في ذكرى وفاتها.. رحلة بين الأفلام المجهولة في حياة فاتن حمامة (صور نادرة)
قدمت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، العديد من الأدوار البديعة التي أصبحت خالدة في تاريخ السينما العربية، ورغم تنوعها ما بين الفتاة الأرستقراطية والفلاحة والسواحلية والبدوية وبنت الفقراء وبائعة اليانصيب والحبيبة الوفية، إلا أن مجمل تلك الأفلام كان في دائرة الشجن والدموع، سواء كانت أفلاما رومانسية مثل بين الأطلال ووداعا يا غرامي، ودعاء الكروان مرورا بصراع في الوادي وصراع في الميناء والحرام وطريق الأمل وموعد مع الحياة.
ويبدو أن صناع السينما العربية ارتكزوا على ملامح وجسد وأداء فاتن حمامة للقيام بدور المرأة التي تطحنها رحى الحياة، سواء في الريف أو في المدينة، ولكن هناك جانبا آخر في مسيرتها أظهرت فيه فاتن حمامة نقيض تلك الأدوار، وساعدها صناع السينما العالمية على ذلك، حيث ظهرت فاتن حمامة الأخرى .. القوية .. المتمردة .. التي تطارد وتطلق النار على الأشرار .
وفي ذكرى وفاتها، تستعرض السطور التالية الجانب الآخر من حياة فاتن حمامة والذي أخرجه للنور كبار رجال السينما العالمية، ونظهر لجمهورها أفلامها المجهولة.
راقصة في "القاهرة"
بدأت رحلة فاتن حمامة إلى السينما العالمية مع نهاية عام 1962 ، فقد عرض أول أفلامها "القاهرة ـ Cairo" في لندن في يناير 1963 وهو من إنتاج شركة مترو جولدن ماير، وأخرجه الأمريكي وولف ويلا، ومن المؤكد أنه كان هناك رابطا بين إقدام فاتن حمامة على تلك الخطوة وبين انخراط زوجها آنذاك عمر الشريف في السينما العالمية، فهل كان لعمر نفسه يد في دخول فاتن السينما العالمية، أم كانت الصدف القوية التي جعلتها تخوض تلك التجارب لإتبات قدرتها على الإبداع محليا وعالميا؟
جاءت قصة فيلم "القاهرة" الذي شاركت فيه فاتن بالبطولة مأخوذة عن فيلم "غابة الأسفلت" إنتاج 1950، وجسدت فيه فاتن دور راقصة تحب الشاب "علي" الضائع الذي تغريه إحدى العصابات للإشتراك في سرقة آثار من المتحف المصري، وتحاول البطلة فاتن حمامة إبعاد حبيبها عن العصابة ، لكنه كان يحلم بشراء أرض ليقيم عليها مزرعة ، وهو من ضمن الشبان المتلهفين على الثراء وقد جمعهم اللص الدولي الذي قام بدوره "جورج ساندر"، لينجح مع مجموعته في اختراق المتحف المصري والحصول على أثار "توت عنخ آمون"، لكنه لم يستطع تهريب الآثار إلى الخارج، فقد كانت الشرطة المصرية تترصدهم، فوقعوا في قبضتها، ويحصل "على" حبيب "أمينة" التي جسدتها فاتن حمامة على مكافأة يستطيع من خلالها شراء المزرعة التي كان يحلم بها.
شارك فاتن البطولة الممثل العالمي جورج ساندر وريتشارد جونسون في دور "على" مع جون ميلون وإريك بولمان، أما من النجوم العرب فقد شارك أحمد مظهر وكمال الشناوي وشويكار وصلاح نظمي وسعيد أبو بكر ويوسف شعبان وصلاح جاهين وناهد صبري، ولم يكن الفيلم مدبلجا بل تحدثت فاتن وأبطال الفيلم باللغة الإنجليزية بطلاقة .. وهنا نضع أيدينا على ملامح جديدة لفاتن حمامة في دور غريب عليها أدته ببراعة، ولم يظهر أبدا في السينما العربية.
مغَامِرة في "ظل الخيانة"
يعتبر فيلم "ظل الخيانة" أو Shadow of Treason هو الفيلم الثاني المجهول في مسيرة فاتن حمامة السينمائية، ويعد أيضا ثاني أفلامها العالمية وهو الذي قامت فيه بدور جرئ لم نعهده مطلقا في حياتها، سواء على الشاشة العربية أو من خلال شخصيتها الوديعة التي طلت بها علينا طوال حياتها، فقد قامت بدور "ناديا لوتوف" التي تشارك في مغامرة تطارد فيها الأشرار وتواجههم، وتصاحب مجموعة مغامرين للبحث عن كنز دفين في إحدى الغابات الصومالية، وحمل هذا الفيلم مساحة أكبر لفاتن حمامة من حيث الدور والتأثير، فقد كان إسمها الثاني على أفيش الفيلم بعد بطله جون بنتلي، أما الممثلة أنيتا ويست فقد جاء في نهاية الأفيش نظرا لأنها وجه جديد.
ويجسد بنتلي دور حارس شخصي يتمتع بالقوة والدهاء لراقصة "أنيتا ويست" والتي ينقذها من موت محقق فتأمن له وتسلمه خريطة كنز كان والدها قد دفنه في الصومال بعيدا عن أعين بعض الخونة الذين كانوا يبتزونه .. ويصطحب بنتلي معه فاتن حمامة " ناديا لوتوف" المغامرة التي يمكنها استخدام المسدس ومطاردة الأشرار والتي مات والدها بعد أن كان يهدد طائفة من الناس بأن لديه من الوثائق ما يفضحهم، وفور موته بدأوا في مطاردة إبنته " ناديا " فاتن حمامة للحصول منها على الوثائق، وبعد مطاردات عنيفة في حواري وشوارع يوغسلافيا يكتشف الجميع بأن والدها لم تكن لدية أية وثائق.
ظهرت فاتن حمامة في ذلك الفيلم المجهول برداء مغاير تماما لشخصيتها ، فقد جسدت دور المغامرة التي تجوب أدغال أفريقيا أيضا بصحبة مجموعة لا تثق فيهم، حملت في حزامها مسدسا لمواجهة الأشرار أو بعض حيوانات الغابة أثناء رحلتهم للبحث عن الكنز، وأدت فاتن الدور ببراعة سواء في مطارة ومواجهة الأشرار في شوارع يوغسلافيا أو بين أحراش الغابات الصومالية، وأظهر هذا الفيلم أيضا جانبا لم نعهده في أدوار سيدة الشاشة العربية، وهو قصة وإخراج جورج بريكستون وشارك في البطولة فيردي ماين، وعرض في لندن أيضا عام 1963
بدوية في أسبانيا
خاضت فاتن حمامة تجربة السينما العالمية للمرة الأخيرة في فيلمها المجهول أيضا "رمال من ذهب" والذي بدأت العمل فيه منتصف عام 1970 ليعرض في 1 يناير 1971 ، وقامت بدور بدوية مغربية وهي "زبيدة" التي يتصارع على قلبها إثنين من أبناء العم ويتقدمان للزواج منها، فيوافق الأب على ياسر، أما طارق فيسافر إلى أسبانيا للعمل في مصارعة الثيران، وتهرب زبيدة للحاق بطارق الذي يطلب منها العودة إلى المغرب حتى لا يغضب منها والدها، لكنها تظل بجانبه حتى يحقق ثروة طائلة، ويشعر ياسر بالخديعة فيقرر السفر إلى أسبانيا للنيل من طارق وزبيدة، وعند وصوله إلى حلقة المصارعة التي يعمل بها طارق يجده جريحا بسبب هجوم الثور عليه، ويرى حب ورعاية زبيدة له وخوفها عليه فيتراجع عن انتقامه ويعود إلى المغرب.
الفيلم قصة وسيناريو وحوار إحسان عبد القدوس، وإخراج يوسف شاهين الذي شارك أيضا في كتابة السيناريو، وشارك في البطولة الممثل بول بارج مع إيلينا ماريا نيفيرو وكارلوس موينث ومن الممثلين العرب دريد لحام ونهاد قلعي مع عبد الوهاب الدوكالي وعبد السلام العمراني .. وقبل عرض الفيلم نشر خبرا في الصحف كتبه مدير الإنتاج إبراهيم المدلل أن فيلم "رمال من ذهب" ليس لبنانيا، بل اشتركت في إنتاجه ست دول من ثلاث قارات وهي لبنان وسوريا والمغرب ومصر وفرنسا وأسبانيا ، وأكد المدلل أن أعلام تلك الدول سترفع على السينما التي يعرض بها الفيلم وهو من بطولة فاتن حمامة.