رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مع اقتراب نهاية فترة ولايته .. حان الوقت لتقييم استراتيجية ماكرون الاعلامية

14-2-2022 | 12:20


الرئيس الفرنسي

دار الهلال

منذ انتخابه رئيسا لفرنسا في عام 2017 لم يكف ايمانويل ماكرون عن الدخول في مواقف تسهم في جعل علاقته بالصحافة اكثر تعقيدا...

هكذا استهلت مجلة "سليت" الامريكية مقالا لها خصصته للحديث عن ماكرون مع اقتراب انتخابات الرئاسة الفرنسية . وقالت المجلة فى مقالها بعنوان "الوقت قد حان لتقييم استراتيجية ماكرون الإعلامية" ـ إنه علي سبيل المثال لا الحصر اثار ماكرون جدلا عارما بتصريحات ادلي بها مؤخرا لصحيفة /لو باريزيان / الفرنسية قال فيها انه يريد اثارة غضب الاشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح مستخدما لفظا غير لائق .

واوضح الصحفيان اللذان قاما باجراء الحوار ان كلمات ماكرون كانت ردا على احتجاج عدد من القراء المشاركين في اللقاء علي اكتظاظ وحدات الطوارئ بالمرضي الذين لم يتلقوا اللقاح مشيرين الى ان هذا الموقف يجسد اسلوب الرئيس الفرنسي في التواصل .

فهو لا يتردد في اللجوء الى استخدام كلمات قوية بل وخرقاء في بعض الاحيان كما انه يسعي الى توسيع نطاق التواصل ليشمل اشخاصا اخرين غير الصحفيين المحترفين.

ويولي الرئيس مزيدا من الاهمية على صورته في عيون وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي شأنه في ذلك شأن سابقيه.

ويبدو انه قد حان الوقت، مع اقتراب نهاية ولايته التي امتدت لخمس سنوات ، لتقييم أفعاله التي توضح حدود استراتيجية تهدف إلى استخدام وسائل الإعلام والتحايل عليها على حد سواء.

وفي هذا الشأن قال جون ماري شارون الخبير في وسائل الاعلام ان الرئيس الفرنسي حاول في بداية الامر ربط مهنة الصحافة بالاخلاق مؤكدا علي ضرورة اتباع المبادئ الاخلاقية في رحلة البحث عن الحقيقة.

غير ان هذا النهج لم يتمخض عن مشاريع ملموسة بسبب العداء الذى تواجهه هذه المهنة .

ويري اغلب الصحفيين انه لا يمكنهم القيام بعملهم في ظروف جيدة الا في حالة الوصول بتدخل الحكومة الى الحد الادني له بالاضافة الى الاستعاضة عن البحث عن حقيقة وهمية باحترام الأمانة الرامية إلى التحقق من المعلومات ومراعاة عرض جميع وجهات النظر وهو امر وجد الايليزيه صعوبه في فهمه .

وفي وقت مبكر جداً ، كان لزاماً على الرئيس أيضاً أن يأخذ في الاعتبار ظاهرة جديدة نسبياً ، وهي تعدد مصادر المعلومات ، وهو نتيجة مباشرة لانتشار القنوات الإخبارية والمنصات الرقمية.

وكان ذلك على الأرجح خلال الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة لعام 2017 ، بعد قيام قناة روسيا اليوم ببث حي على شبكة الإنترنت عكست من خلاله مواقف موسكو من الانتخابات .

وبمجرد انتخابه ، اضطر إيمانويل ماكرون إلى الاختيار بين وسائل الإعلام المختلفة وطرق مداخلاته عبرها.

وخلال خمس سنوات قضاها ماكرون في الحكم لوحظ على ماكرون انه يفضل التصريحات التلفزيونية الطويلة علي القنوات التلفزيونية الكبيرة مثل /فرانس 2/العامة و/تي.اف.1/الخاصة .

اما عن اسلوب ادارته للجائحة فقد كان يلجأ كثيرا الى مداخلات رسمية على القنوات الرئيسية دون صحفيين ولم يكن يتردد في اطالة حديثه دون ان يأخذ في الاعتبار ان قدرة مشاهد التلفزيون على التركيز لا تتخطي العشر دقائق. ومع ذلك فقد لاقي هذا الاسلوب نجاحا جماهيريا اذ حرص علي متابعته عدد كبير من المشاهدين عندما كان يقوم بالاعلان عن تحول جديد في محاولات التصدي للجائحة.

وتعد الازمة الكبري الاخري التى شهدتها فرنسا خلال فترة رئاسة ماكرون هي حركة السترات الصفراء التى شكلت تحديا اكثر صعوبة من الوباء فهي نشأت داخل فرنسا ما اثار غضبا عارما على السلطة ساهمت في تغذيته شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الاخبارية.

وعندما ظهر الرئيس للحديث عن هذا الامر للمرة الاولي لم يلجأ لوسائل الاعلام وانما كانت يلقي كلماته في اطار مقابلات مع مواطنين في مناطق مختلفة في فرنسا ما عكس عزم ماكرون علي التواصل المباشر مع الفرنسيين دون الحاجة للمرور عبر الدوائر الاعلامية التقليدية.

اما عن مواقع التواصل الاجتماعي فإن حسابات ماكرون ليست نشطة نحو كبير الا عندما يتعلق الامر بالتواصل مع الشباب كما انه يتبادل الرسائل والمعلومات مع عدد من السياسيين والمواطنين العاديين على التلجرام. وكان أكثر ما أثار قلق البرلمان طوال هذه الفترة هو مدى دور الشبكات الاجتماعية في نشر معلومات مضللة.

ودعمت فرنسا مشاريع تنظيم المنصات التي وضعتها المفوضية الأوروبية والتي يديرها المفوض الفرنسي تييري بريتون ، ولكن هذه النصوص التي لم يتقرر محتواها بشكل نهائي لن تدخل حيز النفاذ حتى عام 2023 أو 2024.

وبدون انتظار قرارات بروكسل ، لم يتوقف ماكرون عن تشجيع التفكير في هذا الموضوع الذي يتسم بالحساسية لأنه يتعلق بالدرجة الأولى بالحريات العامة.

وبناء على طلبه ، كتبت لجنة برونر ، المؤلفة من أكاديميين وخبراء ، تقريرا نشر في يناير 2022 يدعو إلى بذل جهد لتعليم الشباب ، ولكنها لا تقترح حلا فعالا لتجنب أن يظل التحكم في المحتوى امتيازا حصريا لعمالقة الإنترنت كما هو الحال اليوم.