«مدينة صور وعلاقتها بالبحر من خلال الشلات البحرية».. محاضرة بمعرض مسقط للكتاب
نظمت محافظة جنوب الشرقية، ضيف شرف معرض مسقط الدولي للكتاب 2022، اليوم، محاضرة تحت عنوان "مدينة صور وعلاقتها بالبحر من خلال الشلّات البحرية" للدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية، بمصاحبة المصوّت البحّار صالح بن ثويني العلوي.
أدار المحاضرة الشاعر عوض بن درويش العلوي، وأشارت خلالها الدكتورة الفارسية، إلى أنّ صور هي هبة البحر، وهو العنصر الأكثر أهمية في حياة المجتمع الصوري.
وتطرّقت إلى إرساء القواعد المتوارثة لفنون الملاحة وعبور البحار في ولاية صور والأسس التجارية بينها وبين البلدان ذات العلاقة، ونظرًا لتمتع ولاية صور بموقع جغرافي متميز وقُدرة صنّاع السُفن فيها على بناء سُفن شحن تجارية كبيرة، فقد عبَروا البحّار والمحيطات الكبيرة، واتّصلوا خلال هذه الأسفار بشعوب كثيرة أثّروا فيها وتأثروا بها، فانعكس ذلك على جوانب عديدة من مظاهر حياتهم وخصائص مجتمعهم، وقد ساهم تجّار صور مُساهمة فعّالة في نشر الثقافة العربية والدين الإسلامي في أفريقيا والهند.
وأوضحت أنّ مجتمع صور اكتسب بفضل الاتصال بتلك الشعوب معارف وثقافات وعادات وفنونًا جديدة انعكست على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.
وانتقلت الدكتورة سعيدة للحديث عن الشلّات البحرية، فقد عرَّفت أنّ مصطلح "الشلّات" على أنّه الأغاني ومفردها "شَلّة" بفتح الشين وتضعيف اللام، والشلّ هو رفع العقيرة بالغناء، ومنه سُمّيت الشلّة، أي الإنشاد بشعر منغّم وبصوت جميل، وفي اللهجة الدارجة يُقال للشخص "شِلْ" أي غنِّ، كما أنّ لكل مناسبة من المناسبات شلّة، كما أنّ لكل عمل يُؤدى بمُصاحبة الغناء شلّة، والشلّات البحرية هي ما يُسمّى بغناء البحر، ولهذا الغناء إيقاع يضبط به البحّارة ما يقومون به من عمل جماعي، ويستمد هذا الإيقاع من ثلاثة مصادر رئيسة: وهذا الغناء تؤديه مجموعة الطبل التي لم تخلُ منها سفينة تجارية عُمانية، وكانت مجموعة طبل السفينة تتكوَّن من عدة طبول وهي "مسندو، رحماني، كاسر، وتنك"، بالإضافة إلى التصفيق كان البحّارة يؤدونه أثناء قيامهم بالعمل اليومي، مرورًا بحركة المجاديف وصوت ارتطامها في الماء والبحّارة ينتقلون في القوارب الصغيرة مثل الهوري والسنبوك.
وأشارت الفارسية إلى أنّه يمكن تقسيم شلّات البحر إلى ثلاث مراحل رئيسة: المرحلة الأولى "شلّات صنع السفينة وتجهيزها للبحر"، وشلّات هذه المرحلة تقوم بها مجموعة من النجّارين الذين اشتهروا بالمهارة والخبرة في صناعة السُفن ومن ينبغ منهم يُطلق عليه لقب الأستاذ أو الوستاذ لهجة ويُسمى أيضًا القلاف، ومن نماذج أشعار هذا النوع، شلّة دهان الشحم، وهي غناء يُردده البحّارة وهم يدهنون الجزء الذي ينغمر في الماء من جسم السفينة بالشحم الأبيض، والسفينة مرفوعة فوق الأرض اليابسة، وعملية القلفاط وهي عملية سد ثقوب جسم السفينة وتقوم بها مجموعة كبيرة من الرجال يعملون وهم يُنشدون، فيُطلون النصف الأسفل من جسم السفينة بهذا المزيج، ويُطلون به الفواصل بين ألواح الخشب، وتضبط إيقاع غناء القلفاط دقات المطارق المعدنية الصغيرة.
وذكرت الدكتورة سعيدة الفارسية شلّة شراع العود وهي غناء البحّارة وهم يرفعون الشراع الكبير، وشلّة الوسطى مرورًا بشلّة شراع فتيني وهي غناء البحّارة وهم يرفعون شراع الفتيني عندما يكون الهواء قد اشتد.
وفي ختام حديثها تطرّقت الفارسية إلى الخصائص الفنّيّة البارزة في هذا الفن والسمات التي تميّزه وهي وضوح المُفردات وسهولة تلقيها وترديدها، وبروز معاني التشويق والحنين للوطن والمعاناة من الغربة ووضوح نبرة الحزن، واستلهام الشلّات من الحدث الواقع، ومناسبة القصائد للعمل المُؤدى معنى وإيقاعًا، مع وجود التأثيرات الأفريقية؛ نظرًا للعلاقات العُمانية الأفريقية، فهناك تأثيرات واضحة في اللغة والإيقاع والحركات، واستخدام الرمز والكناية أحيانًا بدلًا من التعبير المباشر.