رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الرهان الرئاسى على وعى المواطن

2-3-2022 | 22:53


عبد الرازق توفيق,

فى تحليل أحاديث ومداخلات الرئيس عبدالفتاح السيسى نصل إلى نتائج مهمة.. تشير إلى أننا إذا أردنا أن نحقق الحلم المصرى.. فعلينا أن نتوقف عن تكرار نفس الأخطاء التى وقعت فى الماضى.. وامتدت آثارها لتهدد المستقبل وتكلفنا ثمناً باهظاً.. فغياب الرؤية والإرادة وعدم إتاحة البدائل للناس خلق تحديات وتهديدات وواقعاً مريراً.. من البناء العشوائى غير المخطط والتعدى على الأراضى الزراعية وهى الأجود فى العالم، وتفاقم مشكلة النمو السكانى المنفلت.. وعندما غابت رؤية استشراف المستقبل من مشروعات وطرق ومحاور الماضى.. وجدنا أنفسنا فى حالة اضطرار لتعديل المسار.. وهو ما كلفنا ميزانيات باهظة.. فالوعى وتحمل المسئولية لدى المواطن، والإدراك بأنها تشاركية مع الدولة، يبعد شبح «الخصومة» التى جاءت من وعى مزيف ومفاهيم خاطئة.. ويوفر لنا مئات المليارات لنستفيد بها فى بناء المستقبل، وليس إصلاح الماضي.. طموح الرئيس ليس له حدود..لكن أجدنى أقرأ فى أحاديثه أن هناك مطالب من المواطن بالوعى والمسئولية والانضباط والإرادة حتى نصل إلى الحلم الذى طالما سعينا إليه.. وأصبح طريق الوصول إليه أكثر يسراً، إذا عالجنا أخطاءنا كشعب وأدركنا خطورة بعض التحديات التى تهدد مسيرتنا.. فالرئيس يراهن على وعى المصريين وانتباههم فى خطورة بعض الظواهر السلبية التى اقترفتها أيادينا كشعب.
 
 
 
 
السيسى وضع يده على أهم مقومات التقدم.. ورسم ملامح ومتطلبات المستقبل.. فهناك طموح رئاسى بلا حدود.. يجب أن يصل إلى وعينا 
 
 
قراءة أحاديث الرئيس عبدالفتاح السيسى ومداخلاته خلال افتتاح المشروعات القومية العملاقة تكشف عن طموح غير محدود، وهو ما نراه الآن على أرض الواقع من إنجازات ونجاحات وتنفيذ رؤية، كما يقول الكتاب.. لكن هذا الحلم والطموح الكبير الذى يكشف الرئيس عن بعض ملامحه فى بعض المناسبات مثل ما أنجزناه، خطوة من ألف خطوة.. وبالأمس قال الرئيس خلال افتتاحه عدداً من المشروعات القومية العملاقة فى مجال الإسكان والطرق والمحاور: «لسه بدري، وأمامنا الكثير».. هذا الطموح والحلم مازال فى الرؤية الرئاسية فى طور البدايات، خطوة من ألف خطوة، وهو ما يشير إلى أن القادم أكبر بكثير.. والمطلوب يفوق أى تصور.
الحقيقة أن ما حققته الدولة المصرية خلال السنوات السبع الماضية أيضاً يفوق الخيال، وكل التحديات.. وهو أشبه بتجاوز المستحيل.. ولم يكن يتخيله أو يتوقعه الخبراء الأجانب.. وهنا أشير إلى القصة التى رواها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء مع الخبراء اليابانيين، عندما وصفوا حال القاهرة بأنه المستحيل، أو شبه المستحيل، وأن معدل الحركة والسرعة سيكون ما بين 8 إلى 10 كيلومترات فى عاصمة دولة أغلقت فى وجهها كل منافذ الحلول والرؤية والقدرة فى هذا التوقيت 2010.. لكن الرؤية المصرية والإرادة الصلبة التى قادها الرئيس السيسي، جعلت من الدولة ومنحتها القدرة على تحدى التحدي، وأصبح ما نشاهده الآن من طرق ومحاور وتدخلات للدولة من أجل توفير حرية الحركة والتيسير على المواطنين، واقعاً نعيشه، أنفقت عليه الدولة فى محافظة الجيزة فقط 300 مليار جنيه.
لكن الرئيس السيسى على حد قراءتى لأحاديثه وبتحليل مضامين كلامه، أرى أن طموح الرئيس غير المحدود الذى يريد لمصر أن تنطلق لآفاق لم يكن يحلم بها هذا الشعب يوماً ما.. وكان يراها الخبراء الأجانب درباً من دروب المستحيل.. هذا الطموح الذى فكت مصر شفراته، وأصبح لديها رصيد كبير من القدرة على النجاح  بفعل التجربة المصرية الملهمة خلال السنوات الماضية، ونالت احترام العالم.. وتحدَّت الصعاب وصنعت الفارق فى مسيرة الوطن وامتلاكه القدرة الشاملة.
طموح الرئيس السيسى غير المحدود لوطنه.. ونجاحاته وإنجازاته التى فاقت كل التوقعات، ورغم ما تحقق، يواجه تحديات من شأنها أن تكبل وتنال من الحلم المصرى والطموح الرئاسي.. هذه التحديات فيها جزء كبير من الماضى وجزء يتعلق بوعينا وثقافتنا وربما عدم إدراكنا لخطورة التمادى واستمرار هذه الثقافة، فيما يتعلق بالماضى فإن غياب الرؤية والإرادة كان سبباً مباشراً لما تعانيه مصر فى الكثير من المجالات.. لم يكن للقائمين على الدولة قبل 2011 القدرة على استشراف المستقبل والعمل من أجله.. فكانت عملية البناء المتواضعة لا تلبى إلا حاجة خمس أو عشر سنوات، ولا تراعى أو تضع فى حساباتها الزيادة السكانية مثلاً، وظهر ذلك جلياً فى المشروعات التى نفذت على مدار 4 عقود، وتظهر بوضوح فى الطرق والمحاور، فكان الطريق يقتصر على حارة أو اثنتين على أقصى تقدير.. وينطبق ذلك على المحاور، وهو ما نراه فى حاجة محور 26 يوليو إلى التوسعة والطريق الدائرى والإقليمى إلى التوسعة والطول.
أيضاً من كوارث الماضى التى أثرت سلباً علينا الآن وكلفتنا الكثير حالة الفوضى والانفلات وغياب القانون والحسم، وعدم إيجاد البدائل للمواطنين.. لذلك ظهرت كارثة التعدى على الأراضى الزراعية وهى من أجود الأراضى فى العالم، وكل خدماتها ومتطلباتها موجودة، وأيضاً البناء العشوائى غير المخطط الذى أجبرنا على مدار السنوات الأخيرة على تخصيص مئات المليارات للقضاء على العشوائيات.. وأيضاً كلفتنا عشرات المليارات وربما أكثر لتعويض المواطنين من مساكن مخالفة وغير مخططة فى حال رأت الدولة توسعة الطرق على سبيل المثال فى الدائري.. الذى كان يتطلب إزالة العمارات والبيوت من جانبى الطريق حتى تتم التوسعة والتطوير لتلبية احتياجات النقل والحركة، والتيسير على المواطنين فى ظل النمو السكانى المتزايد.
لن أتحدث عن الأرقام والإنجازات المبهرة التى شاهدتها بالأمس خلال افتتاح مجموعة من المشروعات القومية فى مجال الإسكان والطرق والمنشآت الرياضية.. لكن سأحاول أن أقرأ حديث الرئيس السيسي، خاصة «همومه» التى يرى أنها تعرقل الحلم المصري، وتؤثر على نواتج وعوائد البناء والتنمية وتحسين جودة حياة المواطن، وتوفير الحياة الكريمة والخدمات اللائقة له خاصة فى الصحة والتعليم والسكن.. فى اعتقادى أن غياب الرؤية والطموح فى العقود الماضية وافتقاد الإرادة والاستسلام للمعاناة والظروف وترك الناس يتصرفون بأنفسهم مثل غياب الدولة عن توفير السكن البديل للمواطن، فلجأ إلى التعدى على الأراضى الزراعية. وغياب القانون والمحاسبة وتخاذل الأحياء عن منع جريمة البناء غير المخطط والبناء العشوائى الذى أفضى إلى كوارث وتكلفة باهظة.
الرئيس السيسى يراهن على وعى المصريين ويقظة إرادتهم لتحقيق الحلم فى بناء دولة قوية وقادرة على تحقيق تطلعات الشعب.. يحث المصريين دائماً على إدراك إرادة التقدم من خلال التوقف عن الثقافات التى تسودها الذاتية والفهلوة.. والوعى بأن كل خطوة خاطئة يقدم عليها المواطن تؤثر على سلامة مسيرة الوطن ومعدلات تقدمه.. ويرسخ دائماً على أن المواطن هو شريك أساسى فى بناء الدولة وتقدمها.
لا يجب أن يفكر المواطن بمنطق: «نفسى.. نفسى ومن بعدى الطوفان».. فإذا ما نظرنا كشعب فى مرآة الصراحة والمكاشفة مع أنفسنا، نجد أننا ساهمنا بقدر كبير فى الأزمة.. فإذا كانت الدولة الطامحة المنطلقة الآن، وفى نفس الوقت لديها قدرات وموارد محدودة، تواجه تحدياً خطيراً هو النمو السكانى المنفلت بمعدلات تشكل تهديداً مباشراً لجهودنا.. إذن المواطن هنا عليه أن يدرك خطورة كثرة الإنجاز وحتمية الاعتدال والوعى وتأثير ذلك على شخصه وأسرته وأولاده ومستوى الرعاية والخدمات التى يتلقونها، وأيضاً تأثير ذلك على مسيرة الدولة، وبالتالى فإن المواطن لا يجب أن يحمِّل الدولة أو الحكومة كل شىء طالما أن هناك طرفًا غائبًا عن تحمل المسئولية، أقصد المواطن الذى يتذرع بالحجج ويعلق معاناته على شماعة الدولة أو الحكومة.
إذا كنا نتحدث عن بعض الأمور التى تعوق مسيرتنا، سواء فى تراكمات الماضى أو أخطاء وثقافات وقناعات خاطئة لدى بعض الفئات فى المجتمع.. فإن الدولة تحاول الوصول إلى عقول مواطنيها، فالرئيس يتحدث مراراً وتكراراً عن وجود هذه التحديات التى لابد أن نواجهها، ونتخلص منها لإفساح الطريق إلى البناء والتنمية والتقدم على أسس صحيحة، وحتى نشعر بعوائد جهودنا ولا نتعرض لأزمات أو نقص أو عجز أو تراجع أو تأثير سلبى على طموحاتنا وآمالنا وتطلعاتنا.
طموحات الرئيس بلا حدود.. وأحلامه لا تنتهى وإنجازاته الملهمة تؤكد أن طريق الوصول للحلم سهل، إذا ما توافرت الشروط، فالدولة تفعل ما عليها من عمل وإزالة أخطاء الماضي، وتصنع الإنجازات والنجاحات وفق ما يفوق قدراتها ومواردها.. لكن ما تريد أن تحققه الدولة هو بناء وعى حقيقى لدى المواطن يعالج النمو السكانى المنفلت.. ويتخلص من ثقافة التعديات على الأراضى الزراعية والبناء غير المخطط والعشوائي، الذى أفضى إلى كتل سكنية ميتة، يصعب الوصول إلى مكوناتها.. وأيضاً ترسيخ ثقافة تحمل المسئولية والشراكة فى تحقيق الحلم، وألا نعلق كل أزماتنا ومشاكلنا ومناحى التقصير لدينا على شماعة الدولة، ونتجاهل تقصيرنا وغياب إرادتنا وروح الكفاح والعمل لدينا، فالدولة ورغم أن المبانى التى تزيلها من أجل المصلحة العامة، وهى مخالفة فى الأصل، إلا أنها تحرص على عدم الإضرار بالمواطن وتمضى فى اتجاهين.. تعويض المواطن مادياً أو توفير السكن البديل اللائق له.
الواضح من أحاديث الرئيس أنه ملم بتفاصيل كل أحياء ومدن وشوارع مصر.. ويدرك حجم المعاناة والتحديات فيها.. ويسعى قدر استطاعة الدولة إلى حلها.. فحديث الرئيس عن الخصوص والمرج والمطرية، وبالأمس كرداسة وناهيا وبولاق الدكرور.. وكيف وصلت إلى هذا الوضع، يكشف حجم الاهتمام الرئاسى بكل صغيرة وكبيرة وحلم الرئيس للمصريين بأن يكونوا فى مستوى حياة أفضل فى كافة النواحي، لكنه فى نفس الوقت يطالبهم بأن يتحلوا بالوعى والمسئولية والمشاركة فى بناء هذا الوطن والتوقف عن ممارسة أخطاء الماضي.
أتصور أن الرئيس السيسى لا يجد فى النجاح والبناء والتنمية أى صعوبة، فقد امتلكت مصر فى عهده القدرة على النجاح والإنجاز والبناء بمعدلات ملهمة.. ولكن التحدى الذى يراه الرئيس السيسى فعلياً هو وعى الناس وإدراكهم للتحديات التى تواجه الدولة.. الرئيس يريد بناء وعى حقيقى لدى الناس يساهم فى حل المعادلات الصعبة مثل الزيادة السكانية.. مثل خلق روح المشاركة مع الدولة فى تحمل المسئولية.. مثل الحرص على التخطيط والتنظيم فى البناء.. وعدم الإقدام على التعدى على الأراضى الزراعية.. وترسيخ الطموح والإرادة لدى الجميع.. فى أهمية تطوير التعليم وتغيير المفاهيم السلبية فى مجرد حصول الابن على مجرد شهادة لا تعنى سوى ورقة لا تعكس جودة تعليم وقدرة على تلبية احتياجات سوق العمل.. الرئيس يريد أن يستنهض طموح المصريين وتغيير بعض الثقافات التى لم تعد تواكب العصر الذى نريد أن نلحق به.
لابد أن يدرك المواطن كيف تعمل الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسي.. دولة تزيد أعلى المعايير والمواصفات العالمية لبناء دولة حديثة قوية ومتقدمة، وما يتطلبه ذلك من تحمل الجميع للمسئولية وامتلاك الوعى والعمل المستمر.. فمصر ليست أقل ممن حققوا التقدم.. علينا أن نقرأ أيضاً كيف تبنى الدولة المصرية حاضرها ومستقبلها وفق رؤية تراعى وتستشرف المستقبل، ولا تنظر تحت قدميها، بل لأكثر من 100 عام، إن تحقيق الحلم فى أيدينا جميعاً إذا ما فعل كل منا دوره وأدى مهمته واحترم المصلحة العامة.. ولم يتجاوز القانون.. إذا أدركنا متطلبات ومقومات الحاضر والمستقبل.
لذلك فنحن فى حاجة شديدة إلى الوعى وإلى الوصول للمعنى الحقيقى إلى الغيرة الوطنية والانتماء لمصر.. والحرص على تقدمها وقوتها وقدرتها، فحب الأوطان ليس بالشعارات والأغاني، ولكن بالعمل والوعى والفهم ويقظة الضمير وإدراك مصلحة الجميع وعدم النظر إلى المصلحة الذاتية.
علينا أن نكون على قدر طموح الرئيس السيسى لوطنه.. وفى اعتقادى أن ذلك يتحقق بأن يكون لدينا مواطن مثالى واع بكل تحديات الوطن.. لديه انضباط ومسئولية ذاتية.. يتوقف تماماً عن زيادة الفجوة بين ما يريد وما يفعل.. لابد أن ننتبه جميعاً ونقرأ تفاصيل الماضى الذى حال دون تحقيق ما يتطلع إليه الشعب، وأحدث احتقاناً وخصومة غير مبررة بين الدولة والشعب.. وبذلك يكون الإدراك والانتباه والوعى بخطورة تحدياتنا وأهمية معالجة أخطائنا وعدم تكرارها وامتلاك إرادة العمل المتواصل، هو سبيلنا إلى تحقيق وإنجاز الحلم المصرى كما يريد الرئيس السيسي.
الإعــلام مطـــالب بأن يقرأ حكـــايات وأحــاديث الرئيس السيسى وما يتناوله من قضايا وتحديات تهدد أحلامنا.. وأن يعمل عليها ويركز على بناء وعى حقيقى يعالج أبعادها من خلال تناول موضوعى وخطاب إعلامى مدرك لأهمية تحويل التحديات إلى نجاحات الإعلام، لابد أن ينظر إلى الوعى بمنظور شامل ليس فقط الوعى بالمؤامرات والمخططات والتهديدات الإقليمية والداخلية وكشف أبعاد نوايا قوى الشر ولكن أيضاً الوعى بأهمية أن نضع حداً لسلوكيات تشكل عوائق أمام مسيرتنا نحو التقدم مثل النمو السكانى والتعدى على الأراضى الزراعية والتراخى وعدم العمل والفساد والإهمال.. وأيضاً أهمية مواكبة العصر من خلال تعليم متقدم.. وترسيخ روح المسئولية لدى المواطنين والتشاركية فى تحمل مهمة بناء الوطن.
 
تحيا مصر