«الجنرال الذهبي».. 53 عاما على استشهاد الفريق عبد المنعم رياض
يحتفل الشعب المصري اليوم، بذكرى يوم الشهيد، ويوافق ذكرى استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة في أثناء حرب الاستنزاف، والملقب "الجنرال الذهبي"، واستشهد في 9 مارس 1969، على خط المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وكان واحدًا من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، ونموذجًا فريدًا للقائد العسكري الذي أفنى حياته دفاعًا عن الوطن.
كان الفريق عبد المنعم رياض رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، وشارك عبر مسيرته العسكرية في نحو 5 حروب، بدءًا من الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942، وحرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967، وحرب الاستنزاف التي استشهد خلالها في الصفوف الأمامية للقوات.
بدايته العسكرية
ولد الفريق عبد المنعم رياض، في 22 أكتوبر 1919، ودرس في كتاب قريته سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا بالغربية، وتدرج في التعليم حتى حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديوي إسماعيل، ثم التحق بكلية الطب بناء على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية الحربية التي كان متعلقا بها، حتى أنهى دراسته بها في عام 1938 برتبة ملازم ثان.
وفي عام 1941 عين في سلاح المدفعية، وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في المنطقة الغربية، حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا، وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.
وفي عام 1951 تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم، وبعدها بعامين عُين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية، ثم من يوليو 1954 وحتى أبريل 1958 تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية، وفي أبريل 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز، ولقب هناك بالجنرال الذهبي.
وبعد عودته، شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية، عام 1960، وفي العام التالي شغل منصب نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي، وفي عام 1964 عين رئيسًا لأركان القيادة العربية الموحدة.
وفي مايو 1967 وبعد سفر الملك حسين للقاهرة للتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك عين الفريق قائدًا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يونيو 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة، وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق قائدا عاما للجبهة الأردنية.
وفي 11 يونيو 1967 اختير رياض رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي، إعادة بناء الجيش المصري وتنظيمه، والذي كان قد تعرض حينها لهزيمة كبيرة في حربه أمام الاحتلال الإسرائيلي، وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية.
كما أنه صمم الخطة (200) الحربية التي كانت الأصل في الخطة (جرانيت) التي طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى (بدر)، فقد قضى نحو 32 عاما فردا وقائدا في صفوف الجيش المصري.
حرب الاستنزاف
حقق الفريق انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف، والتي انطلقت منذ يونيو 1967، من بينها معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وذلك في آخر يونيو 1967.
وكذلك تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968 وتدمير 60% من تحصينات خط بارليف.
أشرف الفريق عبد المنعم رياض على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه، وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
وفي صبيحة اليوم التالي قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن قرب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق.
وفجأة انهالت نيران العدو على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض متأثرا بجراحه بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش.
تكريمه بعد استشهاده
أقيمت للشهيد البطل جنازة عسكرية كبيرة في القاهرة حضرها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وجميع قادة القوات المسلحة آنذاك، حيث نعاه عبد الناصر، ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية، والتي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر.
حصل على العديد من الأوسمة والأنواط كـ ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ووسام نجمة الشرف ووسام الجدارة الذهبي ووسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان ووسام الكوكب الأردني من الطبقة الأولى، كذلك تم تكريمه بوضع أسمه على الكثير من الميادين العامة والشوارع فى مصر والدول العربية، ووضع له تمثال في أحد أشهر ميادين القاهرة بوسط البلد.
وبعد انتصار أكتوبر 1973، تم اختيار 9 مارس اليوم الذي استشهد فيه الفريق عبد المنعم رياض يومًا للشهيد، ليكون ذكرى لكل شهداء الوطن ممن قدموا أرواحهم في سبيل الحفاظ على استقراره وأمنه.