فى النصف الأول من القرن العشرين أجمع معظم خبراء الرياضة فى ذلك الوقت أنه لا يستطيع عداء بأى حال من الأحوال الجرى لمسافة ميل فى أقل من أربع دقائق وكانت المقولة التى قد صدق بها الجميع أن ذاك "علامة الأربع دقائق مستحيل كسرها"!
حيث ظنوا أن جسم الإنسان لا يستطيع فعليًا أن يصمد للمجهود المطلوب لكسر ذلك الرقم، وأن أى شخص سوف ينهار تحت الضغط، إلى أن أثبت روجر بانيستر خطأ الجميع ففى عام ١٩٥٤ أستطاع بانيستر أن يكون أول رجل يجرى لمسافة ميل فى أقل من أربع دقائق.
ربما حينما قرأت قصة بانيستر أعتقدت أنه حاله فريدة وصاحب قدرة خاصة لم تتكرر.. المفاجأة كانت حينما قام العداء الأسترالى جون لاندى بتحقيق نفس النتيجة بعد ٤٥ يوما فقط من إنجاز بانيستر. فتح الباب للآخرين للقيام بالمستحيل ففى خلال السنوات القليلة التى تلت هذا الحدث استطاع المزيد والمزيد من العدائين أختراق علامة الأربع دقائق بمجرد أدركهم أن ذلك ممكنًا وليس بالمستحيل مما يدلنا على درس مهم: "بمجرد أن تتوقف عن تصديق أن شيء ما مستحيل، يصبح ذلك ممكنًا"
ومن هنا يمكن أن نطلق صيحة جلية قائلة إن الناس هم من يغيرون المؤسسات بإيمانهم وسلوكهم. إيمانهم بضرورة وأهمية التغيير وسلوكهم فى التطبيق والفعل فلن يصل بانيستر بالإيمان بهدفه فقط بل بابتكاره طرقه الخاصة فى التدريب وداوم على العمل المتواصل ليل نهار للوصول إلى ما يصبو إليه وهذا ما يسمى بالسلوك الإيجابى الذى يترجم الوعى بالهدف والإيمان به.
"المؤسسات لا تتغير، والناس هم من يغيرونها بالإيمان بضرورة التغيير ثم يترجمه سلوكهم الإيجابي".
أحد أكبر الأخطاء التى يمكن أن ترتكبها عند بدء تغييرات رئيسية فى مؤسسة هو توقع أن يكون رد فعل الجميع إيجابيا، لذلك إذا كان أسلوبك فى بدء التغييرات هو افتراض أن رسالة واحدة أو شخص واحد أو حتى مجموعة واحدة ستحدث التغيير، فإننى أوصى بشدة أن تتوقف مؤقتًا للحظة وأن تتذكر أن من اهم تحديات الإدارة تنوع وتعقيد السلوك الإنسانى فعليك إدراكه.
إذا كان الناس لا يثقون فى القيادة، ولا يدركون ويشاركون رؤية المؤسسة أو لم يكشف لهم بكل شفافية سبب التغيير - لن يكون هناك تغيير ناجح - بغض النظر عن مدى براعة الاستراتيجية وسمو الهدف من وراء التغيير، لا يمكنك أن تقود التغيير إذا لم تفهم الناس داخل المؤسسة وأفضل طريقة للقيام بذلك هى البدء فى التفكير مثلهم لذا من الأفضل أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة: هل نستطيع أن نخلق شعورا حقيقيا بالإلحاح يؤدى إلى الشعور بضرورة التغيير تغيير قبل أن تحصل على فرصة للبدء فى الخطوات الفعلية للتغيير؟ هل هناك شعور حقيقى بالمشكلة. لن يفكر الناس فى أى شيء حتى يقتنعوا أولا بأن هناك مشكلة تحتاج إلى حل.
الوقت والتواصل هما مفتاح النجاح لتحقيق التغييرات. يحتاج الناس إلى وقت لفهم التغييرات، كما يحتاجون إلى الشعور بأنهم على اتصال وثيق بالمؤسسة خلال الفترة الانتقالية. عندما تدير التغيير، قد يتطلب ذلك قدرا كبيرا من الوقت والجهد، وعادة ما يكون تكثيف حجم التواصل المباشر هو السبيل لتقليص حجم مقاومة التغيير ومنع الشائعات، فيجب أن تكون مصد المعلومات رسميا ومتواصل عن طريق قنوات رسمية.
إن فهم الأسباب الأكثر شيوعًا التى تجعل الناس تعترض على التغيير يمنحك الفرصة لتخطيط استراتيجية التغيير لمعالجة هذه العوامل، كما أن من أجل قبول التغيير والمساهمة فى إنجاح التغيير، يحتاج الناس إلى فهم كيف ستفيدهم التغييرات التى ستطرق عليهم لن يتماشى الجميع مع التغيير فقط لأن التغيير ضرورى وسيعود بالنفع على المؤسسة. ويأتى دور الإدارة هنا فى تهيئة بيئة عمل تشجع على تقبل التغيير وتزرع من خلال تأهيل وتدريب الأفراد قيم سلوكية إيجابية تجعلهم يسعون إلى تنفيذ وبناء وإنجاز ما يقول الجميع عنه إنه مستحيل.