رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الهلال اليوم» في رحلة البحث عن الكيف

3-7-2017 | 12:45


ارتديت جلبابًا من الشجاعة وصنعت قناعًا من الثقة الوهمية قبل أن تحملني أقدامي الثابتة المرتعشة إلى رحلة خضتها بين التردد والخوف، صاحبني فيها الفزع والقلق، حافظتُ فيها على شجاعتي المرتعشة حتى لا يطلع أحدًا على ثريتي، لأني أول مرة في حياتي أقدم على هذا العمل ولا أعلم لغة التحاور بين رجال دولته، ولكن ما شاهدته خلال أجازة عيد الفطر من رواج للمواد المخدرة بين الشباب بأسماء مختلفة رغم ارتفاع أسعارها، حيث وصل سعر فرش الحشيش إلى 5000 جنيه، والسيجارة اللف إلى 90 جنيهًا، الأمر الذي حرك أقدامي نحو طريقًا ألم أرغب المسير فيه أو الالتحاق بأهله ولو على سبيل الفضول، حرك المياه الراكدة بعقلي وجعلني أفكر مرارًا في خوض رحلة شراء المواد المخدرة من الدواليب المخصصة لبيعها والمنشرة بالقاهرة، حتى بات الشك يقينًا وقررت خوض التجربة.

 

البحث عن دولاب مخدرات

بدأت أبحث بين زملائي على شخص توجه لهذه المناطق أو يعرف طريق الحصول على نبات البانجو أو الحشيش وهو الأكثر رواجًا بين متعاطي المخدرات، وأخيرًا وجدت ضالتي وأخبرني زميل بأنه توجه لشراء الحشيش مع صديق له من منطقة الباطنية، حيث ينتشر الموزعون هناك في أطراف المدينة حتى يكونوا بعيدًا عن أنظار الشرطة.

الساعة تدق العاشرة مساءً، بدأت في التحرك من أمام منطقة البحوث بمحافظة الجيزة مستقلًا المترو باتجاه محطة العتبة، حتى وصلت إلى هناك خرجت واستقللت سيارة أجرة باتجاه منطقة الحسين، وعند الوصول ترجلت بجوار مسجد الأزهر- حسب وصف زميلي- وكانت الساعة تجاوزت الحادية عشر حيث يتواجد الموزعون في الشوارع الخلفية لمقر جامعة الأزهر القديم والطرقات المؤدية لمنطقة الباطنية.

الظلام يكسي الشوارع المنقطعة الخالية من السكان، كلما تقدمت ناحية تلك الشوارع تقل حركة المواطنين ويستقبلني الظلام الذي يحرك مؤشر الفزع داخلي الذي أحسبه بين تنهيدة وأخرى، متوجسًا من تلك العملية التي يعتبرها زميلي بسيطة للغاية "سلم وتستلم".

 

فرش الحشيش بـ 5 آلاف جنيهًا

فجأة ودون مقدمات شعرت بأرجل تسير اتجاهي من أحد الأرصفة الجانبية، يتبعه صوت أجش "ماذا تريد يا نجم"، مؤشر الخوف داخلي يتخطى 180ْ درجة، أنا بصوت متلعثم " عاوز أشتري حشيش" رد عليا ذلك «الديلر»- أحد موزعي الحشيش بالمنطقة:" مالك خايف لأيه أنت أول مرة تشتري"، أجبته متعجلاً أحاول أنا أواري رعبي داخلي :" ولا خايف ولا جاجة بس في حد زميلي منتظرني عند الحسين وعاوز أروح له علشان هنسهر مع بعض"، فقال الديلر:" أكيد جاي تشتري حشيش لزوم السهرة والنعنشة أكيد خمرة بقى و... وليلة صباحبي"، أجبته: حاجة زي كده أهم حاجة بس الأسعار عاملة أيه".

«الديلر» أصطحبني إلى دراجته البخارية في أحد الشوارع الفرعية بعيدًا عن عيون المارة التي تتواجد بها بضاعته، ثم أخرج كيسًا من أسفل المقعد قائلًا" بس سعر غلي شوية وأنت عارف الدنيا عاملة إزاي وأنا متأكد إنك أول مرة تشتري الحاجة دي وعلى كل حال أنا تحت أمرك ولو عزت أسأل بس على "ريعو الطاير" ألف من يدلك، بص يا سيدي فرش الحشيش علشان خاطرك وده أول تعامل هدهولك بـ5000 جنيه، وجرام الهيروين بـ200 وعلشان خاطرك بـ 170 جنيهًا ولو عاوز حاجة تانية عرفني أنا في الخدمة وكل حاجة موجودة، وفي دليفري لو عاوز نوصلهالك لأي مكان لو أنت خايف، والتكلفة مش غالية متخفش".

أحاديث ذلك الشاب العشريني، أعاد إلى ثقتي ونزع ثلثي الخوف من داخلي، وأجبته:" المرة دي عاوز بـ150 جنيها بس أجرب الحاجة وبعد كده نكرر الزيارة وأديني أتعرفت عليك وفي ناس زمايلي كتير عاوزين وهنبقى زباينك على طول"، فأخرج على الفور قطعة من القطع المقسمة داخل حقيبته كل حسب سعره، وقال بص يا أستاذ دي عاملة 170 بس علشان خاطرك بـ150 المرة دي هتعملك حوالي 12 سجارة محترمة.

 

تصوير قطعة الحشيش

رغم الخوف الذي يسيطر علي ولكن جازفت من أجل تسجيل تلك اللقطة، فقلت له:" الدنيا ظلام ممكن اتحقق منها بضوء كشاف الموبايل لو مش هيضايق"، فأجابني :"عادي يا صاحبي اتفضل وفتحها من الغلاف السولوفاني الذي يضعها بداخله".

أشعلت متعجلًا الكاميرا مستغلاً فلاش الهاتف المضيء وضبته على وضع المتعدد والتقت بعض الصور دون أن يلاحظ وأغلقت هاتفي وودعته وانطلقت مسرعًا في طريقي للعودة، وعدت من  نفس طريق القدوم.

المشكلة التي كانت ترهقني ماذا أفعل بتلك القطعة المخدرة، حتى هداني عقلي إلى التخلص منها حتى لا يحاصرني الفضول ويطاردني الشيطان بوساوسه فأجربها، فاقتطعت الرحلة ونزلت بمحطة السادات وترجلت حتى كوبري قصر النيل وألقيتها في المياه، وشعرت بعدها براحة كأني ألقيت من على ظهري جبل أحد".

 

الأمن يحاصر منابع الكيف

رغم ما حدث وما شاهدته، إلا أن اللواء شريف أبوالمعالى، وكيل عمليات مكافحة المخدرات، يؤكد أن الأجهزة الأمنية قضت على أغلب منابع الكيف في مصر، وأن رجال الشرطة يبذلون مجهودات خارقة لمنع رواج المواد المخدرة في قلب القاهرة والمحافظات والأحياء المختلفة.

ويضيف وكيل عمليات مكافحة المخدرات، أن رجال الأمن يحاربون أوكار صناعة الحشيش في مهدها، ونجحو في ضبط تشكيل عصابي دولي، خلال محاولة لإنشاء مصنعًا لإنتاج الحشيش، بإحدى المناطق الصحراوية، وشيدوا سردبًا تحت الأرض لتخزين الحشيش فضلا عن شراء المواد الأولية الداخلة في صناعة المواد المخدرة، وتم ضبط 4 أطنان حشيش و3 ملايين قرص من مخدر الكبتاجون.

واستعرض اللواء شريف أبوالمعالى، مجهودات وزارة الداخلية في مواجهة عمليات التهريب الخارجي، حيث قال إن الأجهزة الأمنية تحكم سيطرتها على السواحل البحرية سواء البحر الأحمر أو البحر المتوسط لمنع دخول المواد المخدرة للبلاد، مشيرًا إلى ضبط كميات كبيرة مهربة من نبات الحشيش بالقرب من سواحل الإسكندرية قبل تهريبها داخل مصر، مؤكدًا أن ذلك يأتي بجانب الحملات المكثفة التي تشنها قوات الأمن على أوكار المخدرات وعصابات التوزيع.

ولفت إلى أن الأجهزة والتقنيات الحديثة، ساهمت بشكل كبير في منع المواد المخدرة من دخولها للبلاد، لأن النزاعات المسلحة فى ليبيا في زيادة عمليات التهريب على الحدود الغربية، التي نجحنا في إحباطها جميعًا، فضلا عن أحكام الرقابة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية.