رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«دار الهلال» في معايشة مرعبة مع شباب الأستروكس.. 739 نوع مخدرات بالأسواق.. والنهاية: «أرواح بتنسحب»

12-1-2022 | 22:33


المخدرات المصنعة كميائيا

إبراهيم محمد

اﻷستروكس، الفودو، الوايت، الفلاكا، الزومبى، والبودر والآيس" أنواع خطرة من مخدرات انتشرت فجأة وبدون سابق إنذار بين الشباب والمصريين كالنار فى الهشيم، ولجأ مروجوها إلى الأعشاب للتخفى خلفها لإلهاء الشباب عن أخطارها.

وخاض محرر «دار الهلال» مغامرة خطرة، تدق جرس الإنذار أمام الآباء والمسئولين، للكشف عن تأثيرات هذه السموم التي تنهى حياة ومستقبل الوطن باستلاب عقول شبابه وأجسادهم، بمعايشة مع ثلاثة من متعاطيها، رصد خلالها شعورهم وما يتعرضون له.

 

انطلاق رحلة البحث

في بداية الرحلة، بحث محرر «دار الهلال» عن أحد المتعاطين، لوضع خطتها، وبالفعل وصل إلى بعضهم،     وصارحناهم أننا بصدد إجراء تحقيق ميدانى عن الأنواع الجديدة للمخدرات فبادرونا بالموافقة الفورية بشرط عدم تصوير أى من المراحل بداية من مرحلة الشراء حتى التعاطى وظهور الأعراض عليهم، فوافقنا على مضض ليبدأ الجزء الأول من الرحلة، وهى شراء السموم.

 انطلقت سيارة أحدهم وأثناء الطريق أخبرنا واحد منهم أنه كان يجلب مخدر "اأستروكس والفودو" فى بداية تعرفه عليه من منطقتى المهندسين ومدينة نصر فقط من شباب "أوﻻد ناس" وذلك قبل انتشاره، موضحًا أنه أصبح متاحا فى كل مكان وخاصة المناطق العشوائية.

وفى وسط الحديث توقفت السيارة بأحد الشوارع الفرعية بمنطقة إمبابة ويسمى شارع "الغيط"، وما هى إلا دقائق بعد أن اتصل الشاب بتاجر"الأستروكس"، وأخبره بأننا وفى انتظاره، ليتوقف أمام شاب يافع لا تبدو عليه أى علامة من علامات الإدمان وصافح الشاب وبادره قائلا: "عاوز كيس ولا كيسين" ليجيب الشاب قائد رحلتنا: "عاوز كيس" وأعطاه 50 جنيها، لينصرف "الديلر" فى عجالة.

وفى طريق عودتنا استفسرنا منهم عن أماكن بيع مخدر" الفلاكا أو الزومبى"، قال إن أحد أصدقائه بمنطقة أكتوبر يجلبه من التجمع الخامس وأكد أنه كيس وزن 50 جراما بسعر 300 جنية للكيس الواحد ولكن تأثيره أقوى بكثير من الأستروكس والفودو لذلك لا يتعاطونه نهائيًا لأنه يدخل متعاطيه فى نوبة تشنجات قوية جدًا.

توجهنا بعدها إلى منزل صاحب السيارة لتبدأ مرحلة التجهيز بين الشباب الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم من 20:30 عامًا، حيث أفرغ أحدهم محتوى الكيس فى طبق صغير وأضاف كمية كبيرة من تبغ السجائر العادية وبدأ في تجهيزها "4 سجائر صغيرة جدا" وبدأوا فى تدخينها.

انتشرت رائحتها النفاذة بمجرد ‘شعالها وتناوب عليها الشباب الثلاثة، وما أن فرغوا منها، حتى ذهب كل منهم فى وادٍ، وبدأ تأثيرها فى الظهور الفورى، فالأول استلقى على ظهره فى حالة خمول شديدة وأخذ يردد الشهادة، فانتابنا حالة من الرعب عقب مشاهدتنا لهذا الموقف وظننا أنه يحتضر، ولكن سرعان ما زال عندما أخبرنا الثانى قائلا: "دماغه خفيفة وبيعمل كده على طول"، ثم توقف الثانى عن الكلام ودخل فى نوبة صمت طويله وضم ركبتيه إلى صدره وواضعا رأسه على ركبتيه ويتنفس بصعوبة بالغة دون أن ينطق بكلمة واحده ، بينما ظل الثالث يتمتم بكلمات غير مفهومة قبل أن يدخل فى غيبوبة تامة.

في هذا الوقت الذى استمر نصف ساعة، شعرت أنى على مشارف مشاهدة الموت البطئ، حتى استفاقوا من تأثير المخدر المدمر.

استفسرت منهم عن شعورهم بعد تناول المخدر، وقال أول: " شعرت وكأن روحى بتنسحب منى وهبوط لا أقدر على تحمله لهذا كنت أنطق بالشهادة وهذا هو شعورى كل مرة"، بينما قال الثانى: "جسمى كله نمل ولم أشعر به وشعرت أن الدنيا بتلف من حولى، ولم أستطع السيطرة على جسدى وكأن الدم الذى يسرى فى عروقى بينسحب قطرة قطرة"، ولم يختلف شعور الثالث عن زملائه، وما إن استعادوا وعيهم حتى بادر أحدهم وأمسك بالسيجارة الثانية وشرع فى إشعالها ، فتوجب على الانصراف قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

مواد كميائية فتاكة تهدد بجلطات في المخ

وأكد الدكتور محمد إبراهيم  طبيب شرعى لـ"دار الهلال" أن معظم المخدرات المصنعة كيميائيا، تأثيرها يفوق المتعارف عليها مئات المرات مشيرا إلى أنها مواد شديدة الخطورة على صحة الإنسان، وعندما ينتهى تأثيرها على تتزايد الهلاوس السمعية والبصرية التى يشعر بها من آن لآخر.

وأضاف كثرة تعاطيه يصيب المدمن بسرطان الرئه وجلطات بالمخ، وتكمن خطورتها فى صعوبة الكشف عنها بالطرق التقليدية لأنها مواد لم تدرج ضمن قائمة المواد المحظور تداولها أو ترويجها.

 739 نوعًا.. و«الفلاكا» أخطرها

من جهته، أكد الدكتور تامر حسنى استشارى الطب النفسى بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان لـ"دار الهلال" أنه فى الفترة الأخيرة نلاحظ ان تجار المخدرات يحاولون الترويج لأنواع جديدة من المواد المخدرة الصناعية الجديدة داخل المجتمع المصرى، الذى تشير الدراسات إلى أن مايقرب من 10% منه من المتعاطين، وصلت إلى 739 نوعًا.

وأشار إل أن الأضرار الناتجة عن استخدام الإستروكس تتضمن قلة النشاط والحركة ونقص ملحوظ فى الوزن واضطراب فى الجهاز الهضمى وأمراض صدرية وتضخم الكبد وارتفاع ضغط الدم وتوقف حركة القلب علاوة على الاضطرابات النفسية المصاحبة لإدمان هذا المخدر والتى تتمثل فى اضطراب الهلع والهلاوس السمعية والبصرية والحسية وهذاءات الاضطهاد.

وحذر من أنه إذا كانت البنية النفسية للمدمن ضعيفة فإنه مع الاستمرار فى التعاطى للإستروكس يتحول الى مريض عقلى.

الإدمان = «مجتمع هش»

وأكدت الدكتور عزة كريم أستاذ علم اﻻجتماع بالمركز القومى للبحوث اﻻجتماعية والجنائية لـ"دار الهلال" أن استمرار انتشار مثل هذه الأنواع من المخدرات يحول المجتمع الذى يقوم فى تكوينه الأساسى على تكوين شخصية الفرد وخاصة الشباب الى مجتمع هش غير قادر على العمل والإنتاج والتقدم ويزيد من معدل الجرائم البشعة.

وأشارت أستاذ علم الاجتماع إلى أن التربية والحياة الأسرية التي يعيشها الشخص منذ الصغر تعتبر السبب الرئيسي لتعاطي العديد من الشباب المخدرات.