رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الوطن»

18-1-2022 | 13:04


د. شيرين الملواني,

 أتعجب من منشورات بعض الآباء على مواقع التواصل الاجتماعي من باب الهزل والدعابة؛ يتندرون فيها بنقاشات مع أبنائهم؛ عارضين فكر ورؤية الأجيال القادمة من أطفال ومراهقين للوطن؛ وتنصب غالبيتها في انعدام الولاء للأرض؛ سواء بالتسفيه من أي حدث مقام، أو بالتنصل من انتمائهم للجنسية واللغة العربية، مع استخدام ألفاظ ساخرة لنماذج وطنية وسياسية تاريخية أو حالية؛ ولا يخلو الأمر من إبداء الرغبة العارمة نحو الهجرة وعقد المقارنات مع دول العالم الأول - من وجهة نظرهم - والتشكيك المستدام لأي تقدم ملموس على أرض الواقع.

وللرد عليهم أقول: الوطن هو تلك البُقعة الجُغرافيّة التي يولد فيها الإنسان على الأغلب، أو ينحدر منها، وتُزرع محبة الوطن في نفوس أفراده مُنذ الصغر، بل يكاد الشعور بحُبّ الوطن أن يكون فطرياً، يولد مع الإنسان ويتأصل داخله وهو ما يفرض عليه مُسلمة تَحمُل الواجبات العديدة تجاهه ،ولحب الوطن أركان إن لم تستطع أن تزرعها في بذرتك فلا تحجب وصولها للأجيال القادمة؛ أولها الانتماء الذي يعد الحافز القوي للحفاظ عليه، وحمايته من أيّ ضررٍ أو تهديدٍ، وهو ما يدفع المارّ في شوارعه، والمنتفع بمرافقه العامة، والزائر لمتاحفه إلى تجنب إيقاع أبسط أنواع الضرر بها، من باب الانتماء.

ثانيها بالتبعية غيرة الدفاع عن الوطن؛ فعِند تعرُّض الوطن للغزو أو الخطر أو تُهدّد مصالحه، يهبّ تلقائياً أفراده لحماية حدوده، ومنافعه ومقراته، ويُقدِم الدعم لحماته الجنود بلا أدنى تردد أو تفكير، بل ويتطوع لا إراديا من أجل فداءه.

ثالثا دعم اللحُمة الوطنية؛ بوجوب أن يكون المواطن مُصلحاً لأحوال الناس، فيتجنب إحداث الفِتنة والفُرقة، ويبعث بالخير والمحبّة بينهم، كما يترفع أبناء الوطن الواحد عن الاختلاف المذهبيّ والعشائريّ، فمن أحبّ وطنه تخلى عن نعراته القَبَلية لأجله وعن ترفع عن جمودية أفكاره، فكم حرباً أهليةً اشتعلت ولم تهدأ إلّا بعد سنوات وجعلت أوطاناً عزيزةً، ذليلةً بين الأُمم.

ورابع الأسس هي احترام القوانين وهو ما نفتقده في مجتمعنا وأصبح نقمة الأجيال القادمة؛ فمن واجب المواطن احترام القانون، والالتزام بما يصدر عن السُلطات التشريعية؛ لما في ذلك من دعمٍ له، ولمصلحة سائر المواطنين، فالقوانين تكفُل الحقوق، وتحفظها من الضياع، وتُنظم غايات الناس، وأهدافهم في الحياة، وتُبيّن للفرد واجباته وتضمن له حقوقه، وهو ما ننشده عن مناداتنا  بالتحلي بالأخلاق الحسنة التي تبني الفرد بشكلٍ سليم، وتُعبر عن رقي الشعوب، ورحت أصواتنا مطالبة بوجوب الحفاظ على النظام العام، ويشمل ذلك تفاصيل القوانين، والقواعد الصغيرة فيه كنظام المرور والذي لم يفلح تطبيقه ذاتياً حتى الآن دون حبس أو غرامة أو عقوبة.

تربية الأطفال على حُب الوطن، وكيفية الحفاظ عليه مهمة ليست بالبسيطة؛ وإذا أصاب السهو راعي البيت لابد أن تُذكِر وتُعلم وتبني المدرسة، فكل ما ذكرته يمكن أن يُدرج في كتب من أجل تعزيز المناهج التعليمية المدرسيّة خاصّةً بالحديث عن معنى الوطن، والمسؤوليات المُلقاة على كاهلنا تجاهه.

طُبِقت علينا في مدارسنا مادة (التربية القومية) وكان لها أبلغ الأثر في تكوين شخصيتنا الوطنية وأججت فينا الانتماء والغيرة والحمية على أرض وطننا؛ وكُنا من المحظوظين أصحاب الآراء القاطعة أمام أخطار واجهتها البلاد، ورفضنا وثُرنا في وجه من نعت الوطن بأنه "حفنة من تراب"!؛ فلا تُقصروا في تنشئة الجيل الحالي والقادم؛ فالضريبة ستدفعها أرض هذا الوطن وسيتوق عقاب التقصير رقبة الآباء، فأفيقوا واستقيموا يرحمكم الله.

بقلم ... دكتورة/ شيرين الملواني