو إعلان نهاية منظومة فاشلة وتهيئة أرضية قانونية وأخلاقية لجيل سياسي جديد، مشيرًا إلى أن أهم المحطات السياسية التي وردت في الإجراءات الجديدة اقترنت بمواعيد وطنية كادت أن تتناساها أو تلغيها منظومة الخراب المنتهية مثل عيد الاستقلال وعيد الجمهورية وعيد الثورة وفي ذلك دلالة واضحة على عمق القراءة التاريخية والتقدير لنضالات الشعب التونسي بأجياله المتعاقبة.

وحول الإجراء المتعلق بمحاكمة كل الذين أجرموا في حق الدولة وشعبها وما زالوا الآن يجرمون ودعوة القضاء إلى القيام بوظيفته في إطار الحياد التام، دعا الحزب رئيس الجمهورية إلى ضرورة تحريك الأجهزة المختصة للتدقيق في ميزانية الدولة وفي القروض المتحصل عليها مع كل الحكومات المتعاقبة ومحاسبة من يثبت فساده أو تقصيره أو انتفاعه من مقدرات الدولة وثروات الشعب المنهوبة.

وجدد دعمه لما أعلنه الرئيس منذ 25 يوليو من إجراءات، معربًا عن الأمل في أن تمهد الإجراءات المعلنة لاستعادة مناخ محفز لكل قوى العمل من الوطنيين لإعادة تنشيط دورة الاستثمار الوطني، داعيا إلى التصدي بالتوعية والتحسيس لكل محاولات التشويه والتحريف التي عهدنا أن تطلقها بعض الأطراف إثر كل خطاب لرئيس الجمهورية.

أما حزب (التيار الشعبي) التونسي فقد اعتبر أن الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد هي بمثابة خطوة أخرى متقدمة بمسار 25 يوليو لتحقيق أهدافه وتفكيك منظومة الفساد والإرهاب وفتح المجال أمام الشعب لإعادة بناء وطنه على أسس سياسية سليمة.

وأوضح أن تشكيل لجنة الإصلاح السياسي بناءً على ما ورد في الأمر (117) وضبط تركيبتها وصلاحياتها ومدة عملها وإدارتها للحوار المجتمعي لابد أن تضم بجانب خبراء القانون اختصاصات أخرى ذات الصلة باعتبار أن لكل دستور أو نظام سياسي أو قانون انتخابي خلفية سسيولوجية وثقافية.

وأشار إلى ضرورة توسيع دائرة الحوار والتشاور مركزيا ومحليا مع كل الفعاليات السياسية والمدنية وعموم فئات الشعب التونسي من عمال وفلاحين وأصحاب مؤسسات وطلبة والعاطلين عن العمل من خلال حوار مفتوح تشارك فيه كل الفئات الشعبية والفعاليات السياسية والمدنية ينتج عنه توصيات تتولى اللجنة المذكورة صياغتها، لتعرض لاحقٍا على الاستفتاء الشعبي بما يضمن دفع الشعب إلى قلب العملية السياسية والانخراط العملي في معركة التنمية والعدالة الاجتماعية التي هي معركة تحرر وطني بالأساس.