رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


من آن لآخر

27-2-2022 | 21:07


عبد الرازق توفيق

من المهم إيقاف الزيادة والنمو السكانى المنفلت.. فعدم الوعى وكثرة الإنجاب يهددات مسيرة التنمية والبناء.. فهذه الظاهرة لها تأثيرات خطيرة على الموارد المائية وتؤدى إلى الفقر المائى فى ظل محدودية الموارد.. بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية المتشعبة فى كافة مناحى الحياة سواء على الوطن أو المواطن.. لذلك فما بين الترشيد فى استخدام المياه والتنظيم لعملية الإنجاب والاكتفاء بطفل أو اثنين هو أمر حتمى ووجودى فى ظل الصعوبات التى تجدها الدولة فى توفير احتياجات أكثر من ٠٠١ مليون مواطن مصري.. التوقعات تشير إلى صعوبات أكثر خلال العقود الثلاثة القادمة إذا لم ننتبه وندرك الخطر الداهم سواء على الموارد المائية أو على عوائد التنمية و«الفقر الشامل» هو أحد النواتج المتوقعة إذا ما استمرت نفس المعدلات فى ذات الوتيرة والنمو المنفلت.
 
ما بين «التنظيم والترشيد».. تدور أهداف الوعى الحقيقي

«السكان والمياه».. التحديان الأخطر
    
هناك علاقة كبيرة بين الموارد المائية لأى دولة وعدد سكانها وأعتقد أن أخطر التحديات التى تواجه مصر كدولة هو محدودية الموارد المائية والنمو السكانى المنفلت الذى لا يؤثر فقط على الموارد المائية المتاحة لدينا ولكن أيضًا له تأثيرات وتداعيات خطيرة على جهود البناء والتنمية والاحتياجات الأساسية للمواطنين ومستوى معيشتهم ومستوى الخدمات المقدمة لهم رغم جهود الدولة التى تسابق الزمن.. وتحقق نجاحات تفوق التوقعات.


الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته لطلاب الكلية الحربية فجر الأربعاء الماضى قال إنه قريب من أحوال الناس والصعوبات التى يقابلها المواطن البسيط مشيرًا إلى أن تعداد مصر ٠٠١ مليون نسمة وبالتالى فإن توفير احتياجاتهم فى ظل الظروف التى يمر بها العالم خاصة جائحة «كورونا» التى حدث خلالها توقف كبير للاقتصاد العالمى يمثل صعوبة بالغة.


الحقيقة أن الزيادة السكانية فى مصر تشكل تحديًا كبيرًا وخطيرًا على كافة المستويات والأصعدة وتؤثر بشكل سلبى على حياة المواطن وظروفه المعيشية وأيضًا مستوى معدلات التنمية ومدى شعور المواطن بالتحسن فالزيادة فى مصر تشكل أيضًا خطرًا داهمًا على جهود الدولة الخلاقة فى التنمية خاصة أن لدينا ٥.٢ مليون مولود جديد كل عام.. وهذا يخلق صعوبات ويتسبب فى معاناة شديدة على مستوى الخدمات فى الصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية وفرص العمل وتزداد تأثيرات هذه المعدلات المنفلتة فى ظل الظروف الدولية الصعبة من قلاقل وصراعات تزيد من أوجاع الدول وترفع أسعار الاحتياجات والسلع الاستراتيجية مثل القمح ومصادر الطاقة خاصة البترول.


من هذا المنطلق وفى ظل جائحة «كورونا» وتأثيراتها على حجم الإنتاج العالمى والتجارة العالمية وأيضًا فى ظل تداعيات الأزمة «الروسية ــ الأوكرانية» وحالة التحفز الغربى الداعم لكييف.. واتجاه العالم إلى معسكرين.. فإن ذلك يرفع أسعار البترول حتى تجاوز سعر برميل البترول ما يزيد على الـ ٠٠١ دولار وارتفاع أسعار القمح وصعوبة الحصول عليه خاصة أن روسيا وأوكرانيا تشكلان مصدرًا مهمًا للحصول على هذه السلعة الاستراتيجية للكثير من شعوب العالم.


الحقيقة أن اجتماع الرئيس السيسى بالأمس  مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية واللواء أ.ح إيهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة يؤكد أن الدولة المصرية لديها بُعد نظر واستشراف للمستقبل.. وعلى استعداد دائم لمختلف الظروف والسيناريوهات والاحتمالات ولا تنتظر وقوع الحدث لتفاجأ به ولكن هناك تخطيطً بعيد المدى ورؤية واستراتيجية متكاملة لمجابهة أى أزمات أو ظروف صعبة محتملة على كافة المستويات والأصعدة.


الاجتماع الرئاسى مع رئيس الوزراء ووزير التموين جاء رسالة مطمئنة للشعب المصرى فى ظل أزمات دولية وعالمية بأن كل شيء متوفر وأن لدينا مخزونًا استراتيجيًا من السلع الأساسية يكفينا لمدة ٥ أشهر.. وما كان هذا ليتحقق لولا الرؤية الثاقبة والفكر الخلاق والجهود الكبيرة على مدار ٧ سنوات ماضية بتشييد وإقامة صوامع الغلال الاستراتيجية والتى عززت من قدرة الدولة على التخزين الاستراتيجى للسلع الأساسية وخاصة القمح الذى يكفى المخزون الاستراتيجى منه لمدة ٤ أشهر بالإضافة إلى اقتراب موسم حصاد القمح فى أبريل القادم والمستهدف ٤ ملايين طن ليتوفر لدينا القمح حتى نهاية العام الجارى من خلال الإنتاج والسعة التخزينية وتعاقدات التوريد الجديدة.


وتنطبق هذه الرؤية على كافة السلع الأساسية والاستراتيجية، فلدينا مخزون استراتيجى يكفى من ٤ إلى ٥ أشهر مع العلم أن الموسم الجديد لإنتاج السكر من قصب السكر والبنجر بدأ فى شهرى يناير وفبراير من العام الجارى على التوالى ليصبح الإنتاج المحلى يغطى احتياجات الدولة بنسبة ٠٩٪ ولدينا مخزون من الزيت يكفى لما يقرب من ٠٧١ يومًا والأرز هناك اكتفاء ذاتى منه وباقى السلع من اللحوم والبقول والدواجن لدينا مخزون مطمئن للغاية.


الحقيقة أيضًا أن الدولة خلال شهر مارس ستفتتح المعرض الرئيسى «أهلاً رمضان» فى أرض المعارض ٤٢ مارس وحتى ٢ أبريل ومن المقرر افتتاح ٠٦١ شادرًا بكافة المحافظات على مستوى الجمهورية وبمشاركة ٠٠٥٢ فرع من سلاسل شركات توريد الأغذية المحلية وطرح منتجات «أهلاً رمضان» فى ٠٠٥ فرع من مشروع جمعيتى والدفع بـ ٠٠٢ قافلة متحركة تشمل توزيع السلع الأساسية واللحوم والدواجن.


وربما أقترح فى هذا الصدد.. لماذا لا تكون مثل هذه المعارض على مدار العام أو ربع سنوية ويستطيع أن يوفر المواطن احتياجاته من خلالها بأسعار مرضية وكذلك تنشيط حركة البيع والشراء بهامش ربح معقول للشركات المنتجة بدافع وطنى مع البيع الكثير يزداد المكسب والربح مع العلم بأن المشاركة فى المعرض يجب أن تكون مجانية بمعنى الإعفاء من قيمة إيجار المساحة المخصصة للمشاركة طالما أن هناك دوراً وطنياً يعمل على تحقيق المعادلة «المكسب والربح للجميع» المواطن والمنتج وتحقيق أهداف الدولة فى توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.


فى اعتقادى أن الإجراءات المصرية للوقاية وامتصاص وتجنب الأزمات تدخل فى إطار بناء وامتلاك القدرة الشاملة ومنها القدرة على قراءة المستقبل وتوقع الأحداث والاستعداد لها بشكل جيد لكن إذا كانت الدولة تبذل جهودا كبيرة لبناء القدرة الشاملة فإنها بطبيعة الحال سوف تتأثر على المدى القريب والبعيد بتحدى الزيادة السكانية المنفلتة التى تشكل عبئًا وحملاً وتأثيرًا سلبيًا على قوة القدرة المصرية لأن إضافة ٥.٢ مليون مولود جديد هو تحميل غير طبيعى على قدرة الدولة فى ظل محدودية مواردها ويزيد الأمور صعوبة فى جهود الدولة للوفاء باحتياجات وخدمات المواطن وهو ما أشار إليه الرئيس السيسى فى الكلية الحربية.


ليست جهود التنمية فقط ومستوى الخدمات ولكن الزيادة السكانية لها تأثير خطير على الموارد المائية المتاحة مع التأكيد على الثقة فى الدولة المصرية بضمان حقوق مصر وحصتها فى مياه نهر النيل بالإضافة إلى جهودها فى الترشيد سواء فى نظم الرى الحديثة أو تبطين الترع أو تحلية المياه أو المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى والاستفادة منها فى خطة التوسع الزراعى من خلال استصلاح وزراعة الأراضي.. لكن يبقى أن الموارد المصرية على حد إعلان الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الرى والموارد المائية تبلغ٠٨ مليار متر مكعب فى حين أن الاحتياجات على أرض الواقع وفى ظل عدد السكان الحالى ٤١١ مليار متر مكعب أى لدينا عجز ٤٣ مليار متر مكعب.


تأثير الزيادة السكانية على الموارد المائية يشكل خطراً داهمًا وللأسف الكثير من المواطنين لا يدركون هذا الخطر طالما أن المياه متوافرة لديهم فنصيب المواطن المصرى ٠٦٥ متراً مكعباً سنويًا فى الوقت نفسه قدرت الأمم المتحدة خط الفقر المائى بألف متر مكعب سنويًا لذلك فالزيادة السكانية فى مصر فى حالة تصاعد وارتفاع الأمر الذى يشير إلى أن نصيب المواطن المصرى سوف يتراجع وينخفض ليصل إلى ٦٦٣ متراً مكعباً من المياه بحلول عام ٠٥٠٢ من هنا أقول إنه من المهم والحتمى مواجهة الزيادة السكانية، والعمل على وقف انطلاقها من خلال خطة ورؤية شاملة تستهدف وعى المواطن وإزالة الأفكار والمعتقدات والموروثات البالية وما رسخته جماعات الظلام والتشدد من مفاهيم خاطئة تحدث ضررًا كبيرًا وداهمًا على الوطن والمواطنين الحقيقة أن الزيادة السكانية لها تداعيات خطيرة على توفير الاحتياجات الأساسية والخدمات اللائقة ومستوى الحياة لدى المواطن فى ظل السعى والجهود الكبيرة للدولة لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين.. لكن التأثير الأخطر للزيادة السكانية سيكون على الموارد المائية وسنكون بين مطرقة وسندان هل مع الزيادة السكانية نوفر احتياجات الحياة للمواطن من مياه الشرب فى ظل محدودية الموارد المائية أم نوفر احتياجات التوسع الزراعى واحتياجات الزراعة لتوفير احتياجات الناس من المحاصيل والسلع الاستراتيجية التى تمس حياة الناس، هنا لابد أن تكون هناك استراتيجية شاملة ومتكاملة لوقف هذا الخطر الداهم وإقناع الناس بعدم الإضرار بأنفسهم وبوطنهم.


وزير الرى خلال ندوة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبعيدًا عن قضية سد النهضة التى يثق المصريون فى الحصول على كامل حقوقهم وحصتهم تحت أى ظرف من الظروف فحقوق مصر لا تضيع أبدًا ولا تمس وأن القلق على حصتنا أمر لا يليق بنا.. فمصر القوية القادرة تعرف كيف تحافظ على كامل حقوقها المشروعة لكننى أتحدث هنا عن جهود الدولة، إن مصر من أكثر الدول التى تعانى من الشح المائى وتعتمد بنسبة ٧٩٪ على مياه نهر النيل مشيرًا إلى أن الزيادة السكانية تمثل تحدياً رئيسياً للموارد المائية فمن المتوقع أن يصل إجمالى السكان فى مصر لأكثر من ٥٧١ مليون نسمة بحلول عام ٠٥٠٢ وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً على الموارد المائية.. من هنا أدركت الدولة خطورة ذلك ووضعت خطة لإدارة الموارد المائية تتعاون فيها كافة الوزارات المعنية باستثمارات تتجاوز الـ ٠٥ مليار دولار ومن المتوقع أن تزيد إلى ٠٠١ مليار دولار تهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حاليًا وتهيئة البنية الداعمة لقضايا المياه وهناك جهود كبيرة تبذلها الدولة للحفاظ على الموارد المائية وتنميتها فى ظل التحديات الكثيرة سواء الزيادة السكانية أو التغير المناخي.


الحقيقة أن قضيتى الموارد المائية والزيادة السكانية تشكلان تحديًا كبيرًا للدولة المصرية.. وهناك جهود كبيرة لتوفير احتياجات مصر من المياه لكافة الأغراض والحفاظ على كل نقطة مياه والاستفادة منها لكن فى نفس الوقت المواطن مطالب بالوعى والفهم للقضيتين سواء المياه أو الزيادة السكانية وخطورتهما فالترشيد والتنظيم أمران غاية فى الأهمية للقضية الأخطر أمام التنمية المصرية وتحقيق أهداف وتطلعات الوطن والمواطن.


نحن فى حاجة إلى حالة من الوعى الحقيقى والمسئولية المجتمعية.. وأن يدرك كل مواطن خطورة الإسراف والتبذير وإهدار الموارد المائية وأيضًا خطورة التمادى فى كثرة الإنجاب وما يشكله من تأثيرات سلبية متعددة الاتجاهات سواء على المستوى الشخصى والمجتمعى أو على مستوى تقدم الدولة وتحقيقها للأهداف العليا.. فالدولة لم تبخل بالجهد الخلاق على مدار ٧ سنوات لكن علينا أن نقف مع أنفسنا لإدراك الخطر الداهم الذى يهدد مستقبلنا وآمالنا وأهدافنا.

تحيا مصر