«إيقاعات من جرانيت».. حين يخرج المكنون النفسي في «صور نابضة»
"على شرفة الوجد أقف، وأكتب للمجهول، فهل في ذلك حماقة؟".. بهذه الكلمات بدأت الكاتبة إيمان الزيات افتتاحية مجموعتها القصصية "إيقاعات من جرانيت" الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة، في حوالي 100 صفحة، وتحتوي على 15 قصة تتماس فيها تجربة الكاتبة مع ذكريات الطفولة والشباب راصدة تحولات مجتمعية ونفسية وحياتية لكثير من الشخوص الحقيقيين والمتخيلين .
ويمثل المكان جانبا مهما من ذكريات "الزيات" تلك الذكريات الجميلة لها مع "شرفة القمر"، حيث كانت تلك النافذة القمرية تحل كل مساء عليها هي وأمها بالاستمتاع بالقهوة التي تصر على إعدادها لأمها التي تسرح بخيال واسع مع أغاني أم كلثوم لتجسد صورا نابضة بالحياة كعتبة للانطلاق لأماكن أثيرة لديها مثل "عمارات النصر"، قسم المنتزه وغيرها من الأماكن التي حفرت في ذاكرتها، ومدى الأثر النفسي الذي تركته فيها لأنها كانت محبة للشعر وتمتلك إحساسا مرهفا بكل ما حولها ، وكم هامت حبا بذلك الشاب الذي بادلها الكثير من الإحساس والمشاعر رغم أن هذا الحبيب ظل لها مجهولا..
وترسم الكاتبة ملامح تلك البيئة الجغرافية وما يدور فيها من مشاغبات ومراهقات الشباب والبنات حتى الكبار حيث جارهم الذي كان يترقب أمها حين تخرج لغلق الشرفة، وكيف كانت هائمة بذلك الفتى الطائر حين كان يحرز أهدافا في الدورات الرمضانية معلنا أن هذا الهدف هو إهداء إلى حبيبة قلبه فقط فكانت تكتفي بالابتسامة والتنهد مع كل نظرة خاطفة منه...
وتتمحور قصة "إيقاعات من جرانيت" والتي يحمل عنوانها أسما للمجموعة القصصية حول إطار من الفكر الفلسفي والخيال العقلي لتؤكد أن المخزون النفسي والعقلي الذي حفر في الصغر من المستحيل خروجه من هذا الجسد وأنه يحاول الخروج إلى المشارف الحياتية في صوره المتعددة.