رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الصراحة راحة»

7-7-2017 | 00:02


بقلم –  عبد اللطيف حامد

أقر وأعترف من البداية أن الحكومة عادت وزادت فى مسألة دعم الطاقة، وتكلفته الضخمة فهو يقدر بنحو ١٤٥ مليار جنيه سنويا، وأنها أعلنت منذ ٢٠١٤ عن خطة لرفع الدعم نهائيًا عن المحروقات والكهرباء، بل إن محدودى الدخل، ليسوا المستفيدين بالدرجة الأولى من الدعم، ويستفيد منه الأكثر ثراء.

لكن فى الوقت نفسه توقيت صدور قرار تحريك أسعار الوقود غير مناسب، وجعل القاصى والدانى يضرب كفا بكف، فالعقل والمنطق يا سادة أن يوم الخميس الماضى كان يسبق الذكرى الرابعة لثورة ٣٠ يونيو العظيمة، والطبيعى أن يعمل مجلس الوزراء جاهدا على تهيئة الناس للسعادة بإسقاط حكم جماعة الإخوان، والشعور بالأمل فى بكره من خلال عرض قائمة المشروعات القومية التى تحققت على مدار الثلاث سنوات الماضية ـ وما أكثرها ـ رغم الصعوبات، والتحديات فى مواجهة المصريين شعبا ونظاما، فإذا بنا نصحو على خبر يعكر المزاج، ويفسد الفرحة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كان يجب على مسئولى وزارة البترول تجنب زيادة الطين بلة، والتصرف بطريقة الموظف الذى يسارع برمى المشكلة بعيدا عنه، والسلام، فصالوا وجالوا فى تصريحاتهم هنا وهناك قبل القرار بعدة أيام منها ما هو منسوب لمسئول بعينه، ومنها ما هو على لسان مصادر رفضت ذكر اسمها تؤكد فيها تأجيل خطوة رفع الأسعار، فيتحدث الناس بالصوت العالى عنها على مدار أيام وليال، «وكل واحد عامل فيها أبو العريف» يوزع التطمينات يمينا وشمالا، ولا داع للتخوف من موجة جديدة فى الأسعار، ثم يفاجأ الجميع صباح اليوم التالى بمؤتمر صحفى يتصدره رئيس الوزراء ووزير البترول لإعلان الزيادة، فتشتعل ردود الفعل بطرق شتى على مواقع «السوشيال ميديا» من أجل التنفيس عن الصدمة من الموقف رغم أنه لو أخدت الوزارة طريق الشفافية للجماهير فى مسألة متوقعة منذ أكثر من عام تقريبا ما حدث جدال ولا فصال.

وفى يقينى، لا مبرر للتكتم من بعيد أو قريب فى قضية تمس كافة المصريين خاصة أن الرئيس السيسى نفسه يسير على درب المصارحة فى كل القضايا ليس وقت اتخاذ القرار فقط بل يسبقه بمدة طويلة موضحا الحقائق، وشارحا للمعطيات وصولا للنتيجة دون مواربة، فتنزل القرارات بردا وسلاما رغم صعوبتها، وما برنامج الإصلاح الاقتصادى ببعيد ثقة فى وعود، وتقديرات الرئيس، صحيح أن الحكومة لا تمتلك نفس مصداقية الرئيس، ولا رصيده لدى الناس، لكن كما يقولون «أقرب الطرق أسلكها»، واللف والدوران، ولا أريد أن أقول التخبط، يفتح الباب للقيل والقال، وطبعا الحكومة أول من يعانى الأمرين من مسلسل الشائعات، فلا تنفى واحدة حتى تظهر الثانية أكثر شراسة، وحبكة، وشرا، وإذا كان يحدث بدون وجه حق فما بالنا بأم القضايا ملف أسعار البنزين والسولار، الصراحة راحة.

الناس كانت ستتقبل بهدوء أعصاب توابع القرار لو تنبهت حكومتنا الرشيدة إلى أن هناك سبعة قرارات رئاسية اتخذها الرئيس فى إفطار الأسرة المصرية، وثمارها سيجنيها غالبية الشرائح والفئات فى المجتمع نهاية شهر يوليو الحالى، ومؤكدا الانتظار شهرا واحدا حتى يحصل المواطنون على منحة التموين، والعلاوات سواء الاستثنائية أو غلاء المعيشة إلى جانب زيادات مساعدات تكافل وكرامة كان سيخفف من وطأة رفع أسعار الوقود، وبصراحة الرئيس أثلج صدور الملايين، وباتوا يحلمون بهدنة مؤقتة فى متطلبات المعيشة، فإذا بهم يفيقون من نومهم فزعا بفعل الحكومة.

طبعا سيأتى الرد من المسئولين بأن تطبيق الزيادة كالقضاء المستعجل الدافع الأساسى له التخوف من حدوث احتكاكات بين المواطنين وأصحاب محطات البنزين عند التدفق فرادى وجماعات بحثا عن «تفويلة» رخيصة، إلى جانب قطع الطريق على التجار الجشعين الذين يخزنون المواد البترولية للاستفادة من فارق السعر، كل هذا صحيح، ولا ننكره، لكن دعونى أطرح بعض علامات الاستفهام.. يعنى لازم يوم وقفة الثورة؟.. ويا ترى ماذا كان سيضير الدولة لو تأجل الموعد؟..وهل المبلغ الذى تم توفيره فى شهر واحد يستحق تعكير صفو كل هؤلاء المواطنين؟، وإلى أى مدى هذا القرار مدروس من كافة الجوانب، فالأهم من اتخاذ قرار، الإدارة الصحيحة له.

صناعة القرار فن.