ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية إنه في الأسابيع الأخيرة، تردد مجددا اثنان من الشعارات الخاصة بفيروس كورونا بشكل متزايد وهما: أن "المتغيرات ستتطور لتصبح أكثر اعتدالا" وأن "كوفيد سوف يتوطن"، ومع ذلك ، يحذر الخبراء من أنه لا يمكن اعتبار أي من هذه الأمور أمرا مفروغا منه.
وقالت الصحيفة -في تحليل عبر موقعها الإليكروني اليوم الثلاثاء- أن أولئك الذين يقولون إن الفيروسات تصبح أقل فتكا بمرور الوقت غالبا ما يستشهدون بالإنفلونزا.
فقد تطور كل من فيروسات الإنفلونزا المسؤولة عن الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 ووباء إنفلونزا الخنازير عام 2009 ليصبحا أقل خطورة، ومع ذلك ، ثمة تكهنات بأن فيروس 1918 أصبح أكثر فتكا قبل أن يصبح أكثر اعتدالا، وأصبحت الفيروسات الأخرى -مثل الإيبولا- أكثر خطورة بمرور الوقت.
ونسبت الصحيفة إلى البروفيسور ديفيد روبرتسون وهو رئيس علم الجينوم والمعلومات الحيوية الفيروسية في مركز أبحاث الفيروسات بجامعة جلاسكو قوله "إنها مغالطة أن تصبح الفيروسات أو مسببات الأمراض أكثر اعتدالا، إذا استمر انتقال الفيروس وتسبب في الكثير من الأمراض". وأضافت الصحيفة أن الفيروسات تهدف إلى إنشاء أكبر عدد ممكن من النسخ وانتشارها على نطاق واسع قدر الإمكان، فعلى الرغم من أنه ليس من مصلحتهم دائما قتل مضيفيهم، طالما يتم نقلهم قبل حدوث ذلك ، فلا يهم، إذ لا يقتل فيروس سارس- كوف-2 الناس خلال الفترة التي يكون فيها المرض شديد العدوى؛ فغالبا ما يموت الناس بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من المرض، شريطة ألا يتطور الفيروس لجعل الناس مرضى لدرجة أنهم لا يختلطون أو لا يستطيعون الاختلاط بالآخرين أثناء انتقال العدوى إليهم، فإن الفيروس لا يهتم إذا كان هناك بعض الضحايا على طول الطريق.
كما أنه ليس من الواضح أن الفيروس أصبح أكثر اعتدالا بشكل تدريجي، ويبدو أن أوميكرون أقل حدة من متغيرات ألفا أو دلتا - لكن هذين المتغيرين تسببا في مرض أكثر خطورة من سلالة ووهان الأصلية، الأهم من ذلك أن التطور الفيروسي ليس طريقا ذا اتجاه واحد: إنها عشوائية ولا يمكن التنبؤ بها أكثر من ذلك.
وأضاف روبرتسون: "هذه (المتغيرات المثيرة للقلق) لا تختلف عن الأخرى، وبالتالي إذا استمر هذا النمط وظهر متغير آخر في غضون ستة أشهر فربما يكون الأمر أسوأ"، مضيفا " أنه من الأهمية بمكان ألا نفترض أن هناك حتمية لأن يكون أوميكرون نهاية تطور سارس- كوف-2." وتساءلت الصحيفة قائلة ماذا عن فكرة أن فيروس سارس- كوف-2 يمكن أن يتوطن؟ إذ يميل السياسيون إلى استخدام هذا كبديل لمواصلة حياتنا ونسيان وجود كوفيد-19، وما يعنيه المتوطن في الواقع هو وجود مرض باستمرار، ولكن يمكن التنبؤ بمعدلات الإصابة به ولا تخرج عن نطاق السيطرة.
ونظرا لأن المزيد والمزيد من الأشخاص يطورون مناعة ضد فيروس سارس- كوف-2، أو يتعافون من العدوى فقد يصبح الفيروس أقل احتمالية للتسبب في مرض خطير، ولكنها يمكن أن تتطور بعد ذلك مرة أخرى، والنبأ السار هو أن هذا يصبح أقل احتمالا كلما تم تطعيم عدد أكبر من سكان العالم - لأنه كلما قل عدد المصابين ، قلت فرص تطور الفيروس - لكننا لم نقترب من ذلك حتى الآن، حتى في المملكة المتحدة لأن هناك أعداد كبيرة من الأفراد غير المحصنين ومن غير الواضح إلى متى ستستمر الحماية من المعززات.
ويتطلب تحويل كوفيد إلى مرض يمكننا أن نتعايش معه حقًا أكثر من حملة تطعيم وطنية وتفكير قائم على التمني ؛ يتطلب جهدًا عالميًا لتحسين المراقبة للمتغيرات الجديدة ، ودعم البلدان لمعالجة حالات تفشي المرض عند المصدر عند ظهورها، كما يتطلب أيضا استثمارا أكبر في تنقية الهواء والتهوية لتقليل الإرسال داخل حدودنا ، إذا كنا نختلط في الداخل.
واختتمت الصحيفة البريطانية تحليلها قائلة يأمل الجميع في أن يتطور الفيروس التاجي ليصبح أكثر اعتدالا، وأن يمكن التحكم فيه بما يكفي حتى لا يفسد حياتنا اليومية. لكن هذه آمال وليست حقائق، وتكرار هذه العبارات لن يجعلها تحدث بشكل أسرع.