توطين صناعة اللقاحات.. كيف ستصبح مصر مركزًا إقليميًا للتصنيع والتصدير؟
مع بداية جائحة كورونا، عملت الدولة المصرية على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي للفيروس وحماية صحة المواطنين، وكانت الخطوة المهمة بجانب توفير اللقاحات للمواطنين هي تصنيع لقاح كورونا في مصر من خلال مصانع فاكسيرا، والتي تحققت من خلال إنتاج لقاح سينوفاك وتوزيع على مراكز اللقاح المصرية.
وتستهدف وزارة الصحة توطين تكنولوجيا تصنيع اللقاحات خلال الفترة المقبلة، وهو ما وصفه أطباء بأنه سيسهم في تعزيز قدرات الدولة لتصبح مركزا إقليميا لتصنيع وتصدير لقاح كورونا، وخاصة في ظل ما تملكه من إمكانيات من البنية التحتية بعد إنشاء مصانع فاكسيرا الجديدة ومدينة الدواء بالخانكة.
وكان الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والقائم بأعمال وزير الصحة والسكان، قد استقبل، مدير عام شركة "سينوفاك بيوتيك" هيلين يونج، لبحث سبل التعاون المشترك، وتناول الاجتماع مناقشة ملفات التعاون المشترك بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا" وشركة "سينوفاك" الصينية، وكذلك الخطوات التنفيذية لنقل وتوطين تكنولوجيا تصنيع اللقاحات وفقًا لجداول زمنية محددة.
وبحث الجانبان إمكانية التعاون بين "فاكسيرا" و"سينوفاك" لإنشاء مركز للتجارب الإكلينيكية، بالإضافة إلى إنشاء مركز للبحوث التطبيقية داخل مجمع مصانع "فاكسيرا" بمدينة السادس من أكتوبر، كما تم مناقشة الأعمال الجارية بمجمع التبريد الجاري تنفيذه بالشراكة مع "سينوفاك"، وكذلك تبادل الخبرات فيما يخص تتبع التسلسل الجيني لفيروس كورونا والمتحورات ومشاركتها مع شركة "سينوفاك"، في إطار الجهود المبذولة لتطوير اللقاحات ضد المتحورات الجديدة للفيروس، لافتًا إلى أهمية استمرار الشراكة المصرية الصينية في نقل تكنولوجيا التصنيع لمختلف أنواع اللقاحات، بما يؤهل مصر لتكون مركزًا رئيسيَا لإنتاج اللقاحات في قارة إفريقيا.
البنية التحتية والإمكانيات لتوطين صناعة اللقاحات
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد عز العرب، المستشار العلمي للمركز المصري للحق في الدواء، إن المباحثات بين مصر والصين لصناعة اللقاحات في مصر، بدأت منذ فترة وتطور التعاون إلى تصنيع لقاح سينوفاك في مصر عبر مصانع فاكسيرا، وتم توزيعه على مراكز اللقاحات، مضيفًا أن مصر تستهدف نقل تكنولوجيا المعرفية وتوطين تلك الصناعة، وإنتاج نفس اللقاح بنفس المواصفات المنتجة في الخارج.
وأكد «عز العرب»، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أن المباحثات والاتفاقيات بين الجانبين اشتملت على إنشاء مراكز بحثية على أعلى جودة وجدوى علمية، لأن البحث العلمي في هذا المجال خطوة مهمة لتطوير اللقاحات لموائمة السلالات الجديدة من كورونا، مضيفًا أن هذه المعامل البحثية تستهدف الوصول إلى التسلسل الجيني للفيروس، واكتشاف أي سلالة وتعديل أي لقاح منتج لتكون فعالة ضد السلالات الجديدة.
وأشار إلى أن مصر أجرت مفاوضات مع كثير من الشركات، منها فايزر وموديرنا وسبوتنك الروسي، في ظل ما تمتلكه مصر من إمكانيات ضخمة منها البنية التحتية ومصانع فاكسيرا، منها المصنع الجديد في 6 أكتوبر، والذي يتمتع بمواصفات عالمية، وكذلك مدينة الدواء الجديدة في الخانكة على مساحة 180 ألف متر مربع، كأكبر مدينة دواء في المنطقة.
وأضاف أن جزء من خطوط إنتاج مدينة الدواء ستكون للقاحات، فمصر تمتلك البنية التحتية القوية ومواصفات التصنيع الجيد، بهدف توطين صناعة اللقاحات في مصر، مشددًا على أن جائحة كورونا غير معروف موعد انتهائها، فرغم أننا نشهد انحسار الموجة الخامسة، وتوقع منظمة الصحة العالمية أنه في يونيو المقبل قد تنحسر الجائحة بشكل كبير، إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من إمكانية حدوث طفرات جديدة.
وشدد على أن صناعة اللقاحات مهمة للغاية، لتوفيرها العملة الصعبة من الاستيراد بجانب تلبية احتياجات الشعب المصري من اللقاحات، وخاصة بعد إقرار الجرعات المعززة بجانب أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا للدول المجاورة في أفريقيا لتبادل اللقاحات، وتصبح مصر على الخريطة العالمية لإنتاج اللقاحات، فأفريقيا بها نحو 5 دول اختارتها منظمة الصحة العالمية لإنتاج اللقاحات.
مركز إقليمي لتطوير وصناعة اللقاحات
ومن جانبه، قال الدكتور فايد عطية، الباحث في علم الفيروسات الطبية، إن خطوة صناعة اللقاحات في مصر ومنها لقاحات كورونا تكتسب أهمية كبرى، وخاصة أن مصر بها الهيئة العامة للمصل واللقاح والمنشأة منذ الستينيات من القرن الماضي، ومختصة بتصنيع وتطوير اللقاحات والأمصال، لذلك فهذا الأمر ليس جديدا على مصر.
وأوضح عطية، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الجديد هو توطين صناعات وتطوير لقاحات كورونا في مصر، وهو أمر بدأ منذ نحو عام تقريبا عندما تعاقدت مصر مع الصين لهذا الغرض وبدأ تصنيع لقاح سينوفاك الصيني مصريا بأيدي مصرية وصينية وبدأ استخدامه وتوزيعه على مراكز اللقاح وكذلك تصدير جزء منه.
وأكد أن هذه الخطوة كانت جيدة للغاية وساهمت في تلبية الاحتياجات للاستهلاك المحلي للقاحات كورونا للشعب المصري بجانب تصدير جزء آخر، مضيفا أن مصنع بيوتيك وسينوفاك هو خطوة مهمة وإضافة لزيادة تصنيع اللقاحات في مصر وتطويره ليكون هناك أكثر من خطوة ومركز لذلك، حيث ستسهم في تكفية احتياجات البلاد من لقاحات كورونا أو غيرها وتصدير الفائض للدول العربية والأفريقية، وتكون مصر مركزا إقليميا عربيا لتطوير وتصدير اللقاحات.