رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عمار البخيتي مواقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وأمريكا من الحوثيين ضعيفة

15-2-2022 | 14:09


غلاف الكتاب

محمد الحمامصي

نزاع الحكومة اليمنية مع جماعة الحوثي من أطول المعارك والأزمات التي مرت بها الجمهورية اليمنية، فمنذ منتصف 2004 ميلادية إلى الآن لم تنته الحرب، ولقد مر هذا النزاع بمرحلتين، وهي حروب صعدة الست كمرحلة أولى، والمرحلة الثانية بعد عام 2011، وتوسعها في كل محافظات الجمهورية وإسقاط كل مؤسسات الدولة. وهنا بدأت المواقف الدولية في اليمن تتطور، حيث كانت المبادرة الخليجية لنقل السلطة التي كانت برعاية مجلس التعاون الخليجي، وكذلك بمباركة مجلس الأمن الدولي، وأيضًا مؤتمر الحوار الوطني الذي نوقشت فيه قضية صعدة، وكان الحوثيون مشاركين في هذا الحوار، ولكن استمر توسع الحوثيين بالسلاح إلى أن أسقطوا العاصمة صنعاء بأيديهم، وكان دور الأمم المتحدة بعد سقوط صنعاء أن رعت اتفاق السلم والشراكة الذي لم يطبق منه شيء.

 

مع استمرار الحوثيين في إسقاط مؤسسات الدولة اليمنية، وكذلك التوسع في معظم محافظات اليمن، وخروج الرئيس اليمني المعترف به دوليًا إلى محافظة عدن، وطلبه بشكل رسمي تدخلًا دوليًا مسلحًا عاجلًا في اليمن، أعلنت السعودية عن عاصفة الحزم بتحالف عربي لعشر دول للتدخل العسكري في اليمن، هذه العاصفة لقيت تأييدًا من كثير من الدول، وكذلك جاء قرار مجلس الأمن (2216) منسجمًا مع هذا التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

 

هذا الكتاب للباحث اليمني د.عمار محمد البخيتي "الحكومة اليمنية والحركة الحوثية.. النزاع المسلح في ضوء الموقف الدولي" الصادر أخيرا عن مؤسسة أروقة، يتتبع نزاع الحكومة اليمنية مع جماعة الحوثي، والدور الإيراني الداعم لها، والمواقف الدولية سواءً أكانت لدول أم منظمات إقليمية ودولية، وما هو دور هذه الدول والمنظمات وما إذا كان سلبيًا أو إيجابيًا في هذا النزاع المسلَّح. وذلك في ضوء قراءة تحليلية للنزاعات المسلَّحة غير الدولية وآثارها.

 

في تمهيده للكتاب يتوقف البخيتي عند ماهية النزاع المسلَّح وأنواعه، لينطلق في الباب الأول إلى النزاع المسلَّح للحكومة اليمنية مع جماعة الحوثي، متناولا في ثلاثة فصول تاريخ الحركة الحوثية والفكر والعقيدة، وحروبها مع الحكومة اليمنية، وتوسعها بعد أحداث 2011، ويناقش في الباب الثاني الموقف الدولي تجاه الحركة الحوثيــة متمثلا أولا في مجلس الأمن الدولي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، ومواقف كل من إيران والسعودية وأمريكا.

 

 

ويرى البخيتي أن هناك تشابها بين الحركة الحوثية والثورة الإيرانية من خلال ألفاظ الصرخة الحوثية التي رفعها ما يسمى أتباع الشباب المؤمن فهي تعتبر تكرارًا حرفيًا للصرخة الخمينية التي ارتفعت قبل وأثناء قيام الثورة الإيرانية مع اختلاف بسيط وهو أن الصرخة الإيرانية كانت تشمل عبارة "الموت لمن يعارضون ولاية الفقيه"، وكذلك الوسائل التي كانت تستخدم لتثقيف أتباع الحوثي تعتبر إنتاجًا إيرانيًا مثل أفلام تتحدث عن الحرب الإيرانية العراقية وأفلام إيرانية عن مقتل الحسين. وقيام أحد أشقاء حسين بدر الدين الحوثي بتدريس مادة عن الثورة الإيرانية في الدورات التدريبية "لاتحاد الشباب المؤمن" الذي أنشئ عام 1986م، وإقامة بدر الدين الحوثي في طهران وقُمّ بسبب تأييده للانفصال سنة 1994. وعاد إلى اليمن بعد المصالحة مع الحكومة اليمنية عام 1997.

 

ويتابع أنه في بداية الحروب الست كانت إيران تنفي صلتها بجماعة الحوثي، إلا أن بعض التصريحات الرسمية للنظام الحاكم في اليمن كان يشير إلى إيران ودعمها للحوثي. حيث إن الرئيس السابق علي عبد الله صالح يتساءل عن مصدر الدعم المالي الكبير للحوثي في خطاب تلميحي إلى دور إيران في الدعم. وفي زيارته للولايات المتحدة الأمريكية أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي في محاضرته بمركز ودرو ويلسون الدولي بواشنطن أن إيران تدعم بعض التيارات السياسية والمسلحة وتجند شبكات تجسس في اليمن. وذكر الموقع الرسمي التابع لوزارة الدفاع اليمنية أن شبكة التجسس الإيرانية التي تعمل في اليمن منذ 7 سنوات يديرها قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني، وأنها تدير عمليات تجسس باليمن والقرن الأفريقي.

وحول دور الإعلام الإيراني، يلفت البخيتي أن الإعلام الإيراني قام بدور كبير أثناء حروب صعدة الست، وبالذات في الحرب السادسة حيث بثت قناة العالم ما يزيد على 47 برنامجًا عن الحركة الحوثية في حوالي سبعة أشهر، وكذلك المواقع الإلكترونية والصحف، وهذا يدل بوضوح على موقف إيران المتعاون مع حركة الحوثي في اليمن. كما أن ظهور شخصيات يمنية تحولت إلى المذهب الاثنى عشري في بعض القنوات الشيعية مثل قناة الكوثر، التي كانت تبدي موقفًا مؤيدًا وداعمًا لحركة الحوثي. كذلك بعد سقوط العاصمة صنعاء في يد الحوثيين صرح عضو البرلمان الإيراني "على رضا زاكاني" المقرَّب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي بأن "العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، وأن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية". وبعد شهر من إسقاط العاصمة صنعاء في يد الحوثيين صرح "على أكبر ولا ياتي" مستشار مرشد الثورة الإيرانية في لقائه مع عدد من أعضاء جماعة الحوثي حيث قال: "نحن على علم بما حققتموه من انتصارات في اليمن.. ونحن فخورون بكم.. ونأمل أن تؤدوا دورًا مماثلًا للدور الذي تلعبه جماعة حزب الله في لبنان"..

 

ويشير إلى ما جاء في رسالة من بدر الدين الحوثي إلى الشهرستاني مسئول مؤسسة آل البيت في مدينة قم الإيرانية حيث يبدو أنها كانت قبل حروب صعدة الست في 25 ربيع أول 1425هـ. من ضمن ما قال في هذه الرسالة: "إن الحركة في اليمن لديها من الأفراد المقاتلين ومنهم من تم تدريبه وتعليمه في معسكرات الحرس الثوري والبعض الآخر من هؤلاء الأفراد خضعوا للتدريبات والتربية العقدية التي قام بها الولد حسين تجاههم وأصبحوا يشكِّلون تنظيم الشباب المؤمن وقد اطلع على هذه الوضعية مسئول البعثة العسكرية التي زارت مناطق حيدان ورافقها الولد حسين واطلعت على الأوضاع بكل تفاصيلها وعند زيارة البعثة إلى منطقة ضوران أنس استقبلها هناك سماحة السيد يحيى بن محمد موسى وتنقلت البعثة في هذه المنطقة بشكل مريح مما جعل مسئول البعثة يثني على جهود السيد على جمبز".

 

ويرى البخيتي أن أن الحوثيين أوقفوا المبادرة الخليجية، ويضيف "بعد أن كانت المبادرة الخليجية تسير بشكل جيد لتمرير المرحلة الانتقالية، حيث كان من المفترض الاستفتاء على الدستور الجديد، ويليها انتخابات رئاسية وبرلمانية، ولكن بسبب توسع الحوثيين بقوة السلاح إلى أن أسقطوا العاصمة اليمنية صنعاء، وسيطروا على كل مؤسسات الدولة، ومواصلة السيطرة على بقية المحافظات اليمنية توقفت المبادرة الخليجية، وهذا يعتبر عرقلة واضحة من الحوثيين تجاه المجتمع الدولي، ولكن لم يعمل المجتمع الدولي شيئًا تجاه هذه العرقلة إلا عندما قام الحوثيون بالإعلان الدستوري، حيث كان هناك رفض من قبل مجلس التعاون الخليجي، وكذلك بعد انطلاق عاصفة الحزم التي قادتها السعودية مع تحالف عربي واسع حيث كانت هناك القرارات الأممية".

 

وينبه إلى أن عاصفة الحزم لقيت تأييدًا عربيًا ودوليًا من كثير من الدول، وبقيام عاصفة الحزم التي لم يكن أحد يتوقعها دخلت اليمن في مرحلة أخرى في النزاع المسلَّح مع جماعة الحوثي، فلقد أصبحت الحرب ليس على مستوى اليمن فقط إنما على المستوى الإقليمي والدولي، وهذا بسبب تقاعس المجتمع الدولي وعلى رأسهم مجلس الأمن الدولي المتفرج على مشكلة الحوثيين مع الحكومة اليمنية وهي لا تزال في جزء من محافظة صعدة حتى توسعت الحرب لتشمل كل اليمن، وتأخر دول الجوار بهذا التمدد، فلو كانت هناك جدية من الأمم المتحدة منذ أول حرب صعدة لما وصل اليمن لهذا الوضع.

 

ويرى البخيتي أن الموقف الأمريكي مما حدث في صعدة خلال الحروب الست وكذلك بعد توسع الحوثيين إلى أن أسقطوا الدولة بأيديهم اتسم بعدم الوضوح، ففي حرب صعدة الأولى وبالرغم من شعار الحوثي الذي يعلن فيه العداء لأمريكا، فقد كان تصريح السفارة الأمريكية باليمن حيث قالت "إن تكلفة الحرب في صعدة باهظة الثمن، وأن العودة إلى الحوار والتفاوض هي الطريقة التي يمكن بها إنهاء الحرب". وفي تصريح للخارجية الأمريكية وصفت ما يجري في صعدة بأنه إفراط في استخدام القوة وانتهاك سافر للقانون الدولي. وظلت واشنطن بطول جولات حروب صعدة ترفض توصيف الحوثيين بأنهم حركة إرهابية. وأعلن مسئولون أمريكيون في أكثر من تصريح عدم اقتناعهم بوجود تدخل إيراني في أحداث صعدة، واقتصر الموقف الأمريكي الرسمي على إعلان تأييده العام للاستقرار في اليمن. وعندما بدأت عاصفة الحزم كان الموقف الأمريكي مؤيدًا لها وأعلن عن تقديم دعم لوجستي لدول التحالف الذي تقوده السعودية، وبالرغم من أن جماعة الحوثي اعتبرت عاصفة الحزم عدوانًا سعوديًا أمريكيًا، وأن أمريكا هي عدوها فإن أمريكا ترى ضرورة الحوار مع جماعة الحوثي، وهذا شيء مستغرب أن جماعة تعلن حربها وعداءها لهذه الدولة فيكون رد فعل الدولة أنه يجب الحوار مع هذه الجماعة بعكس ما تنظر إليه أمريكا لتنظيم القاعدة في اليمن فهي ترفض أي حوار مع القاعدة بالرغم من أن خسائر اليمنيين نتيجة حرب الحكومة مع جماعة الحوثي أكثر بكثير من خسائر اليمنيين في حرب الحكومة مع القاعدة. لكن بعد صدور القرار (2216) الذي وافقت عليه أمريكا في مجلس الأمن الدولي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان لها أنها وقَّعت عقوبات على زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، ونجل الرئيس السابق على عبد الله صالح، فهي حددت العقوبات في أشخاص، وليس على الجماعة بشكل كامل. وغادرت البعثة الدبلوماسية الأمريكية اليمن بعد الإعلان الدستوري الحوثي، وذلك بعد أن غادرت بعثات كل دول الخليج ودول أخرى بسبب أن الوضع في اليمن غير آمن على حسب تعبيرهم.

ويخلص البخيتي إلى أن دور الأمم المتحدة كان ولا يزال ضعيفًا في هذا النزاع، ففي حروب صعدة الست لم يقم مجلس الأمن بأي شيء تجاه هذه الحروب بالرغم من أن المهلة كانت كافية لأطراف النزاع ليكون الحل داخليًّا دون تدخل دولي. وأن أشرف مجلس الأمن على بعض الاتفاقيات والمفاوضات بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية مثل اتفاق السلم والشراكة الذي أبرم بعد إسقاط العاصمة صنعاء بيد الجماعة، الذي لم يطبق منه شيء. وأنه بالرغم من أن جماعة الحوثي في شعارها ترفع العداء للولايات المتحدة الأمريكية إلا أن أمريكا لا تعتبر جماعة الحوثي جماعة إرهابية أو تقوم بأي عقوبات تجاه الجماعة.

ويؤكد أن القانون الدولي الإنساني لم تكن له فاعلية كافية في النزاعات المسلَّحة غير الدولية، حيث إن فاعليته أكثر في النزاعات المسلَّحة الدولية. وأن مجلس الأمن لا يهتم بتطبيق قراراته إلا بناءً على ما تراه الدول الكبرى بحسب مصالحها الخاصة.