بعد محاولات لحجب النسخ المصرية حملة لمقاطعة ديزني في مصر والعالم العربي بسبب الفصحى
بقلم – نيفين الزهيري
تعد اللهجة العامية المصرية هي الأكثر انتشاراً والأسهل استيعاباً في الوطن العربي بأكمله، فجميع أبناء الدول العربية يمكنهم فهم مصطلحاتها ولا يجدون أدنى صعوبة في التواصل مع أي شخص يتحدث بها، ولهذا اهتمت شركة كبيرة مثل ديزني للرسوم المتحركة بأن تقيم مكتبا ً ضخماً لها في القاهرة ليكون المقر الرئيس لها في الشرق الأوسط، لتنشر أفلامها إلي أكبر عدد من الجمهور المصري والعربي من خلال أصوات عدد كبير من النجوم المصريين بدءاً من الراحل عبد الوارث عسر ونور الشريف وحتي أصغر النجوم الذين شاركوا بأصواتهم فيها.
ولهذا كان هناك دور كبير لأفلام ديزني باللهجة المصرية في إشاعة البهجة في قلوب الجماهير في الوطن العربي، فأعمال ديزني بالأساس تهدف لتوصيل القيم التربوية لمتابعيها عن طريق الترفيه والتسلية، وأحيانًا كثيرة «الكوميديا»، عبر تحويل قصص من التراث العالمي، مثل «سنو وايت» أو «سندريللا»، والتي تعد في كتب التراث من «التراجيديا» و«الدراما» إلى أفلام ممتعة، تتميز بروح الدعابة، التي تجعل من السهل قبول أفكار الفيلم بعيدًا عن الإطار العام للقصة.
إلا أنه مع انتشار قرار بدبلجة الأفلام بالفصحي، أقام عدد كبير من الجمهور العربي هاشتاج #ديزني_لازم_ترجع _ مصري على مواقع التواصل الاجتماعي والذي انتشر عام 2016 كالنار في الهشيم، وجمع في أول أيامه أكثر من عشرين ألف تغريدة على موقع "تويتر" فقط ثم تحول إلى هاشتاج #ديزني_بالمصري، وذلك في إطار حملة تطالب بعودة الدبلجة باللهجة المصرية إلى أفلام ديزني، وقد دعم هذه الحملة عدد من النجوم من بينهم باسم يوسف ومحمد هنيدي، فوفق كثير من المتابعين، إن الوسيلة الأفضل لضمان نجاح أفلام ديزني في الشرق الأوسط وانتصار رسالة هذه الأفلام، واستخراج أكبر قدر من الإفادة، يرى المتابعون ضرورة إعادة استخدام اللهجة المصرية.
ففي يوليو الماضي تمكنت حملة "ديزني لازم ترجع بالمصري" من الضغط علي شركة ديزني لتفجر وقتها مفاجأة من العيار الثقيل لجمهورها فى منطقة الشرق الأوسط، بإعلانها عن دبلجة الفيلم الكارتونى الشهير "البحث عن دورى"، باللغة العربية، وعودة استخدام اللهجة المصرية فى عملية الدبلجة، لتقديم بعض أجزاء من العمل بتلك اللهجة، ووصفت وقتها صفحة ديزني بالعربي المخرج أحمد مختار الذي أشرف علي تنفيذ20% من الفيلم بأنه المبدع الذى قدم لنا أجمل أفلام ديزنى فى فترة الألفية، حيث حرصت ولأول مرة منذ قرار الفصحى أن تطعم حوارات الفيلم المكتوبة بالفصحى ببعض الكلمات والمصطلحات والنكت باللهجة المصرية، وهذا شيء يحدث لأول مرة منذ ظهور قرار الدبلجة بالفصحى منذ عام 2012.
ولكن هذه الأيام تم إطلاق هاشتاج "أنا اقاطع ديزني" كحملة جديدة بدأها معجبو ديزني دعما للنسخ المصرية التي تكاد تختفي من تاريخ ديزني في الشرق الأوسط، وذلك بعد عودة الشركة العالمية للغة العربية الفصحى فى الدبلجة من خلال توزيع الافلام بهذه اللهجة علي القنوات الفضائية وتعمد إخفاء النسخ المصرية ومن بينها فيلم "شركة المرعبين المحدودة"، الذى عُرض على إحدي القنوات الفضائية، مما أثار استفزاز الجماهير المصرية والعربية التى أعادت الهاشتاج رداً على تجاهل اللهجة المصرية فى الدبلجة، التى كانت معتمدة لسنوات طويلة وعلقت فى أذهان الكبار قبل الصغار.
حيث أعلن أحد مصمم الشخصيات الكارتونية في ديزني ومؤسس حملة المقاطعة "آدهم الجابر" أن قناة ديزني الرسمية بدأت تعتمد الدبلجات الفصحي المعادة وتعرضها علي القنوات المختلفة بدلا من النسخ المصرية، بالرغم من أن اللهجة الفصحي كانت مدبلجة خصيصا للجزيرة، وأخشي أن تكون الإدارة العربية لديزني من يقوم بهذا الأمر فالشركة الأم لا تعلم شيئا، فالخوف الأكبر أن يكونوا اعتمدوا النسخ الفصحي بدلا من المصرية، لأنه علي حسب علمي في أرشيف ديزني الرسمي لديهم مكان لكل لغة دبلجة واحدة فقط، وهي التي يتم استخدامها في كل مصادرهم الرسمية وعرضها علي القنوات الفضائية والرسمية".
وأضاف " خلال الفترة الماضية قمت بمخاطبة العديد من القنوات التي قامت بعرض النسخ الفصحي من أفلام ديزني منها تليفزيون دولة الكويت الذين خطبناهم عن طريق حسابهم علي تويتر وأكدوا أن الشركة أعطتهم النسخة الفصحي وأنهم لا يعلمون شيئا عن النسخة المصرية، وقاموا بمراجعة الشركة وعندما اكتشفوا ان هناك نسخة مصرية طلبوها واصبحوا يعرضونها علي القناة، وأيضا العديد من قنوات الكارتون الذين كشفوا لي أن مكتب ديزني الشرق الأوسط هو من يقوم بتسليم النسخ الفصحي للقنوات وبعدها يقوم بتوصيل صورة خاطئة لمكتب ديزني الرئيسي بأن القنوات هي من تطلب النسخ الفصحي لذلك قمت بمخاطبة المكتب الرئيسي ببريطانيا والذي لم يكن علي علم بما يحدث".
وأكد أدهم "أن الحملة السابقة التي أقيمت في أبريل الماضي كان لها العديد من النجاحات منها عودة ديزني إلى استوديو في القاهرة من جديد بعد ما اتخذوا قراراً في ان يقوموا بدبلجة جميع أعمالهم القادمة في لبنان، في استوديو عديم الكفاءة يدعى "إيمدج بروداكشن هاوس"، واضافة نسبة 20% مصري لدبلجة فيلم البحث عن دوري، بعد ان كان هناك تشدد قوي وعدم قبول لأي كلمة مصرية او حتى "نطق" مصري في دبلجات ديزني، ودبلجة أغنية "هاكونا ماتاتا" باللهجة المصرية بالكامل في المسلسل الجديد "الاسد الحارس"، رغم ان المسلسل كله فصحى من قبل ان تقام الحملة".
ومن النجاحات أيضا أشار أدهم "دبلجة فيلم موانا بنسبة كبيرة من الحوارات المصرية، وقيام ديزني بإضافة اجزاء جديدة لأغنية "عندي حلم جميل" باللغة الانجليزية لعرضها على التلفاز، وعندما دُبلجت الاغنية بكلماتها الجديدة تمت باللهجة المصرية لتتماشى مع باقي الاغنية، ولم يستخدموا النسخة الفصحى المخصصة للجزيرة".
كانت ديزني قد بدأت مراحل دخولها إلى الوطن العربي بداية من منتصف السبعينيات حيث قامت ديزني بإرسال فيلم سنو وايت والأقزام السبعة ليحصل على نسخة مدبلجة إلى العربية بلهجتها المصرية، ليصبح أول فيلمٍ مدبلج لديزني في المنطقة العربية، تم تسليم الفيلم إلى المخرج أحمد كمال مرسي والملقب بشيخ المدبلجين والذي قام أيضًا بعمل أول عملية دوبلاج كاملة لفيلم أجنبي في الوطن العربي، وكان ذلك بمنتصف القرن العشرين، بالإضافة لكونه أول من عمل على الدبلجة في الوطن العربي، كان له السبق في إخراج دبلجة إلى العربية لأول فيلم كلاسيكي لشركة والت ديزني، وقد شارك فيه العديد من الممثلين المصريين تضمنوا عبد الوارث عسر وفاطمة مظهر،هذا الفيلم الذي أعتبرته ديزني طيلة عهدها جوهرة أعمالها كونه أول فيلم رسوم متحركة طويل في تاريخ صناعة الرسوم المتحركة.
بداية من عام 1997، تم تعيين الأستاذة عائشة سليم -مصرية الجنسية- كمشرفة ومسئولة عن جميع نسخ ديزني العربية في الشرق الأوسط ضمن شركة ديزني كاركتر فويسيس العالمية، حيث تم افتتاح مكتب للاشراف على جميع أعمال ديزني المدبلجة في الشرق الأوسط بمصر، في عام 2006، قامت ديزني بإغلاق مكتب الاشراف على أعمالها المدبلجة بمصر، واحدًا من ضمن عدة مكاتب تم إغلاقها في فترات متقاربة.
في عام 2012 تم تغيير إدارة الفرع العربي للشركة للمرة الثانية بعد المرة الأولى عام 2005، لتنتقل الأدارة إلى اعتماد قرارات جديدة مختلفة كليًة عن سابقتها، حيث اعتمدت على دبلجة جميع أفلام الشركة إلى اللغة العربية الفصيحة المعاصرة عن اللهجة المصرية، ليكون آخر أفلامهم باللهجة المصرية هو «ويني الدبدوب» عام 2011، وأول أفلامهم المدبلجة باللغة العربية الفصيحة ضمن القرار هو «أسطورة مريدا»، وهذا الأمر قد أدى لحالة من الاستياء عمت متابعي الشركة العرب من جميع الدول العربية، حتى أن قام بعض المعجبين بعمل عريضة على أحد المواقع تطالب ديزني بالعودة إلى سابق عهدها في الدبلجة باللهجة المصرية.
وفي 2012 وقعت الجزيرة للأطفال اتفاقية مع شركة والت ديزني لشراء باقة من أبرز أفلام وبرامج الشركة، وتتيح هذه الاتفاقية لتلفزيون ج - عضو في الجزيرة للأطفال- امتلاك الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعرض مجموعة من مسلسلات وأفلام ديزني مع إعادة دبلجتها إلى اللغة العربية الفصحى. كان أول فيلم عرض على القناة هو رابونزل بتاريخ 29 مارس، وفي نفس العام بدأت شركة والت ديزني بفرعها العربي بإيقاف التعامل مع الاستوديوهات المصرية بشكل شبه كلي، حيث قاموا بإرسال العديد من الأعمال لكل من الاستوديوهات فى الأردن ولبنان، وهو ما أدي إلي ظهور هذه الحملات التي لن تتوقف إلا بعودة اللهجة المصرية مرة أخري إلي أفلام ديزني