بعد ساعات من وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى أرض الوطن قادمًا من زيارة إلى فرنسا بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون؛ للمشاركة ضمن عدد محدود من الرؤساء في قمة «محيط واحد»، التي تعني بالموضوعات البيئية.. استقبل الرئيس السيسي، أمس، وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، في ظل الاهتمام غير المسبوق من العالم بمصر، باعتبارها مركز الثقل الإقليمي.
أيام، وأحيانًا ساعات، تفصل ما بين زيارات الرئيس السيسي الخارجية، وأيضًا لقاءاته واستقبالاته في الداخل لرؤساء وكبار المسئولين في العالم من مختلف الأطياف في المجتمع الدولي، سواء من الصين إلى أوروبا إلى أفريقيا، إلى العالم العربي، بالإضافة إلى لقاءات ثنائية مع رؤساء الدول وكبار المسئولين في العالم على هامش الفعاليات الدولية، كما حدث في زيارة الرئيس السيسي للصين، للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وأيضًا في مدينة بريست الفرنسية، ولقاءاته مع رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس وزراء النرويج، وهو ما يعكس حالة الزخم والاهتمام الدولي بمصر ودورها وثقلها ومكانتها.
قمة «مصريةــ صينية».. ثم قمة «مصريةــ فرنسية».. وقبلها قمة «مصريةــ سنغالية، وجزائرية».. فالأجندة المصرية في مجال العلاقات الدولية ثرية ومتنوعة ومتعددة، خاصة أن الجميع يعول على دور مصر ويثق في قدراتها وسياساتها الشريفة، وأيضًا يسعى إلى عقد شراكات لتبادل المصالح والمنافع والخبرات والتجارب، والاستفادة من مقومات التنمية والموارد الطبيعية والتنسيق في الملفات والقضايا والأزمات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
تختلف المواقف والرؤى والانطباعات عندما ندرك قيمة وأهمية ومحورية الدور المصري، وشرف سياساتها وثوابتها، وأيضًا حينما يطلع الآخرون على مكونات الثقل المصري، والتأكد أنه لا غنى عن دور مصر.. وربما وحسب علمي أن زيارة وزيرة الخارجية الألمانية، هي الأولى بعد تولي المستشار الألماني أولاف شولتز مسئولية قيادة ألمانيا، بعد رحيل العملاقة أنجيلا ميركل.. ولقد استوقفتني كلمات السيدة أنالينا بيربوك وشهادتها عن مصر، وما حققه الرئيس السيسي خلال السنوات الماضية، وهو ما أشعرني بالفخر، خاصة أن هذه الكلمات تدور على ألسنة ليس فقط أكبر المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والبحثية في العالم، وأعرقها.. ولكن في خطاب رؤساء أكبر وأهم وأقوى دول العالم.. واهتمام الدول الباحثة عن استلهام التجربة المصرية، في البناء والتنمية المستدامة والشاملة والتقدم.
الحقيقة أن ما قالته وزيرة خارجية ألمانيا، شهادة مهمة تضاف إلى شهادات دولية مشرفة فى حق مصر.. وربما لم تصل إليها الأقلام المصرية التى تتحدث عن التجربة المصرية خلال أكثر من 7 سنوات مهمة أسست فيها مصر لدولة عصرية بكل المقاييس، وعندما تقرأ مضمون ما قالته السيدة أنالينا عن مصر أمام الرئيس السيسى تجد مفردات ومكونات ومحاور تمثل وتجسد إنجازات ونجاحات مصرية فى العديد من المجالات وتشكل محور اهتمام العالم بالحالة المصرية المتفردة والفريدة، وما تشهده من تطور ونمو وتنمية وأمن واستقرار وتماسك.
السيدة أنالينا قالت إن مصر محور الاستقرار والاتزان فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وبالأمس قالت نفس الكلام رئيسة المفوضية الأوروبية.. وهو ما يؤكد عليه قادة وزعماء العالم، فالرئيس الأمريكى جو بايدن فى اتصالين هاتفيين بالرئيس السيسى خلال الهجوم الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، ونجاح مصر فى إبرام الهدنة ووقف إطلاق النار.. قال إن مصر ركيزة الأمن والاستقرار فى المنطقة والشرق الأوسط، وشرق المتوسط، وأفريقيا.. وإن العالم يعول عليها فى ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام.
لقد نجحت قوة وقدرة مصر فى علاج الخلل فى موازين القوة فى المنطقة.. وامتلكت القوة والقدرة على قيادة المنطقة من خلال سياسات حكيمة، حظيت بثقة العالم، وثوابت تسعى إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام والحلول السياسية وإنهاء الصراعات والأزمات ووقف التوترات والتدخلات الأجنبية غير المشروعة فى شئون الدول الداخلية، وانتهاك سيادتها وأراضيها.. وأيضاً الاحترام المتبادل بين الدول، والحقيقة فإن مصر قولاً واحداً هى صاحبة الدور المحورى، والثقل الكبير فى أمن وسلام المنطقة، وتتمتع بمصداقية وثقة عالية من الجميع.. لذلك فإن أوروبا والعالم يعولان على قيادتها للمنطقة، خاصة أن التداعيات والصراعات فى المنطقة تنعكس على أمن واستقرار أوروبا.
السيدة أنالينا أفاضت فى ذكر النجاحات المصرية.. وتطرقت إلى دور مصر الرائد والأساسى فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.. والجميع يعلم تماماً تفاصيل التجربة المصرية فى التصدى للهجمة الإرهابية الشرسة التى استهدفت أمنها واستقرارها ومستقبلها.. وكيف امتلكت الرؤية الشاملة على كافة المحاور، سواء الأمنية والعسكرية والاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية.. وهو ما استرشدت به دول الغرب فى تعاملها مع الحوادث الإرهابية التى استهدفتها وكانت مصر بما تملكه من تجربة ورؤية هى مصدر الوسطية والفكر المعتدل، وطالبت المجتمع الدولى بضرورة مجابهة الإرهاب من خلال مواجهة شاملة والتعاون لدرء هذا الخطر.
المحور الثالث لشهادة السيدة أنالينا خلال لقائها مع الرئيس السيسى هو الإشادة بالجهود المصرية فى مكافحة الهجرة غير الشرعية والقيام بدور أخلاقى وإنسانى مقدر من خلال استضافة مصر لملايين اللاجئين وإدماجهم فى المجتمع، وتوفير كافة الحقوق الأساسية لهم، وأعتقد أن هذا المحور يحتاج مقالات عديدة.. فمصر منذ سبتمبر 2016 لم يخرج منها مركب واحد، هجرة غير شرعية.. وتستضيف ما يقرب من 6 ملايين لاجئ من دول تعانى من الأزمات وغياب الأمن والاستقرار.. ولم تضعهم فى مخيمات ومعسكرات اللاجئين، ولكن يعيشون وسط ومع أبناء الشعب المصرى، تمنحهم كافة الحقوق، يقتسمون معنا كل شىء.. يتحركون ويعملون ويتاجرون بحرية كاملة.. وتحفظ لهم كرامتهم دون أن تزايد بهم أو تنال من حقوقهم وكرامتهم، ولم تسمح لهم بالهجرة غير الشرعية لدول أخرى، أو تصدرهم لأوروبا من منظور أخلاقى وإنسانى رفيع وشريف.
تناولت السيدة أنالينا بيربوك فى شهادتها فى حق مصر محوراً مهماً للغاية، جسد أهم إنجازات الدولة المصرية فى الـ7 سنوات الماضية بقولها: إن مصر حققت نجاحاً كبيراً تحت قيادة الرئيس السيسى فى ترسيخ مبادئ حرية العبادة والتسامح الدينى وقبول الآخر، مما جعلها مثلاً أعلى ونموذجاً يحتذى إقليمياً ودولياً، وهى شهادة فاخرة بكل المقاييس.. وتعانق الواقع.. فقد نجحت مصر بإعلاء وترسيخ مبدأ المواطنة.. ولعل وجود كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية، إلى جوار مسجد الفتاح العليم يعبر عن الهوية والعقيدة المصرية المتسامحة.. وأيضاً بناء المسجد والكنيسة فى المدن الجديدة.. وتأسيس دولة القانون والحقوق والواجبات ولا مجال للتمييز تحت أى سبب من الأسباب، فجميعنا مصريون.. والدين للَّه والوطن للجميع.. وكل إنسان له حرية الاختيار التى كفلها له المولى عز وجل.. ولكن يبقى الوطن والتلاحم والعمل والتضحية من أجله.. فأحمد المنسى إلى جوار أبانوب.. يستشهدان على جبهة الدفاع وحماية مصر والحفاظ على ترابها وكرامتها.
الحقيقة أن شهادة السيدة أنالينا، وأنا أقرأ تفاصيل استقبال الرئيس السيسى لها، أيقظت بداخلى مشاعر الفخز والاعتزاز، بما حققته مصر وما تشهده من نجاحات وإنجازات، وتجربة ملهمة جعلتها المثل الأعلى والنموذج الذى يحتذى به إقليمياً ودولياً على حد تأكيد وزيرة الخارجية الألمانية.
وجاء القول الفصل والصفعة التى نزلت كالصاعقة على المتربصين والمتآمرين والمشوهين والذين للأسف يجهلون قدر مصر ومكانتها، عندما قالت السيدة أنالينا إن الحكومة الألمانية الجديدة حريصة على دعم علاقاتها مع الدولة المصرية بما يضمن تعزيز الشراكة القائمة بين البلدين وتطويرها على مختلف الأصعدة والتنسيق فى كافة الموضوعات والملفات الإقليمية محل الاهتمام المشترك.. وهنا أقول: لا تغرنكم أقاويل ما قبل تولى المسئولية ممن يدرك ويعرف ويطلع على قيمة ومكانة وثقل ودور مصر، لا يمكن أن يفرط فى فرصة تعزيز التعاون والتقارب والعلاقات القوية مع مصر، لأنها قلب وعقل وركيزة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق المتوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط وأرض الفرص الواعدة.. وصاحبة القوة والقدرة والنموذج فى المصداقية والشرف، ومحل ثقة جميع دول العالم.
النقطة المهمة أيضاً فى شهادة وزيرة الخارجية الألمانية التى تجسد مدى اهتمام الحكومة الجديدة بمصر، أن بلادها تتابع الحجم الضخم للمشروعات التنموية الكبرى فى كافة أرجاء الجمهورية، مؤكدة أن هذا الأمر من شأنه أن يوفر فرصاً واعدة ومتعددة لتعظيم الاستثمارات الألمانية فى مصر خاصة فى مجالات البنية التحتية والنقل والطاقة النظيفة والمتجددة والكهرباء والتعليم.. وهو ما يؤكد أن مصر وبكل ثقة على الطريق الصحيح، حتى بلوغ التقدم وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وتحقيق تطلعات المصريين.
جسَّد اللقاء حالة من التوافق بين مصر وألمانيا والاتفاق على مواصلة التنسيق والتشاور بين القاهرة وبرلين من أجل مواجهة تحديات المنطقة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع فى ليبيا.
أعتقد أن العلاقات المصرية وسياساتها الدولية تعد النموذج لعلاقات الشراكة والتعاون والسلام والأمن والاستقرار والاحترام المتبادل والعمل على الحفاظ على الأمن الإقليمى والدولى والتعاون فى مجال تبادل المصالح والخبرات والاستثمارات، لذلك فهناك مبدأ عام أستطيع أن أستخلصه، فكما أن مصر تحتاج لعلاقاتها مع دول العالم، وفى القلب منها العالم المتقدم، إلا أن العالم أيضاً فى أشد الاحتياج لدور وثقل مصر فى فتح منافذ جديدة للأمن والاستقرار وإحلال السلام، وفى ظل ما تملكه من زخم للفرص الواعدة وقدرة على التعاطى مع العالم، وفق الأعراف والمواثيق والقانون الدولى، وسياسات شريفة وأهداف نبيلة لترسيخ السلام والتعاون، بدلاً من التوترات والصراعات.
«كنوز الدنيا».. والإبداع الملائكى
استمتعت بالعرض المسرحى رفيع المستوى «كنوز الدنيا» الذى قدمه مجموعة من الموهوبين من ذوى الهمم.
الحقيقة أن العمل الفنى الذى قاده الفنان الكبير أشرف عبدالباقى، مع نجوم المستقبل: رحمة وأميرة ومحمد الحسينى وأحمد وجميل جمال.. هو أقرب لإبداع الملائكة.. الكنوز التى تعيش بيننا وتُجمل وتزين حياتنا فى تلقائية وخفة دم وموهبة حقيقية من أبنائنا من ذوى الهمم.
العرض المسرحى يدور حول أسرة من زوجة شابة وزوج مهندس، رزقهما اللَّه بمولود من ذوى الهمم، كان الأمر فى البداية مفاجئاً وصادماً.. لكن الرسالة المهمة التى ربما ندركها أن هذه المحنة من وجهة نظر البعض تحولت إلى منحة إذا أحسنَّا رعايتها وتربيتها والاهتمام بها، وتعليمها واحتضانها بشكل جيد وعلمى، فأبطال العرض من ذوى الهمم كل واحد منهم له تجربة من المواهب، فهذا هو محمد الحسينى وهو طالب بكلية الآداب جامعة عين شمس، ويعمل إعلامياً ومذيعاً بالشباب والرياضة، ودخل موسوعة جينس للأرقام القياسية بعد عبوره «المانش» وهو سباح ماهر.. أيضاً رحمة.. الفتاة الجميلة متعددة المواهب ما بين الموسيقى والرسم والغناء والتمثيل.. طاقة إبداعية متوهجة وإرادة صلبة.. وأميرة التى حباها اللَّه بالتلقائية وخفة الدم والوجه الملائكى، والموهبة الراقية.
أعتقد أن العرض المسرحى خطوة مهمة على طريق إفساح الساحة الفنية والرياضية لذوى الهمم الذين أتاح لهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، حياة جديدة، فبعد أن كانت الأسر تخفى هؤلاء الملائكة وتضعهم فى البيوت، أصبحت الأسر الآن تعلن ذلك وتتعامل بشكل طبيعى بعد أن وفرت الدولة لهم سبل الرعاية والاهتمام والتعليم والتعامل العلمى لتخلق منهم مبدعين ومتفوقين وموهوبين، لا يقلون عن الأشخاص الطبيعيين.
الرئيس السيسى الذى أولى اهتماماً ورعاية غير مسبوقة لذوى الهمم.. ويعتبرهم كنوزاً، والبركة التى أهداها اللَّه لنا، ووفر لهم الرئيس السيسى كل الدعم والمساندة.. لذلك فإن العرض المسرحى هو ترجمة حقيقية ومبدعة لهذا الاهتمام الرئاسى غير المسبوق بذوى الهمم.
من المهم أن نأخذ بيد كل الأسر المصرية من خلال التعريف والتوعية بالمدارس الخاصة بذوى الهمم والتوسع فى إقامتها ومساعدة الأسر فى دعم ورعاية هؤلاء الملائكة من خلال أسلوب علمى.. وهنا أحيى عملية إدماجهم فى المجتمع بشكل طبيعى.. وتقبل المجتمع لهم وتشجيعهم واحترامهم.. واتجاه الدولة لتوفير كل احتياجاتهم.. وأيضاً تشجيعهم على ممارسة الهوايات والرياضة والفن والتمثيل.. وقد رأينا العرض الموسيقى الذى قدمه ذوو الهمم قبل العرض المسرحى، وهو غاية فى الروعة والجمال والإبداع.
ذوو الهمم طاقة ملائكية إبداعية.. لديهم قدرات ومواهب نستطيع استخراجها ورعايتها.
التحية والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أخذ بيد أبناء مصر من ذوى الهمم، وسخر لهم كل الإمكانات والقدرات والدعم، فتغيرت الصورة تماماً إلى صورة مضيئة ظهرت فيها ملامح التفوق والإبداع والفخر بأبنائنا والتخلص من الثقافات القديمة، ولنبدأ صفحة جديدة فى حياة هؤلاء الذين يمثلون الكنز فى حياتنا.. وفى انتظار المزيد من العروض المسرحية والمسلسلات والأفلام التى يشارك فيها ذوو الهمم بثقة واقتدار.
التحية أيضاً للقائمين على عرض «كنوز الدنيا» والشركة التى بادرت بإنتاج هذا العمل الذى يمثل كنزاً أيضاً فى نزع الصورة الذهنية القديمة عن هذه الفئات والتى اكتشفنا أن لديها قدرات ومواهب وإبداعًا لا يقل عن الأشخاص الطبيعيين، وبالفعل هم لا يقلون فى الإمكانات والقدرات والمواهب عن أى شخص.
تحيا مصر