يحدث أن يأتيك شخص تشعر أنه بعض منك، يفهم ما تود قوله قبل أن تتحدث به، يسعى لمساعدتك، وكأنك قد أصبحت جزءًا من مهامه، ومسئولياته! تتساءل فى نفسك: ما الذى يجعله يفعل معى كل هذا؟! سأجيبك ببساطة إنه إنسان أدرك جيدًا معنى إنسانيته. هو يفعل هذا، ويعلم أنه الفائز فى النهاية. إنه سيحصل على ثمن لا يمكن أن يمنحه له أحدًا سوى خالقه. سترى فيه الصديق الحق. مهما مرت بك، وبه الأيام.
قد تصادف شخصًا لا تعرفه من قبل يبتسم لك، وأنت تسعى فى طريقك لإنجاز بعض مصالحك فى مكان ما، وكأنه يعلن لك عن استعداده لمساعدتك دون أن ينطق بكلمة، إنه المختلف عن رفقائه فى المكان. يسعى جاهدًا لنيل أعظم شعور إنسانى لديك. ينتظر نظرة الحب التى تملأ عينيك، وابتسامتك تلك هى التى سوف تبهج نفسه، وتشعره بالاكتفاء.
حب الناس منحة إلهية لا يمكن أن تدخل فى مزادات، ولا تقبل أى مساومات.
أحيانًا تقابل شخصًا لأول مرة، ثم تجده يقسم لك بأغلظ الأيمان أنه قد قابلك من قبل، ولكنه لا يتذكر متى، وأين!
يبدى استعداده لمساعدتك، وقد جعل من إحساسه نحوك يقينًا يحركه. كن على ثقة بأن الله قد وضع فيك ما لا يملكه الكثيرون. كن سعيدًا بذلك فأنت قد حصلت على حب الناس الذى يعد ترجمة حرفية لحب الله لك.
أراك تردد مرةً أخرى سؤالًا، وهل هناك من يمنح الحب فى زماننا هذا بالمجان؟! سأقول نعم إنهم من ينتظرون الأجر من رب العالمين، ولا حاجة لهم فى منح أهل الأرض، أو عطاياهم القليلة، وإن عظمت.
دعنى أخبرك ببعض صفاتهم: ستجد وجوههم، وقد اكتست ملامحها بمسحةٍ من القدسية، والجلال! التواضع يملأ نفوسهم، والمبادرة فى عمل الخير هى شعارهم فى الحياة. يساعدون غيرهم، ويسعدون بتقديم العون لهم. يجدون فى ذلك فرصةً لا يجب أن تفوتهم بأى حال من الأحوال.
أعلم بأن هناك من يجد فى إسعاد الآخرين أسمى أمانيه، وأقصى طموحاته. أعلم أن الخير فى دنيانا مازال بخير، فلولا وجود هؤلاء الأنقياء بيننا لانتهت الحياة، وقضى الأمر. حافظ عليهم، فهم صمام الأمان.