في ذكرى رحيله.. كواليس أول حفل إذاعي لفريد الأطرش أمام الملك فاروق
تحل اليوم ذكرى رحيل الموسيقار الكبير فريد الأطرش، الفنان الذي استطاع أن يهز عرش الموسيقار محمد عبد الوهاب السابق له بعقد كامل من السنوات، حتى أنه وهو في بداية مشوار احترافه للغناء، اختارته الإذاعة المصرية لإحياء حفل غنائي تحت سفح الهرم بحضور الملك فاروق، وكان أول حفل تنقله الإذاعة منذ إنشائها.
وفي ذكرى رحيله، نسرد تفاصيل وأسرار هذا الحفل.
أكد فريد الأطرش، في حديث له بمجلة الراديو المصري عدد 22 أبريل 1939، بأنه التحق بالإذاعة المصرية فور إنشائها، فقد كان الموسيقار مدحت عاصم يطوف بأندية الموسيقى بحثا عن مطربين وعازفين موهوبين، وزار المعهد الملكي للموسيقى العربية وقت أن كان فريد يدرس به آلة العود، فاختاره مدحت عاصم ليبدأ مشواره في الإذاعة عازفا للعود، ثم حبب إليه الغناء ليغني فريد بمصاحبة التخت، ومكنه أيضا من الغناء لأول مرة من تلحينه، حيث أذيعت له أغنية "بحب من غير أمل".
حققت الإذاعة المصرية شهرة كبيرة لفريد الأطرش، ليس فقط داخل مصر بل أيضا في كل الأقطار العربية، وحسبما جاء في مجلة الراديو المصري عدد 27 مايو 1939، اختار المسئولون في الإذاعة فريد الأطرش ليكون نجم أول حفل غنائي تنقله الإذاعة المصرية منذ إنشائها، واحتل إعلان الحفل لصفحة السابعة من مجلة الراديو المصري.
وجاء في الإعلان الذي تصدرته صورة فريد الأطرش أمام أبي الهول والأهرامات ما يلي: "تحت ضوء القمر عند سفح الهرم": تحيي الإذاعة اللاسلكية المصرية لأول مرة حفلة غنائية باهرة تحت ضوء القمر عند سفح أهرامات الجيزة في مساء يوم السبت 3 يونيه القادم، يغني فيها الأستاذ فريد الأطرش طائفة من الأغاني التي تجمع بين خلابة الموسيقي وعذب النغم مستلهما في ذلك الجو الساحر خياله البديع، وتنقل هذه الإذاعة المبتكرة من ذلك المكان الشعري السحيق إلي آذان المستمعين في مصر وشتي الأقطار".
من الواضح أن مسئولي الإذاعة خططوا لتكون ليلة الحفل قمرية، ففي ليلة السبت 3 يونية 1939 م الموافق 15 ربيع الآخر عام 1358 هـ كان البدر مكتملا، يملأ سفح الهرم نورا، وبعد حضور الملك فاروق اعتلى فريد المسرح في الثامنة وخمسين دقيقة ليبدأ وصلته الأولى بأغنيته الشهيرة "ياريتني طير" التي كتبها ولحنها الفنان اللبناني ومدير قسم الموسيقى العربية بإذاعة فلسطين يحيى اللبابيدي.. أما في العاشرة وعشرون دقيقة فقد صعد فريد إلى المسرح للمرة الثانية ليغني وصلته الثانية وهي مولولج "من بعد نص الليل" وهو من تأليف يوسف بدروس وألحان فريد الأطرش.
ودارت معركة فنية كبيرة بين مؤلف مونولوج "من بعد نص الليل" ومعه فريد الأطرش ضد مجموعة من النقاد في مجلات "المصري" و"مجلتي" و"روز اليوسف" و"الراديو"، حيث اتهم النقاد المؤلف بالخروج عن الآداب والتقاليد، وبالفعل مثُل المؤلف أمام الرقيب على المصنفات الفنية للتحقيق معه فيما جاء بمقالات النقاد، ولكي ينهي فريد تلك المعركة، تعمد أن يغني ذلك المنولوج أمام ملك البلاد في حفل الإذاعة، وهنا صمتت الأصوات المهاجمة للمؤلف ولفريد الأطرش.
وتنشر بوابة دار الهلال نص أغنية "بعد نص الليل" التي دارت بسببها المعركة، وأيضا إعلان أول حفل لفريد في الإذاعة المصرية.