نحن التاريخ
تخطت مصر على مر الأزمان الكثير من التحديات الصعبة؛ لكنها كانت دوماً الرقم الصحيح في أي معادلة كبرى تخص الإقليم وربما العالم كله؛ لم تكن مصر نقطة على الخريطة تتجاوزها مقاييس الرسم أو خطوط الطول ودوائر العرض؛ لكنها كانت الفاعلة والقاهرة دوماً؛ لم تفضل أبداً ثقافة أخرى على ثقافتها ولم تتغير لغتها المصرية البسيطة التي يفهما الوزير ويفهمها الغفير بفعل الاستعمار أو الاحتلال.
إن مصر كانت ولا تزال مهد الحضارة والتاريخ؛ وشاهدة على نجاحات غير مسبوقة تحققت في كل حقبة زمنية ومرحلة تاريخية ملهمة؛ بل كانت دوماً هي الروح للجسد وهي القلب الذي ينبض بالحياة؛ محفوظة بإذن ربها وبفضله وكرامات الرسل الذين مروا بها.
لكنني وجيل الثمانينات عاصرنا قضايا وتحديات من نوع آخر غير ما كان معتادا من أزمات كالحروب والصراعات العرقية والاحتلال والمجاعات والكوارث الطبيعية وغيرها؛ بل وجدنا أنفسنا في دولة كبيرة يتخطى سكانها الـ110 مليون نسمة وتتعرض لمؤامرات ضخمة أرادت قوى أن تمحي تاريخها إلى الأبد وتعيدنا مرة أخرى إلى عصر اللا دولة واللا وطن.
يناير وما بعدها
عاصرنا يناير 2011م بما فيها من أحداث وفتن؛ ورأينا فيها كيف تضيع الأوطان في غمضة عين؛ تآمر البعض وتلوّن الآخر وركب الموجة الكثير والكثير إلى أن اصطدمنا بفصيل منبوذ يحاول أن يزرع ذيوله في كل شبر من أرض مصر وفي كل عائلة وفي كل منزل؛ وكان مقدراً لمصر وشعبها أن ترى الوجه الحقيقي لهذا الفصيل الذي ظل يحاول طيلة 83 عاماً حتى نال ما أراد في عام كبيس تحولت مصر الحضارة والدولة إلى شبة دولة تغتالها الدول في داخلها وتتلاعب بها الأخرى في محيط الخارج؛ وأصبحنا بين مطرقة الإخوان وسندان قوى الشر.
أيضيع مصر هذه الدولة بين أيدي جماعة إرهابية اعتلت حكم مصر في لمحة من الزمن؟ وتصير الأمور إلى احتلال فكري وثقافي استعماري تغذيه جماعة الإخوان الإرهابية بدس السم في العسل في كافة الفعاليات والأحداث؛ وتنشر سرطانها في كل مفاصل الدولة تمهيداً لتغيير عقيدتها الفطرية إلى عقيدتهم "الحاكمية" التي نشأوا عليها بعد تعاليم الإرهابيين "قطب والبنا"؟
كانت الإجابة دوماً .. لا
عودة الدولة
حينما تضيع الأوطان بهذه السرعة قلما تجد من الأبطال من يستطيع أن يعيد الأمر لصوابه مرة أخرى؛ حتى ولو تكلف الأمر حياته وحياة من هم في ذويه؛ إلى أن أرسل الله لنا رئيساً مخلصاً وأميناً استطاع اتخاذ القرار الصعب في التوقيت الأصعب لينقذ مصر من براثن الإرهاب والتطرف ويعود بها إلى طريق النجاة والإستقرار والأمن.
في بيان 3 يوليو ولدت مصر من جديد؛ وأراد بها الله خيراً حينما سبب الأسباب ليتولى المشير السيسي مقاليد حكم البلاد؛ بل وبثّ في هذا الشعب الحياة مرة أخرى بعدما فقد الأمل في كل شيء؛ وأراد الرئيس السيسي أن يضع ثلاث محاور مهمة لخارطة لعودة الدولة مرة أخرى وهي: مرحلة بقاء الدولة - مرحلة تثبيت الدولة - مرحلة بناء الدولة.
مصر التي أعيش
استطاع أن يحقق الرئيس السيسي انتصارات مدهشة في قطاع بقاء الدولة دعماً للمؤسسات الأمنية والقوات المسلحة؛ وتطهيراً للبؤر الإجرامية وحفظ الأمن وحماية المؤسسات؛ كما استطاع أن يضع أساساً لبقاء الدولة بتثبيت مؤسساتها ورفع كفاءتها بشكل متوازن؛ تمهيداً لإعادة بناء الدولة من جديد؛ فأحرزت الدولة المصرية تقدما ملحوظا فى مسيرة التنمية على الأصعدة كافة، في قطاعات متعددة مثل رفع مستوى معيشة المواطنين، والالتزام بتطبيق برنامج جاد للإصلاح الاقتصادى كان من أهم أولويات العمل في إعادة بناء الدولة مرة أخرى؛ والذي كان يستهدف دعم دور القطاع الخاص فى التنمية، وتحفيز إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتطوير دعم أفكار ترتبط بريادة الأعمال، وتوفير بيئة جيدة للشباب في هذا الشان بتسهيل التمويل من البنوك؛ فضلا عن المضي قدما بتحسين خدمات الإسكان، والتعليم، والصحة، والنقل، وشبكات الحماية الاجتماعية، كما أولت الدولة المصرية اهتماما بالغا بتعزيز التعاون الدولى مع المؤسسات الدولية والتعاون الثنائى مع الدول الصديقة، بما مكنها من المضى قدما بخطوات متسارعة فى مسيرة التنمية.
وحينما نتحدث عن الأرقام يمكننا القول بان الدولة المصرية استطاعت أن تنتهى من تنفيذ نحو 14762 مشروعاً، وذلك فى الفترة منذ تولى الرئيس السيسى وحتى 30 يونيو 2020م، وبتكلفة تقديرية بلغت نحو 2207.3 مليار جنيه، كما يتم تنفيذ نحو 4164 مشروعة بتكلفة تقديرية تبلغ 2569.8 مليار جنيه مصرى.
وتعددت قطاعات هذه المشروعات بين الزراعة باستصلاح حوالي مليون ونصف المليون فدان، الذي أطلقه الرئيس السيسي من الفرافرة يوم 30 ديسمبر 2015م للبدء المشروع القومي الاستصلاح المليون ونصف المليون فدان.
ويشمل المشروع 13 منطقة في 8 محافظات، تقع في صعيد مصر وسيناء، طبقا لحالة المناخ وتحليل التربة ودرجة ملوحة المياه هي، قنا، وأسوان، والمنيا، والوادي الجديد، ومطروح، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، والجيزة، وتم اختيارها بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق.
وتم استرداد أراضي الدولة المنهوبة في أكبر حملة تم إطلاقها من السيد الرئيس ومشروع الصوامع حيث صدر قرار جمهوري بإنشاء 50 صومعة معدنية داخل مصر تنفذ على عدة مراحل سعة كل منها 30 ألف طن بتخزين الأقماح المحلية، ويهدف المشروع إلى القضاء على الفاقد الكمي والنوعي للحبوب والناتج عن تخزينها في الشون المفتوحة والذي يصل نسبته إلى 10 % مما يكبد الدولة خسائر كبيرة.
كما تم إطلاق المشروع القومي للغذاء بهدف إنشاء حوالي 100 ألف صوبة زراعية، تستهدف بناء مجتمعات زراعية تنموية متكاملة، وتعظيم الاستفادة من وحدتي الأرض والمياه، كما يوفر مشروع الصوب الزراعية أكثر من 300 ألف فرصة عمل للشباب من خريجي الجامعات.
وكذلك المشروع القومى للإسكان الاجتماعي بحجم استثمارات 21 مليار جنيه لإنشاء 220 ألف وحدة؛ ومشروع تنمية محور قناة السويس بحجم استثمارات تبلغ 19.9 مليار جنيه؛ ومشروع شبكة الطرق القومية بقيمة 16.9 مليار جنيه وتصل أطول الطرق المستهدف رصفها خلال عام 20/21 حوالى 1400 كم ،لاستفادة 25 محافظة من المشروع؛ ومشروع التأمين الصحى الشامل باستثمارات قدرها 4 مليارات جنيه، وتصل عدد المنشآت الصحية المستهدف تطويرها خلال عام 20/21 65 منشأة؛ ومشروع العاصمة الإدارية الجديدة باعتمادات 15.5 مليار جنيه، وشروع تطوير شبكة السكك الحديدية بـ13.9 مليار جنيه؛ ومشروع تطوير وتوسعة شبكة مترو الأنفاق بـ12.3 مليار جنيه؛ ومشروع التحول الرقمى والبنية المعلوماتية باستثمارات 11.7 مليار جنيه؛ ومشروع تطوير المناطق العشوائية بقيمة 10 مليارات جنيه، بحيث تصل عدد الوحدات العشوائية وغير المخططة المستهدف تطويرها خلال عام 20/21 يبلغ 273 ألف وحدة.
إلى جانب حوالي 681 مشروعاً في الكباري والأنفاق و 86 مشروعاً في قطاع الغاز الطبيعي والبترول و 12 مشروعاُ استثمارياً ضخماً وحوالي 236 مشروعاً في قطاع الإسكان والمدن الجديدة؛ و71 مشروعاً للثروة السمكية والحيوانية و19 مشروعاً في قطاع البحث العلمي وحوالي 49 مشروعاً في قطاع تكنولوجيا المعلومات و 55 مشروعاً للقضاء على العشوائيات و 35 مشروعاً لتطوير المدن و 990 مشروعاً في قطاع التعليم وحوالي 117 مشروعاً لتطوير قطاع التموين والتجارة الداخلية و 225 مشروعاً للخدمات العامة و حوالي 523 مشروعاً دينياً لبناء مساجد وكنائس و 86 مشروعاً في قطاع السياحة والآثار و 173 مشروعاً في قطاع الكهرباء والطاقة؛ 189 مشروعاً في قطاع الرياضة وحوالي 550 مشروعاً في قطاع الصحة و حوالي 141 مشروعاً في الموارد المائية والري و حوالي 509 مشروعاً للصرف الصحي ومياه الشرب وحوالي 133 مشروعاً للنقل والمواصلات.
ناهيك عن المبادرات الرئاسية الضخمة التي تحيط الجمهورية الجديدة كلها؛ تبدأ بالريف المصري في المبادرة الأضخم في التاريخ المصري وهي "حياة كريمة" ومبادرة 100 مليون صحة التي ساهمت في القضاء على فيروس سي من مصر إلى الأبد؛ ومبادرة "تكافل وكرامة" لدعم المحتاجين من المصريين؛ ومبادرة سكن كريم لدعم المشروع القومي للقضاء على العشوائيات؛ وفي قطاع الشباب المبادرة الرئاسية "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة" ويهدف البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب على القيادة بإنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كي تكون مؤهلة على العمل السياسي والإداري والمجتمعي بالدولة؛ وصندوق تحيا مصر هو صندوق تم الإعلان عنه ضمن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم اقتصاد مصر والتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ودعم العدالة الاجتماعية؛ ومنتديات شباب العالم والمؤتمرات الوطنية للشباب التي كسرت الحاجز بين القيادة السياسية والشباب المصري وأشركتهم في دائرة اتخاذ القرار.
إن مصر التي أعيش الآن هي الدولة الكاملة التي استطاعت امتلاك القدرة ومقومات القوة لتواجه تحدياتها بشجاعة وتبني نفسها بنفسها؛ وتخطط لمستقبلها لتكون أمة ذات شان كما كان عهدها وحضارتها؛ وتتولى الدولة المصرية العمل في كافة القطاعات وعلى كافة الأصعدة بشكل متوازن يسمح لها بتحقيق معدلات معقولة من النمو في ظل ما تعيشه من تحديات على المستوى الإقليمي والعالمي.