نظمت وزارة الأوقاف المصرية محاضرة لتثقيف الأئمة والواعظات للرقي بالمستوى العلمي للدعاة، واستمرارًا لفعاليات اليوم الثالث لدورتي المكون الشرعي واللغوي للدفعة الرابعة من الدورة المتكاملة اليوم الاثنين 7 مارس، بأكاديمية الأوقاف الدولية بمدينة السادس من أكتوبر.
حيث عقدت المحاضرة الأولى تحت عنوان: "قراءة في الكليات الست" والتي حاضر فيها الدكتور أحمد ربيع أحمد يوسف عميد كلية الدعوة الإسلامية الأسبق بجامعة الأزهر مشيدًا بدور وزارة الأوقاف غير المسبوق في الارتقاء بمستوى الأئمة والواعظات وتبنيها حراكًا علميًا في التأليف والترجمة والنشر، مؤكدًا أن العلم هو الشيء الوحيد الذي أمر الله (عز وجل) بالازدياد منه، حيث يقول تعالى: "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" ، مضيفًا أن مقاصد الشرع الحنيف تراعي مصالح الناس في كل زمان ومكان وهي: الدين والوطن والنفس والمال والعقل والعرض.
مشيرًا إلى أن الحفاظ على الوطن لا يقل أهمية عما ذكره العلماء من "الكليات" الأخرى إذ لا يوجد وطني شريف لا يكون على استعداد أن يفتدي وطنه بنفسه وماله، وأن الوطن ليس حفنة تراب كما تزعم الجماعات المتطرفة، وأن حب الوطن والحفاظ عليه فطرة إنسانية أكدها الشرع الحنيف.
فهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول مخاطبًا مكة المكرمة: "والله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ الله، وَأَحَبُّ أَرْضِ الله إلى الله، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ؛ ما خَرَجْتُ" ولما هاجر (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة واتخذها وطنًا له ولأصحابه الكرام لم ينس (صلى الله عليه وسلم) وطنه الذي نشأ فيه ولا وطنه الذي استقر فيه ، فالوطن ليس مجرد أرض نسكن فيها، إنما هو كيان عظيم يتملكنا ويسكن فينا، ففي السياق والمناخ الفكري الصحي لا يحتاج الثابت الراسخ إلى دليل لكن اختطاف الجماعات المتطرفة للخطاب الديني واحتكارها له ولتفسيراته جعل ما هو في حكم المسلمات محتاجًا إلى التدليل والتأصيل , وكأنه لم يكن أصلا ثابتًا فمشروعية الدولة الوطنية أمر غير قابل للجدل أو التشكيك بل هو أصل راسخ لا غنى عنه في واقعنا المعاصر، ومصالح الأوطان والحفاظ عليها من صميم مقاصد الأديان.
موضحًا أن الأديان والشرائع جميعاً تتفق على ثلاثة أصول وهي: الإيمان، والعبادة، والأخلاق، وأن الدين ضرورة من ضروريات الحياة على المستوى الاجتماعي والنفسي والفقهي، وأن الإسلام أمر بالدفاع عن الأوطان وهو أول من أقام مبادئ المواطنة بدون إسالة الدماء من خلال وثيقة المدينة، كما عُنيَ بالمحافظة على الإنسان جسدًا وروحًا، ونهى عن أكل أموال الناس.
كما عقدت المحاضرة الثانية تحت عنوان: "قواعد اللغة" والتي حاضر فيها الدكتور عوض إسماعيل عبد الله عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر ، مؤكدًا أن معرفة قواعد اللغة العربية تضبط اللسان وتصونه عن الخطأ، حيث إن الكثير من الناس اعتادوا على الحديث بطريقة خاطئة بسبب عدم درايتهم باللغة العربية، وأن القرآن الكريم يقوم اللسان عن الاعوجاج لتميزه بفصاحته وبلاغته فهو في أعلى درجات الفصاحة والبيان، حيث نزل القرآن الكريم بين أفصح الناس في العربية ولم ينقل أن أحدًا منهم زعم وجودَ خطأ لغويٍّ أو نحويٍّ في القرآن الكريم ، مبينًا أن القرآن الكريم يشتمل على كل أقسام ومكونات العدد من (المفرد، والمركب، والعقود، والمئات، والألوف، والمعطوف والمعطوف عليه)، وأن أهل اللغة والبلاغة هم أكثر الناس معرفة بجمال القرآن الكريم، لأن الإعراب يترتب عليه العديد من التوجيهات التفسيرية، وأن من أعمل عقله في معرفة الإعجاز اللغوي، والبياني للقرآن الكريم يدرك لا محالة أنه ليس من صنع البشر، وأنه تنزيل من حكيم حميد.