"نيويورك تايمز": العلاقات الروسية - الصينية القوية تُرهِق واشنطن مع زيارة بوتين لبكين
سلطت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية الضوء على الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بكين والمقررة يوم الجمعة المقبل، والتي ستشهد أول لقاء وجهاً لوجه يجمعه بنظيره الصيني شي جينبينج منذ عامين.
وأشارت الصحيفة في تحليل نشرته على موقعها الإليكتروني اليوم /الثلاثاء/ أن هذه الزيارة من شأنها أن تبرز قوة العلاقات بين الصين وروسيا والأزمات التي قد تسببها تلك العلاقة للولايات المتحدة ودول الغرب خاصة في أزمة أوكرانيا.
ولفتت إلى أنه بينما تُسارع حكومات دول الغرب لتوقع تحركات بوتين ونواياه تجاه أوكرانيا، فإن الصين قد تمتلك الرؤية الأوضح لأهداف روسيا؛ نظراً للعلاقات التي ازدادت عُمقاً خلال السنوات الماضية بين بكين وموسكو في شراكة هامة بالنسبة للبلدين يتبادلان فيها الموارد والتكنولوجيا لمواجهة عالم تُسيطر عليه الولايات المتحدة.
ونوهت الصحيفة عن أن المرة الأخيرة التي استضافت فيها الصين دورة الألعاب الأوليمبية في 2008، قامت روسيا بغزو جورجيا بينما كان بوتين في بكين لمشاهدة مراسم افتتاح الأولمبياد، وهو ما دفع المحللون السياسيون لعدم استبعاد حدوث الأمر نفسه هذه المرة لكن على الصعيد الأوكراني.
ولفتت الصحيفة إلى أن كل المؤشرات تجعل زيارة بوتين المُرتقبة إلى بكين ذات ثقل سياسي كبير، خاصةً وأنها فرصة مُنتظرة منذ مدة طويلة ليناقش فيها الزعيمان بوتين وجينبينج أزمة أوكرانيا وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية.
وبالفعل وصف وزير الخارجية الصيني وانج يي اللقاء بين الزعيمين بأنه "حدث رئيسي في العلاقات الدولية"، كما دعت وزارة الخارجية الأمريكية بكين لممارسة نفوذها على روسيا لدفعها إلى القبول بحل دبلوماسي في أوكرانيا.
لكن الصين تُعتبَر أحد المستفيدين من أزمة أوكرانيا، حسب ما ذكرته الصحيفة، لأن روسيا دفعت دول الغرب إلى توجيه تركيزهم بالكامل على حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية في وقت كانت الحكومات الغربية تخطط لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في الصين من خلال شنّ مقاطعة دبلوماسية للأولمبياد، وذلك بجانب الفرص التجارية التي قد تزدهر بين الصين وموسكو في حالة فرض الغرب عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا.
وفي الوقت نفسه، تحمل احتمالية وقوع نزاع مسلح في أوكرانيا بعض المخاطر على الصين، حسب ما قاله مدير برنامج الدراسات الأمنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تايلور فرافيل.
وأوضح أن روسيا لا ينبغي أن تعتمد بشكل أساسي على دعم الصين؛ نظراً لأن الأخيرة تشتري كميات كبيرة من المعدات العسكرية من أوكرانيا ولا ترغب في أن تعلق وسط حرب لا مغزى منها، ولذلك فإن بكين مستعدة لتقديم الدعم الدبلوماسي لورسيا لأنها لا تريد اندلاع نزاع مسلح في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن الصين أكدت على دعمها الواضح للتحركات الروسية في خطاباتها الدولية خلال الفترة الماضية، لكنه دعم مُتبادل حيث قدم بوتين أيضاً دعمه العلني للصين بعد إعلان واشنطن وحلفائها مقاطعتهم الدبلوماسية لأولمبياد بكين الشتوي.
ولفتت إلى أن هذا الدعم هو نتيجة للوحدة التي جمعت بوتين وجينبينج بسبب العقوبات الأمريكية ضد بلديهما، بجانب العديد من العوامل الأخرى مثل طموح كليهما لتوسيع نفوذ بلاده.
وفي هذا الصدد، أوضح أليكسي ماسلوف، مدير معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية في جامعة موسكو الحكومية، أن الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على الصين وروسيا هو الذي قدم للبلدين منصة مُشتركة .. مشيراً إلى أنه فجأة أصبح لدى البلدين مصالح مشتركة وتفاهم مشترك للأوضاع المختلفة، والأهم من ذلك هو أن كلاهما اكتشف بعض القيم المشتركة مع الآخر.
ورغم اختلافهما في بعض القضايا الدولية والإقليمية وعدم قبول أيا منهما التنازل عن مصالحهما القومية، إلا أنه في وجه التهديد الأمريكي تعمقت العلاقات بين الصين وروسيا وكذلك التجارة التي شهدت نمواً واسعاً في مختلف القطاعات مثل الغاز الطبيعي والتكنولوجيا والصناعة، وهو ما قد يحمي روسيا من الآثار السلبية للعقوبات الأمريكية والغربية.