رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الطريق إلى «وطن ضد الضياع»

29-12-2021 | 22:17


عبد الرازق توفيق,

الصدق يخترق القلوب.. ويبنى وعياً حقيقياً، وفهماً صحيحاً.. الخوف من الناس وشعارات الشعبية.. وخشية ترك «الكرسى» كبدت مصر خسائر فادحة فى العقود الماضية.. وكادت تتسبب فى ضياعها.. فقد انهارت الخدمات وتقزمت التنمية.. وغاب البناء.. وتفشى الفساد.. وضعفت الرؤية والإرادة والإدارة.

الرئيس عبدالفتاح السيسى أقام حائط صد وجداراً منيعاً، وفق رؤية عبقرية لحماية الوطن من الضياع.. وعدم تكرار ما حدث فى يناير 2011 من خلال ملحمة بناء غير مسبوقة.. وتنمية وصلت لكل القطاعات والمجالات، وفى كل ربوع البلاد.. امتلك الشجاعة والرؤية والإرادة والإدارة، والمصارحة والمكاشفة الصادقة مع شعبه.. فما بين عنفوان قوة الدفاع.. وتوهج قدرة البناء.. باتت مصر تعيش فى أمن وأمان واستقرار فى ظل قيادة تواصل الليل بالنهار، لبناء وطن قوى وقادر وشعب يعيش الحياة الكريمة بأعلى المعايير.. ويتمتع بخدمات بأسعار معقولة وعادلة، تضمن استمرارها وجودتها.. لذلك فإن السيسى هو صاحب «الاستراتيجية العبقرية».. والرؤية الفريدة فى كيفية حماية الأوطان.. وفى بناء الدول على أسس ومعايير عالمية.. وبأعلى مواصفات الصدق والشرف والنزاهة والشفافية.

 

للأسف الشديد، ورثنا خلال العقود الماضية ثقافات وأفكاراً غريبة، غاب عنها الوعى الحقيقى بمعرفة المواطن بحقوقه وواجباته.. ودوره ومسئولياته، وما هو على الدولة، وما هو على المواطن.. وهو ما أدى إلى كارثة فى يناير 2011 كادت مصر تضيع بسببها.

الحقيقة أن «الصراحة راحة» .. ولذلك نقول إن ثقافة «أبو بلاش».. وبلد "أبو كيفه" هددت وجود الدولة.. وأهم أسباب ذلك عدم الوضوح وغياب الرؤية وتصحر الخيال والطموح.. والفقر فى الإرادة والإدارة، والخوف على «الكرسي».. وعدم امتلاك شجاعة المواجهة والصدق والمصارحة.

حالة الهلع والخوف التى سيطرت على حكام مصر السابقين خوفاً على «الشعبية» .. وخشية من غضب الناس، ورغبة فى الاستمرار فى المنصب، ذهبت إلى غير رجعة.

ما أقوله ليس بهدف الإساءة لأحد، ولكن بهدف التصحيح والإصلاح، خاصة فى بناء وعى حقيقى لدى الناس، بتجاوز أخطاء الماضي.. وثقافات وأفكار ترسخت خلال العقود الماضية، أدت فى النهاية إلى حالة من الخراب كادت تتسبب فى ضياع البلاد.

ثقافة «أبوكيفه»، التى ترسخت خلال العقود الماضية بسبب انسحاب وغياب الدولة وتراجعها، أدت إلى أن كل مواطن يفعل ما يحلو له فى استباحة حقوق الدولة وأملاكها وأراضيها ومواردها، وتراجع خدماتها.. فالمواطن يتعدى على الأراضى الزراعية فى وضح النهار، دون أن يسأله أحد.. يبنى دون تخطيط، ويكرس للمناطق العشوائية دون أن توجد له الدولة البديل، أوحتى تمنع ذلك.. الفساد ينهش فى أملاك وأراضى الدولة دون رقيب أو حسيب أو حتى سداد القيمة المستحقة ولم يكن نهب الأراضى بالمتر، ولكن بالكيلو متر، وقد أضاع على الدولة تريليونات من الجنيهات كانت كفيلة ببناء دولة وتوفير الخدمات اللائقة لمواطنيها.. ومشروعات تنفذ بتكلفة تصل إلى عشرات أضعاف التكلفة الحقيقية بمنظور "المال السايب".. ودعم يُنهَب ولا يذهب إلى مستحقيه، ويذهب إلى جيوب وخزائن الأغنياء والأثرياء، ولا يستفيد منه المواطن الأكثر احتياجاً.

الظاهرة الأخطر خلال العقود الماضية التى جاءت بسبب الخوف من المواجهة وعدم امتلاك الشجاعة فى الإصلاح أو التطوير والتحديث هى انهيار الخدمات وتدنيها، وتراجعها إلى أدنى مستوياتها.. بسبب عدم وضع السعر العادل والمعقول للخدمة.. والذى يضمن جودتها وتطويرها وتحسينها، وبالتالى استمرارها وليس انهيارها.. فالدولة لم تجد الموارد والمقدرة للإنفاق على عملية التطوير بسبب مناخ الفساد المستشري، وأيضاً عدم مصارحة المواطن وتوعيته وعدم اتخاذ القرار المناسب خوفاً من غضب الناس.

لو اتخذنا خدمة «السكة الحديد» مثالاً، وما الذى أدى لانهيارها خلال العقود والسنوات الماضية، ولماذا لم تطالها يد التطوير والإصلاح خلال 60 عاماً مضت.. والحوادث والكوارث التى أدت إلى اختطاف أرواح الأبرياء، فإن الخوف من الإصلاح ووضع السعر العادل والمعقول الذى يقل عن بديل خدمة السفر بواسطة قطارات السكة الحديد هو السبب الحقيقى وراء انهيار الخدمة وتحولها إلى توابيت للموت والكوارث.

المواطن إذا امتلك الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، نستطيع أن نصل معه إلى توافق.. ويثق عندما يجد هناك مصداقية على الأرض.. فإذا قدمت له الخدمة الآدمية والمتحضرة والمريحة والآمنة، والسعر المعقول والعادل، فإنه سيقبل على الفور.. وإذا توصلت معه إلى صيغة وحديث فيه منطق، فإن الدولة مثل الشخص، لها موارد محدودة.. فإذا لم تحصل على عوائد ومقابل تشغيل وتطوير وصيانة الخدمة، فإنها لن تجد ما تنفقه على هذه المحاور الثلاثة، وبالتالى ستنهار الخدمة.. لكن المسئول رسخ ثقافة الاستمرار بمبدأ «أبو بلاش كتر منه» فانهارت الخدمة وأصبحت مصدر خطر على حياة المواطن.

انظر إلى التطوير والتحديث غير المسبوق الذى أنجزته مصر خلال السنوات الأخيرة فى مجال السكة الحديد.. الدرجة الثالثة أصبحت مكيفة.. لم تعد هناك عربات قطارات قديمة.. جرارات وعربات هى الأحدث فى العالم، وجاءت من أكثر الدول تقدماً فى هذا المجال.. وكوادر بشرية على أعلى مستوي، لذلك فإن الإدارة والحوكمة والتسعير هما ثلاثية النجاح، وجودة الخدمة واستمرارها.

السفر بالقطارات بعد أكبر عملية تطوير وتحديث شهدتها السكة الحديد سيكون أقل تكلفة على المواطن من وسائل السفر البديلة.. فى حين أن قطارات السكة الحديد ستكون أكثر راحة وأماناً وسرعة بعد منظومة الإشارات الذكية، والتكنولوجيا الحديثة التى يقل فيها التعامل البشري.. إذا وفرنا الخدمة ذات الجودة العالية والأكثر راحة وأماناً، فهذا لن يكون ببلاش.. ولكن سيكون من خلال سعر معقول وعادل، يحقق مصلحة التشغيل والتطوير والاستمرار.. وأيضاً مصلحة المواطن.

«المال السايب».. وسوء الإدارة كاد يتسبب فى ضياع الدولة.. فشركات قطاع الأعمال فى السابق وقبل التحديث عانت من الفساد وسوء الإدارة وتحولت إلى مراكز شئون اجتماعية بدلاً من العمل والإنتاج والأرباح وتوفير احتياجات السوق المحلي.. أصبحت الخسائر بالمليارات ورغم ذلك تصرف الأرباح والحوافز والبدلات والمصايف وبناء الفيلات والاستراحات الفاخرة والمساكن وتغذيتها بالخدمات من الكهرباء والغاز وكل شيء على حساب الشركات، ملايين كانت تصرف لمجالس الإدارات رغم الخسائر.. والتراجع والفشل.. فهل هذا يبنى دولة.. أو يحقق آمال وطموحات شعب.. وماذا نتوقع بعد كل هذا الخراب والفشل الذى كان يحدث.

الحقيقة أن شجاعة وجرأة رؤية الرئيس السيسى وإرادة الإصلاح لديه وثقته فى مردود الحديث والتواصل مع الناس بالمنطق والحقائق، هى وراء كل هذه الإنجازات الكبيرة التى من أبرزها الإصلاح الشامل وتحويل الخسائر إلى أرباح.. ومن يعمل وينتج يحصد.. والرئيس أكد نقطة مهمة للغاية، أنه لا ذنب للعمال، ولكن المسئولية تقع على عاتق الإدارات، وبالتالى تتحمل الدولة تكلفة الإصلاح.. فحجم المجاملات لعمالة غير مجدية وغير مدربة ولا تؤدى أى نوع من العمل، مما  أدى إلى كوارث.

مصارحة النفس.. وإصلاح الأخطاء، وتمهيد الطريق للنجاح.. هو أهم أسباب ما نراه من إنجازات، فالرئيس السيسى يتمتع بشجاعة غير مسبوقة لا ينظر إلى شعبية على حساب الوطن والمواطن ولا يخاف إلا اللَّه.. ولا يرى إلا مصلحة مصر وشعبها.. ولديه استشراف للمستقبل.. يكفى أنه يبنى مصر.. وهيأ لها بنية تحتية وأساسية لأكثر من 150 عاماً قادمة، وأدرك مبكراً أنها أساس التنمية والتقدم.. ويسعى إلى حل جذرى لمشاكل وأزمات المصريين وتوفير الحياة الكريمة لهم.. يكفى أن قطاع النقل وحده نال من الإنفاق 1.7 تريليون جنيه، لإصلاح كوارث الماضي، وتوفير خدمة عصرية للمواطن المصرى بأعلى المعايير والمواصفات.. ويكفى أيضاً أن الصعيد المنسى والمهمل، والمهمش خلال العقود الماضية، يشهد حركة بناء وتنمية وعمران لتعويض أهله ما فاتهم خلال العقود الماضية التى تسببت فى تراجع جودة الحياة وتفاقم الأزمات.. والدولة أنفقت إلى الآن 1.1 تريليون جنيه على تطوير وتنمية الصعيد فقط .. ولعل الأسبوع الذى قضاه الرئيس فى محافظات الوجه القبلى أسيوط وقنا وأسوان توشكي.. وحالة العمل المتواصل خلال هذا الأسبوع تكشف حجم اهتمام القيادة السياسية بالصعيد.. ورؤيته فى نشر البناء والتنمية والخير فى ربوع البلاد.

دعونا نتحدث عن موضوع آخر تناوله الرئيس فى مداخلاته خلال افتتتاح أسبوع الصعيد وتحديداً خلال افتتاح مصنع كيما وتطوير السكة الحديد، فقد طالبنا بألا ننسى يناير 2011.. التى كانت بالنسبة لجميع الشرفاء عظة وعبرة.. خاصة السنوات التى مهدت الطريق لكارثة 2011.

رغم أننى أعتبر يناير 2011 مؤامرة على مصر لإسقاطها وضياعها، لكننى فى نفس الوقت أرى أن السنوات التى سبقتها مهدت الطريق وهيأت المناخ لاختطاف عقول الأبرياء لصالح «الخونة» ، الذين تم تجهيزهم وإعدادهم لتنفيذ المؤامرة.. فى الظروف والأوضاع والخدمات والفساد المستشرى وحالة المواطن الأكثر احتياجاً.. وغياب الأمل والرؤية والإرادة وفشل الإدارة.. كل ذلك أدى لتوفير بيئة خصبة للاستقطاب والمتاجرة بآلام الناس دون أن يدركوا المخطط، ودون أن يعلموا أن هناك مَن يريد إسقاط الوطن، وليس النظام وأنهم قبضوا الثمن.

الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرب المثل للجميع فى كيفية بناء الأوطان وحمايتها من الضياع، أعاد لكل المجالات والقطاعات الحياة، وبعث فى البلاد الروح.. وقاد أكبر عملية بناء وتنمية وعمران فى تاريخ مصر، فى تجربة ملهمة، أبهرت العالم الذى أشاد بها، وأيضاً حظيت بالتفاف المصريين ودعمهم، وعملهم وصبرهم.

الرئيس السيسى علمنا كيف نبنى ونحمى وطننا فى بناء القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة فى الدولة، واستعادة مؤسساتها، والاهتمام بالتواصل الصادق مع شعبها لبناء وعى حقيقى وفهم صحيح.. لم يغفل أى قطاع أو مجال أو قرية مصرية إلا وشملها بالتطوير والتحديث والبناء والتنمية، ولم يترك أى مرفق للخدمات التى تقدم للمواطن إلا ونهض به طبقاً لأعلى المعايير العالمية.

لا شك أن توفير القوة والقدرة على حماية الوطن أمر مهم وحتمى فى ظل عالم مضطرب ومنطقة تشهد وتموج بالصراعات.. وقد عمل الرئيس السيسى على هذا الأمر بشكل غير مسبوق، وعادت مصر إلى قيادة المنطقة.. تمثل القوة الرشيدة، التى تحمى ولا تعتدي.. لكن هناك أيضاً قوة وقدرة من نوع آخر تضمن للوطن الأمن والاستقرار، والتحصين والحماية من أى تهديد أو ضياع.. هى قوة البناء والتنمية والتعمير.. فهى أكبر حماية وتأمين للأوطان.. وهو ما نجح فيه السيسى بامتياز وتفوق.. أيضاً قوة الإصلاح والنزاهة والشفافية والعدل والمساواة، والتوزيع العادل لعوائد التنمية على مختلف ربوع البلاد، ومختلف الفئات، هى أيضاً تحصين وحماية للأوطان من الضياع.

الرئيس السيسى أيضاً قضى على كل مظاهر الفساد القبيح، الذى كاد يأكل الأخضر واليابس، وأثار حنق المصريين.. فجعل النزاهة والشفافية والحفاظ على حقوق الدولة التى هى حقوق الشعب، عقيدة وأسلوب حياة، وأن الاقتراب من أملاك وأراضى وأموال الدولة أو التلاعب فى مقدرات الوطن "خط أحمر".

الحقيقة أن الرئيس وضع رؤية وخارطة طريق وأصبحت واقعاً على الأرض، تحت عنوان «وطن ضد الضياع» حصَّنه بالقوة والقدرة والبناء والتنمية والتعمير، والوعى والصدق والعدل والمساواة، والحياة الكريمة لكل المصريين، والنزاهة والشفافية، مما جعل مصر وطناً غير قابل للكسر.

 

تحيا مصر