رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


منتدى شباب العالم.. وزير الري: التغيرات المناخية تضغط على موارد المياه المحدودة

11-1-2022 | 18:49


الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى

دار الهلال

شارك الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى في جلسة حوارية بعنوان "مسئولية المجتمع الدولى تجاه الأمن المائى المستدام" ضمن فعاليات منتدى شباب العالم والمنعقد حالياً بشرم الشيخ.

وأشار "عبد العاطى" إلى أن قضية التغيرات المناخية تُعد من أهم القضايا التى يواجهها العالم في الوقت الحالى، نظراً للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على مناحى الحياة كافة، وخاصة التأثيرات السلبية على الموارد المائية.

وأكد أن  تغير المناخ يهدد الإنتاج الغذائي حول العالم ، بالإضافة للتسبب في إرتفاع منسوب سطح البحر والذى يهدد الأراضى المنخفضة حول العالم، ومنها دلتا نهر النيل ، بالإضافة للتأثير غير المتوقع على كميات الأمطار بمنابع الأنهار، الأمر الذى يضع قطاع المياه على رأس القطاعات المتأثرة سلباً بالتغيرات المناخية. 

وأوضح أن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزايد بشكل هائل خلال القرن الماضى وحتى الآن بالتزامن مع إزالة الغابات الأمر الذى أدى لتراكم انبعاثات الغازات الدفيئة، ولا يزال هذا التزايد في استمرار الأمر الذى يستلزم اتخاذ إجراءات حاسمة للتخفيف من الاجراءات المسببة للتغيرات المناخية، وتنفيذ مشروعات كبرى للتكيف مع الآثار السلبية لهذه التغيرات.

وأشار إلى أن التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية أصبح واقعاً نشهده الآن فى العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة ، وأن 70% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها، الأمر الذى يستلزم إجراءات لمواجهة هذا التحدى بشكل عاجل وفورى، حيث أن التكيف مع هذه التأثيرات سيكون أكثر صعوبة وكلفة في المستقبل إذا لم يتم إتخاذ إجراءات جذرية في الوقت الحالى ، الأمر الذى يستلزم زيادة التعاون وتبادل الخبرات بين مختلف دول العالم في مجال المياه، باعتبار أن قضية المياه هى قضية محورية في مجال تحقيق التنمية المستدامة.

كما أشار إلى التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على قطاع المياه، وما ينتج عن ذلك من نقص كميات المياه والحاجة لإعادة إستخدامها أكثر من مرة، الأمر الذى يؤدى لتدهور نوعية المياه، وبالتالى إنتشار الأوبئة والجوائح التى يعانى منها العالم، كما أن زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة سيؤدى لإنتشار الفقر وتراجع مستوى المعيشة الأمر الذى يمثل بيئة خصبة للجماعات المتطرفة. 

وأوضح عبد العاطى أن التغيرات المناخية تُعد من أبرز التحديات التى يواجهها قطاع المياه في مصر إلى جانب الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية، الأمر الذى يستلزم وضع السياسات اللازمة وإتخاذ العديد من الإجراءات وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى للتكيف مع هذه التأثيرات السلبية وتحقيق الإدارة المتكاملة والمثلى للموارد المائية، وزيادة المرونة في التعامل مع مختلف التحديات، مؤكداً في الوقت ذاته على ما تمتلكه مصر من خبرات وطنية يمكنها التعامل مع التحديات التى يواجهها قطاع المياه.

ولفت إلى قيام مصر بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى للتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية ، حيث تم إنشاء ما يقرب من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول ، وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 120 كيلومتر والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 110كيلومترات ، بالإضافة للتوسع في إعادة استخدام المياه بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعى لتحقيق الأمن الغذائى ومواجهة التصحر من خلال إنشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى 15 مليون متر مكعب يومياً.

وأكد أن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه فى مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أى مشروعات أحادية يتم تنفيذها فى دول حوض النيل، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه فى مصر.

واستعرض "عبد العاطى" الموقف المائى في مصر ، مشيراً إلى أن مصر تعتمد بنسبة ٩٧% على مياه نهر النيل ، وتصل احتياجات مصر المائية الى نحو ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ ٦٠ مليار متر مكعب سنوياً ، بعجز يصل إلى ٥٤ مليار متر مكعب سنويا ، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه ، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً.

وتابع: لمواجهة هذه التحديات وضعت الوزارة خطة لإدارة الموارد المائية حتي عام ٢٠٣٧ بالتعاون مع كافة الوزارت المعنية بإستثمارات تتجاوز الـ ٥٠ مليار دولار من المتوقع زيادتها الى ١٠٠ مليار دولار ، تهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً وتوفير البيئة الداعمة لقضايا المياه ، وتم خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة ، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد إستخدام المياه ، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية ، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقى والتحول للري الحديث، مشيراً لأهمية التوعية بقضايا المياه والتى نجحت على سبيل المثال في قيام المزارعين بالتحول لنظم الرى الحديث في زمام ٨٠٠ ألف فدان على نفقتهم الخاصة.

وأضاف أن مصر تتطلع لإستضافة مؤتمر المناخ القادم لعام ٢٠٢٢ (COP27) ممثلة عن القارة الإفريقية، وأنها فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة السمراء فى مجال المياه، مع وضع محور المياه على رأس أجندة المؤتمر، مشيراً إلى إنه وإيماناً من الدولة المصرية بأهمية محور المياه في ملف تغير المناخ، فقد تم إطلاق  عنوان "المياه على رأس أجندة المناخ العالمى" على إسبوع القاهرة الخامس للمياه والمزمع عقده فى شهر أكتوبر من العام القادم 2022، مؤكداً على أهمية أن تحظى التحديات المرتبطة بقطاع المياه بالاهتمام الدولي الكافى وخاصة في الدول الإفريقية.

وأكد عبد العاطى أن التعاون بين مصر والدول الإفريقية يُعد أحد العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبنى على أسس من الأخوة وتبادل الخبرات، مشيراً إلى ما تقوم به مصر من دعم للتنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التى يتم تنفيذها على الأرض.

ولفت إلى أن مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية، والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسى النهرية، ومساهمة الوزارة فى إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.

كما أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت مصر بتمويله، بالإضافة للعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس التى لم تعترض مصر على إنشائهم، ولكن إنشاء سد ضخم مثل سد النهضة ، وبدون وجود تنسيق بينه وبين السد العالى هو سابقة لم تحدث من قبل، الامر الذى يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الامر الذى ترفضه إثيوبيا، على الرغم من أن مصر عرضت على اثيوبيا العديد من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85% فى أقصى حالات الجفاف ، ومضيفا أن وجود آلية تنسيقية فى اطار اتفاق قانونى عادل وملزم يعد ضمن اجراءات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

كما استعرض الدكتور عبد العاطى مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل ، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكه حديد وربط كهربائي وربط كابل انترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل ، مشيراً إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الاقليمى ويجمع دول الحوض بإعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة علي نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة وإستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى ، مع التأكيد على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم ، والعمل على توفير فرص العمل ، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية ، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات ، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في "قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك".