لجنة الأمم المتحدة بشأن سوريا تحذر من تصاعد العنف وانهيار الاقتصاد وحدوث كارثة إنسانية
حذرت لجنة الأمم المتحدة المستقلة المعنية برصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا من تصاعد العنف وانهيار الاقتصاد وحدوث كارثة إنسانية في البلاد.
وقالت اللجنة، في تقرير جديد لها أصدرته اليوم/الأربعاء/ في جنيف ، إن التصعيد الأخير في أعمال العنف وتدهور اقتصاد الحرب والأزمة الإنسانية المدمرة في سوريا أدى إلى مستويات جديدة من المشقة والمعاناة للسكان المدنيين السوريين الذين عانوا أكثر من عشر سنوات من الصراع.
وأضافت اللجنة أن أكثر من نصف السكان ،والذين نزحوا، يعيش أكثر من 90 % منهم فى حالة فقر الآن ما يجعل السوريين يقفون على حافة هاوية جديدة في ظل تصاعد العنف بسبب المناوشات العسكرية والقصف من جهة وعمليات الاختطاف والقتل بعيدا عن مناطق الصراع من جهة أخرى.
وقال رئيس اللجنة، باولو بينيرو إنه برغم أن أجزاء من سوريا لم تعد خاضعة للقتال النشط إلا أن العنف ضد المدنيين يستمر في جميع أنحاء البلاد، إضافة إلى أعمال القتل المستهدف والاحتجاز غير القانوني والتعذيب في الوقت الذي أصبح الشعب السوري عالقا بين الأطراف المتحاربة ويتعرض للقمع والاستغلال من قبل الجهات المسلحة في كل مكان.
وأشار إلى أن الحالة الاقتصادية التي تدعو إلى اليأس تتفاقم بشكل متزايد بسبب الانتهاكات المرتكبة لتحقيق مكاسب نقدية وهو ما يشمل أخذ الرهائن طلبا للفدية والابتزاز والحجز على الممتلكات لمصادرتها أو لحصاد المحاصيل وبيعها، مؤكدا أن هذه الانتهاكات ترتكب في جميع أنحاء البلاد سواء من قبل القوات الحكومية والجهات المسلحة الأخرى التي تسيطر على الأراضي وغالبا ما تستهدف الأقليات.
ولفت إلى أن سوريا تواجه اليوم أسوأ موجة جفاف شهدتها منذ عقود حيث يستمر التضخم الذي قارب 140 % في بداية العام في الخروج عن نطاق السيطرة، وأنه مع ارتفاع سعر السلع الأساسية أصلا فإن اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا سيسهم في زيادة ضغط الأسعار كما يرجح أن يدفع المزيد من السوريين الى الفقر.
ودعا إلى مراجعة تنفيذ العقوبات المفروضة حاليا على سوريا وأثارها وخاصة في ظل تدهور الأحوال المعيشية، وقال إنه على الرغم من الاستثناءات الإنسانية فلابد من بذل المزيد من الجهود للتخفيف من العواقب غير المقصودة على الحياة اليومية للسكان المدنيين نتيجة الامتثال المفرط.
وحذر رئيس اللجنة من أن عدم مراجعة تلك العقوبات يمكن أن يؤدي لمزيد من أوجه النقص وعرقلة المساعدات الإنسانية للسكان الأكثر ضعفا ما يؤثر بشكل مدمر على الجميع .
وأكد أنه يتم إجبار الفتيات بشكل متزايد على الزواج المبكر ويرسل الأولاد للقيام بعمل الأطفال أو يجندون في النزاع حيث تقوم هيئة تحرير الشام التي تسيطر على منطقة إدلب بفرض ما يسمى بقواعد الأخلاق التي ترقى إلى التمييز على أساس النوع الاجتماعي ، مشيرا إلى أن النساء والفتيات في سوريا يتعرضن لمجموعة من الانتهاكات اعتمادا على الجهة المسلحة التي تسيطر على المناطق التي يتواجدن فيها.
وأشار إلى ارتكاب جرائم حرب وأنماط مستمرة للجرائم ضد الإنسانية من قبل أطراف النزاع خلال الفترة المشمولة بالتقرير، معربا عن قلقه إزاء التقارير الأخيرة عن الاخفاقات المنهجية في التحقيقات في جرائم الحرب المحتملة وغيرها من الحوادث التي تسبب أضرارا للمدنيين في سوريا في 2018-2019 من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقال إن ذلك يشمل مئات التقارير عن سقوط ضحايا مدنيين والتي رفضها في البداية الجيش الأمريكي ، وكرر توصيته للولايات المتحدة وجميع الأطراف باجراء تحقيقات موثوقة ومستقلة وحيادية في الحوادث التي تنطوي على خسائر في صفوف المدنيين والتي تورطت فيها قواتها لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وضمان عدم تكرارها ونشر نتائج التحقيقات.
وأوضح أن اللجنة لاحظت إعادة ضئيلة ولكن متزايدة من قبل الدول الأعضاء لمواطنيها المحتجزين في مخيمات الهول والروج سيئة السمعة في شمال شرق سوريا، مشيرة إلى أن حوالي 60 ألف معتقل منهم 40 ألفا من الأطفال ما زالوا محتجزين بشكل غير قانوني في المخيمات في ظروف مروعة بما في ذلك 7800 أجنبي غير عراقي.
ولفت إلى أن سكان المخيمات يعيشون في ظروف تصل إلى حد المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة وفي ظل خطر دائم بالتعرض للاصابة أو القتل أو الاتجار، مشيرا إلى أنه مع تصاعد التوتر في تلك المخيمات وقع أكثر من 90 جريمة قتل و 40 محاولة قتل في مخيم الهول وحده في العام الماضي.
ودعت اللجنة مجددا الدول الأعضاء لاعادة مواطنيهم من النساء والأطفال من المخيمات.
يذكر أن اللجنة الأممية ستقدم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان يوم 18 مارس الجاري خلال دورته المنعقدة حاليا في جنيف.