كفى ما فعلتم.. وما ستفعلون!
لو كان لهذه الأرض التى نحيا عليها معجمًا تلجأ إليه، وتقتبس من مفرداته كلمات ثم تصوغ منها جملًا وترسل لنا بها رسالة ممتزجة بالحسرات، والدموع لفعلت! ألم يتعظ الإنسان مما يدور حوله، ويكف يده عن النزاع، والقتال، والتدمير! إن الذى نراه من حولنا من اقتتال يؤكد لنا أن الإنسانية قد شيعت فى تابوتها المقدس إلى أقصى الأرض منتظرة قيام الساعة.
لعلنا نتابع ما يدورمن أحداث فى عالم أصبح فى حالة من الهوس، والولع بمشاهد الخراب، والدمار. إنه فى حاجة لإعادة تأهيله ؛ ليعود إلى ماكان عليه من قبل عليه العودة إلى داره الأولى التى أعدها الله له وأمره بتعميرها لا بتدميرها.
لعلنا جميعًا نتابع ما يحدث فى عالمنا، ونتساءل فى دهشة: هل فقد العالم خارطته فبات يتخبط فى ظلام الجهل سعيدًا بعودته لعصور الظلام؟ عالم يتفاخر بأن له قلبًا تحول إلى قطع من الصخور فهو لايتأثر بسعيه لقتل الأبرياء. ماذا ينتظر هؤلاء الذين اعتلوا مسرح الحياة، وبرعوا فى تقديم عرضهم اليومى دون ملل واهمين أنفسهم التى ضلت ضلالَا بعيدًا بأنهم مازالوا بشرًا.
يستمعون لبكاء الأطفال، ويتغنون به، وكأنه أصبح لحنًا يطرب أذانهم! يصدرون كل أنواع الدمار، والخراب لإخوانهم فى الإنسانية، وكأن الحياة فى نظرهم قد تحولت إلى مباراة الفائز فيها خاسر فى جميع الأحوال. لا يؤثر فيهم مشهد الأم التى تحمل طفلها مهرولةً محتمية بظلها مستغيثة بكل من لديه بعض من ضميرأن يؤيها من جحيم أحاط بها.
تحت هذا الجحيم الكل يود أن يلوذ بالفرار. إن هذه الأطماع التى حركت هؤلاء جعلتهم يتسابقون فى قتل الأحلام قبل تدميرالديار. عالمنا الغريب ماذا تبقى لديك من خلقٍ يجعلنا نتفق على وصفك بأنك مازلت مجتمعًا إنسانيًا؟!
الابتلاءات تنهمر كالمطر، وتسير بسرعة الريح فى محاولة لإفاقتك من غفلتك، وأنت لا تهتم، ولا تعير أحدًا سمعًا. ولهؤلاء نوجه كلماتنا تلك يا من تتغنون بالسلام، وأنتم قاتلوه. يا من تترنمون بحق الإنسان فى الحياة، وتطلقون الشعارات بألسنتكم مدويةً كدوى طلقات أسلحتكم. تتبتهجون بألوان الدماء التى تسيل فتأخذون منها مايكفيكم ؛ لتوقعوا بإرادتكم على عقد زوال إنسانيتكم.
متى ستدركون يا دعاة الدمار فى هذا العالم أنكم أبناء أب واحد، وأم واحدة شئتم هذا، أم أبيتم؟ متى ستعودون لفطرتكم الأولى؟ فتنصروا ضعيفكم وتؤمنوه، وأنتم موقنون بأن هذه الأرض، ومن عليها مصيره إلى زوال؟ سئمنا ما تخططون له، كرهنا ما تفعلون. لقد تعمدتم قتل ضمائركم، ونسيتم أن تنظروا للخلف قليلًا ؛ لتستعيدوا هويتكم. عودوا إلى إنسانيتكم، وكفى ما فعلتم، وما ستفعلون.