رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


جمهورية المحبة والتسامح

5-1-2022 | 23:19


عبد الرازق توفيق,

كانت وما زالت الوحدة الوطنية هى عقيدة الدولة المصرية التى تصدت بكل حسم وشجاعة لكل محاولات المساس بالوطن ..  سواء من أعدائه فى الخارج، أو طيور الظلام من أعداء الداخل.

عاش المصريون على مدار تاريخهم لا يعرفون أى فارق بين المسلم والمسيحي.. امتزجت حياتهم.. عاشوا معاً على الحلوة والمرة..  ثاروا معاً ضد الاحتلال والاستعمار من أجل الحرية والاستقلال .. حاربوا معاً ضد كل محاولات اختطاف الوطن أو احتلال أرضيه .. وامتزجت دماؤهم على تراب مصر الطاهر.. فهذا هو الشهيد شفيق سدراك، إلى جوار الشهيد أحمد حمدي .. والشهيد المنسى إلى جوار الشهيد أبانوب .. هدفنا واحد هو الوطن .. نبنى ونعمر وندافع ونضحى من أجله .. لم تنجح كل المؤامرات والمخططات فى إحداث الفتنة والوقيعة.. جميعها تحطمت على صخرة الوحدة الوطنية، وجينات المحبة والعيش والتعايش والتسامح.

الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى أن يجعل المصريين على قلب رجل واحد.. وحصَّن ودعَّم وبنى جداراً صلباً للوحدة الوطنية، يرتكز على دولة القانون والمؤسسات والمساواة، وأيضاً المحبة والأخوة.

أعيادنا جميعاً مسلمين ومسيحيين..  هى أعياد كل المصريين، نتزاور ونهنئ بعضنا البعض..  الوطن يتسع للجميع..  والمحبة والأخوة تظلل حياتنا، وتجرى فى عروقنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

لا أفضل الكلام عن.. هذا مسلم .. وهذا مسيحي..  وأحب كلمة «المصري» فى دولة المواطنة والتسامح والتعايش والمحبة والأخوة الحقيقية.. وشراكة الوطن.. فنحن جميعاً كمصريين مسلماً ومسيحياً نبنى وطننا معاً يداً بيد.. وندافع عنه، ونموت من أجله معاً على جبهة واحدة فى مواجهة أعداء الوطن.. نتمتع بنفس الحقوق، وعلينا نفس الواجبات.. باختصار شديد نحن نعيش فى دولة المصريين جميعاً، نذوب فى حب وعشق هذا الوطن.

لقد شهدت مصر على مر التاريخ محاولات ومؤامرات لضرب الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة، لكنها باءت جميعاً بالفشل، تحطمت على صخرة التلاحم والمواطنة والأخوة، وما بداخل دماء المصريين من جينات، لا تفرق بين مسلم ومسيحي، عاشوا سوياً على «الحلوة والمرة»، تقاسموا الطعام والجيرة والأخوة.. فهذا محمد وهذا مينا.. وهذه أم أحمد، وهذه أم جرجس، يتبادلون التهنئة والزيارات فى الأعياد.. ويتقاسمون رغيف الخبز.. وهذا المنسى وأبانوب، وقبلهما شفيق سدراك وفؤاد عزيز غالي.. الجميع يتفانى ويتسابق فى الدفاع عن هذا الوطن، وتقديم الروح والدم من أجل تراب مصر وكرامتها.. نقاتل دفاعاً عن وطننا تحت راية واحدة، يضمنا جيش عظيم وشريف هو جيش المصريين.

«المنسى وأبانوب».. وشفيق سدراك، وأحمد حمدي، شهداء فى حب الوطن.. تتواصل الأجيال من أكتوبر العظيم فى 1973 إلى الحرب المقدسة ضد شياطين الإرهاب، لتُجسد أن الدم المصرى واحد.. مسلم، مسيحي، لا فرق.. كلنا فداء لمصر.

لم نعرف المعانى الخبيثة.. والأفكار الشيطانية إلا منذ ظهور جماعة الإخوان الإرهابية، أرادت لكنها فشلت، أن تقسمنا وتنثر بذور الفتنة بيننا، والوقيعة بين عنصرى الأمة.. فى كل الفتن التى تجاوزها هذا الوطن.. فتش عن الإخوان فيها.. كيف لا ينتصر المصريون لوحدتهم الوطنية.. وقد خرجوا فى ثورة 1919 معاً، دفاعاً عن حقوق مصر فى الحرية والاستقلال.. لقد تعانق الهلال والصليب فى رسالة مهمة للعالم، أننا مصريون.. وبأننا واحد.. وهدفنا واحد، ونعيش فى وطن واحد.

فى ثورة 30 يونيو 2013 العظيمة حاول الإخوان المجرمون الرهان على إحداث الوقيعة بين شركاء الوطن المسلمين والمسيحيين.. تسابقوا على حرق وتفجير واقتحام الكنائس.. لكن الرسالة الصاعقة وصلتهم على الفور من قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية.. جاءت كلماته ثرية بالحكمة والوطنية.. لقد كان ومازال وقعها يقطع الطريق على أعداء الوطن فى الداخل والخارج، ويسطر تاريخاً مضيئاً فى تاريخ المصريين.

البابا تواضروس قال: «لو حرقوا الكنائس سوف نصلى مع إخوتنا المسلمين، ولو حرقوا المساجد، سوف نصلى مع إخوتنا المسلمين فى الشارع».. لقد أطلق البابا تواضروس عبارة ستظل راسخة فى عقول ووجدان المصريين، حيث قال: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».. والعبارة شديدة البلاغة، وغزيرة الرسائل، تعكس وتجسد انتماءً عميقاً ووطنية فريدة.. لقد أجهض ودحر موقف البابا تواضروس وإخوتنا المسحيين فى «30 يونيو المجيدة» كل مجالات إحداث الفرقة والوقيعة.. وعبر بالوطن إلى بر الأمان والمحبة والتسامح واللُّحمة والوحدة.. وأدى إلى فشل الإخوان المجرمين فى الرهان على بث الفتنة، ولقد تبارى المواطنون المصريون المسلمون فى الوقوف إلى جوار أشقائهم المسيحيين، جنباً إلى جنب.. وتصدوا للإخوان المجرمين ودافعوا عن الكنائس المصرية.

الحقيقة أننا أمام حالة جديدة ومتوهجة من الوحدة الوطنية والتسامح والتعايش والمحبة ترتكز على محورين أساسيين هما: المواطنة ودولة القانون من ناحية.. ومن ناحية أخرى العمق التاريخى وجينات المحبة بين مسلمى وأقباط مصر على مر التاريخ.. فلم يشعر يوماً غالبية المصريين أن هناك فرقاً بين المسلمين والمسيحيين، رغم محاولات الإخوان المجرمين التى بدأت مع تأسيس التنظيم الإرهابى فى عام 1928.

الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى تحصين جدار الوحدة الوطنية من خلال العديد من المحاور والمبادئ.. سواء فى إقامة دولة القانون والمؤسسات.. والمواطنة.. فإن كل مواطن مصرى له حقوق وعليه واجبات، وأن الاختلاف والتنوع هو من سنن الكون.. وكل منا يعبد ربه طبقاً لتعاليم دينه.. بالإضافة إلى ترسيخ الرئيس السيسى لمبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات، فعلى مدار أكثر من 7 سنوات شهدت مصر طفرة غير مسبوقة سواء فى بناء الكنائس أو تقنين أوضاع الكنائس والمبانى التابعة لها، فقد شكلت الدولة المصرية لجنة رئيسية لتقنين أوضاع الكنائس برئاسة رئيس الوزراء، وقد وافقت اللجنة مؤخراً على تقنين أوضاع 141 كنيسة ومبنى تابعاً، وبذلك يبلغ عدد الكنائس والمبانى التى تمت الموافقة على تقنين أوضاعها منذ بدء عمل اللجنة وحتى الآن 2162 كنيسة ومبنى تابعاً.

فى المدن الجديدة التى توسعت فى إنشائها الدولة المصرية تكون الكنيسة إلى جوار المسجد.. ولأن مصر دولة تتنفس مساواة ومواطنة وحقوق إنسان فإنها حرصت عند إنشاء مراكز الإصلاح والتأهيل أن تضم الكنيسة إلى جوار المسجد فمن حق النزيل أن يتعبد لربه طبقاً لتعاليم دينه حتى باتت قضية إقامة الكنيسة إلى جوار المسجد تشكل أسلوب حياة ومبدأ راسخًا فى «الجمهورية الجديدة».. جمهورية المحبة والمواطنة والتسامح.

 هذا بالإضافة إلى إنشاء أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة هى «ميلاد المسيح» لتتعانق فى سماء العاصمة الجديدة مع مآذن «مسجد الفتاح العليم».. بما يجسد ويعكس جمهورية التسامح والتعايش والمواطنة والمحبة والأخوة الحقيقية فى حب الوطن.

الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول رئيس مصرى يحرص على حضور قُدَّاس عيد الميلاد.. ويشارك أشقاءنا الأقباط احتفالاتهم وسط مشاعر المحبة والفرحة والسعادة بحضور السيد الرئيس.. ولعل هذه اللفتة الرائعة غير المسبوقة من الرئيس السيسى هى عنوان جديد لدولة كل المصريين التى يقودها رئيس وطنى شريف يعشق شعبه وتاريخه وتلاحمه ووحدته، وهى أيضاً رسالة للعالم بأن المصريين دائماً وسيظلون، على قلب رجل واحد.

لا مجال لأحد مهما كان، أن يحاول ضرب جدار الوحدة والمواطنة والمحبة المصرية، فهى أقوى من الفولاذ، بمكوناتها التاريخية والحضارية والعصرية، وبرصيدها الحافل من العطاء والتضحية من المصريين مسلمين ومسيحيين من أجل مصر.. كل مواطن مصرى له حدوتة وحكاية وقصة جميلة ورائعة عن علاقته بأخيه المسلم، أو أخيه المسيحي.. نجلس سوياً.. وعندما يؤذن المؤذن يذهب المسلم إلى المسجد.. وعندما تدق الأجراس، يذهب المسيحى إلى الكنيسة، لكن تظل المحبة والوحدة والأخوة وشراكة الوطن ثابتة مثل الجبال الراسيات.

فى اعتقادى أنه على مدار الساعات الماضية، هناك العديد من الرسائل أبرزها أننا جميعاً واحد.. «المصريون واحد» ولدينا أعياد مصرية ووطنية سواء الدينية أو الوطنية.. إنها أعيادنا جميعاً، وما تابعته ورأيته على مدار يومين من زيارات المصريين سواء من كبار المسئولين أو حتى المواطنين العاديين للكاتدرائية سواء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أو الفريق أول محمد زكي، القائد العام، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، والوزراء والمسئولون، وأيضاً رسائل زيارة الرموز الدينية وفى مقدمتهم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وما تحمله هذه الزيارة من تلاحم وتسامح ومحبة فى «نموذج مصرى فريد» للوطنية والمواطنة والأخوة الحقيقية.. وتجسيد للمعانى الدينية العميقة التى تدحر وتزيل كل بقايا التطرف والتشدد والتعصب، التى خلفتها جماعة الإخوان المجرمين، التى كانت ومازالت مجرد أداة فى أيدى أجهزة المخابرات المعادية، وقوى الشر لاستخدامها فى إحداث الفتنة والشقاق والانقسام، لكن وحدة المصريين صمدت وهزمت كل هذه المؤامرات.. لكنها خلال الـ7 سنوات الماضية توهجت وأصبحت أسلوب حياة وعقيدة كل مواطن مصري.

فى اعتقادى أن الحفاظ على الصورة المبدعة والجميلة التى تجمع كل المصريين يتطلب الآتي:

أولاً: تركيز الإعلام بمختلف وسائله على بناء الوعى الحقيقى لدى المصريين.. وإصدار «ستايل بوك» مصرى خالص يمنع استخدام كلمة مسلم أو مسيحي، ويقتصر على كلمة «مصري» فقط.. وإبراز قواسمنا وتحدياتنا المشتركة، وشراكتنا فى هذا الوطن.. ومسئولية بنائه وتنميته وتقويته.. والحفاظ عليه والدفاع عنه.

ثانياً: بناء الوعى يتطلب تنشيط الذاكرة بمواقفنا الوطنية.. وأيادينا معاً من أجل مصر سواء فى 1919 أو كافة الحروب وأعظمها مثل ملحمة أكتوبر.. وأيضاً ثورة 30 يونيو العظيمة، وملحمة بطولات المصريين فى الحرب على الإرهاب، وتخليد أسماء الشهداء على مشروعاتنا القومية، وإنجازاتنا مثل كوبرى الشهيد البطل أحمد المنسي، وكوبرى الشهيد البطل «أبانوب».. هذه الصور والمواقف والبطولات والتضحيات يجب ألا تغيب عن عقولنا ووجداننا.

ثالثاً: أيضاً هناك مسئولية من رجال الدين فى بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح للدين، أو الأديان التى تدعو إلى المحبة والتسامح واحترام الآخر.. وحرية الاختيار، وعدم الإكراه من الأديان أيضاً وبنصوص واضحة.

رابعاً: تجسيد الدراما والسينما والمسرح.. لا أقول فى إحداث خيال درامى أو سينمائي، بما هو غير موجود.. ولكن نقل الواقع الذى يحمل المحبة والأخوة وصور الصداقة والجيرة والتزاور والمشاركة فى الألم قبل الفرح.. وتقديم الخير والمساعدة فى كافة المناسبات.. والعيش على الحلوة والمرة، ونضالنا وكفاحنا وتضحياتنا معاً من أجل تراب وكرامة هذا الوطن.

خامساً: أعتقد أيضاً أن دور الأسرة مهم جداً فى ترسيخ مبادئ المحبة والتسامح والأخوة لدى أطفالنا وأبنائنا.. وغرس الاعتدال والوسطية واحترام الآخر والتعايش معه، وتعليمهم التعاليم الصحيحة للدين.. وترسيخ لغة الحوار التى ترتكز على المحبة.. وتعريفهم بخطورة التشدد والتطرف.

سادساً: المدرسة أيضاً لها دور كبير فى ترسيخ مبادئ التسامح والاعتدال والمحبة والتعايش والحوار واحترام الآخر، وحق الاختلاف وعدم التعصب والتشدد.. وأتمنى أن يكون هناك منهج منفصل لتعليم هذه المبادئ السامية والنبيلة لترسيخها فى عقول ووجدان أبنائنا.. من حقك أن تختار حتى الدين.. أو طريقة عبادة المولى عز وجل.. إن تربية أبنائنا بشكل صحيح على التسامح والمحبة واحترام الآخر وحق الاختلاف هى النواة الأولى والركيزة المهمة فى مكافحة التشدد والتطرف وبالتالى ترسيخ جدار الوحدة والأمن والاستقرار.

سابعاً: التصدى بقوة وحسم لأهل الفتنة من المتشددين والمتطرفين وعدم السماح بأحاديث الفرقة والفتنة، والتمييز أو المساس بالأديان والرموز الدينية.. وتطبيق القانون بكل حسم وحزم على بعض الحالات التى تشهد اختلافاً فى وجهات النظر.. وعدم السماح للمتطرفين والمتشددين والمتآمرين بإشعال نيران الفتنة.. وإسكات هذه الأصوات مع ارتفاع صوت القانون على جميع المصريين.

 

تحيا مصر