رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


إلى مديري العزيز

26-12-2021 | 22:25


إسلام حامد

ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، عن حادث مأساوي أودى بحياة إنسان، شاءت الأقدار أن يقع تحت وطأة القهر المعنوي والضغوط الاجتماعية، جراء تعنت مديره المباشر معه، وتهديده له بالفصل من وظيفته أكثر من مرة، لهو أمر مثير للحزن والغضب في آن واحد.

تسلط النفس على النفس، استغلالا لحاجتها إلى المال، أمرا متفشيا في بيئة العمل داخل بعض أقطار الوطن العربي، بداية من القهر وبخس الأجور، إلى الضغط الوظيفي بتكليف فرد واحد بالقيام بمهمة أكثر من شخص، بنفس الأجر، من منطلق حاجته وعوزه إلى العمل.

نقرأ تفاصيل صادمة في حادث انتحار " نور"، موظف التجمع الخامس، نورد منها ما قاله بعض زملاءه، شهود العيان عبر التصريحات الصحفية والإعلامية.

•          إن الموظف المتوفي، كان يمر بحالة نفسية سيئة، بسبب تعامل مديره معه بقسوة، وتهديده له بالفصل أكثر من مرة.

•          "أنا همشيك وهرفدك من الشركة"، كانت كلمة مديره الدائمة له خلال الأيام الأخيرة من حياته.

•          إصرار المدير على توقيع جزاء بالخصم على راتب "نور" الشهري، بسبب تكرار دخوله دورة المياه، رغم أنه كان يعاني من مرض السكر الذى يعرف الجميع معاناة المصاب به مع دورة المياه، خاصة خلال فصل الشتاء.

•          إن المتوفي كان يمر بضائقة مالية شديدة، وجاء تهديد مديره له بقطع لقمة عيشه، ليجهز عليه تماما.

•          بحسب زميلة المتوفي: "تم استدعاؤه من مديره، وتم إبلاغه أنه سوف يتم خصم 4 أيام من راتبه، لأنه بيدخل الحمام كتير، وتحدث المدير معه بطريقة "مهينة جدا" .

•          بحسب قولها  أيضا: "المدير عندنا بيعامل الموظفين زي الخرفان، بيمنعهم من دخول الحمام، لأن أهم حاجة عنده يحقق التارجت المطلوب منه، عشان المدير الأجنبي للشركة يصرف له بدلات".

•          المتوفي، كان مديونا بمبلغ 15 ألف جنيه، وكان ينتظر صرف البدل السنوي في فبراير المقبل، لسداد تلك الديون، لكنه فوجئ بقرار المدير فصله من الشركة، وعلى إثر ذلك قرر إنهاء حياته هربا من تلك الضغوط.

لا نقول بأن ما أقدم عليه "نور" رحمه الله بأذنه تعالى، هو الحل، إذ أن الأديان السماوية كافة تشجب قتل الروح، وتؤكد دائما على ضرورة الأمل والإيمان بأقدار الله، ولكن وإلى أن تثبت تحقيقات النيابة دوافع إقدامه على إنهاء حياته، وبناء على ما شهد به زملاءه، هل استوعب هذا المدير ما فعله بحياة شخص، قد مر بظروف أضعفت عزيمته فخارت قواه في مواجهة ضغوط الحياة.

يتعامل بعض المديرين، مع موظفيهم على انهم "سقط متاع"، وملكية خاصة يفعلون بهم ما يحلو لهم، بدعوى الحفاظ على مصلحة العمل، متناسين تماما أن روح المحبة والرحمة تدفع إلى المزيد من الجهد والعرق والبذل في صالح العمل.

يتعامل بعض المديرين مع موظفيهم على أنهم "سوبر مان"، يمتلك الواحد منهم ثمانية أيادي، فيتخيل أن موظفه سيقوم بالمزيد من المهام المتعددة التي ينجزها في الحقيقة أكثر من فرد، تحت ضغط الحاجة الماسة للعمل والأجر، فيعامله وكأنه آلة لا تسمع ولا ترى إلا أدوات العمل، إلى أن تتكالب عليه الأمراض المختلفة، جراء الوقوع تحت مقصلة الترهيب الوظيفي، والتهديد بالفصل.

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم هذا الشاب ويغفر له ما أقدم عليه من ذنب، ونقول لمديره ـــ المتسبب الأول في قتله "معنويا" ـــ ، ولغيره ممن يمارسون هذا القتل المعنوي كل يوم على أنفس شاءت أقدارها أن تعمل تحت أيديهم: " اتقوا الله فسيسألكم عن كل كلمة جارحة وتصرف مؤذي، يدمر نفسا ويقذف بها إلى حبائل الموت، ياسا وقنوطا واكتئابا".