رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


د. أسامة الغزالى حرب: العودة للقوى السياسية.. والاهتمام بالتعليم وجذب الاستثمارات

7-7-2017 | 16:23


حوار: محمود أيوب

عدسة: إبراهيم بشير

«العودة إلى القوى السياسية فى المجتمع، والاهتمام بالمواطن الفقير، ودعم منظومة التعليم، وجذب الاستثمارات».. مطالب أكد عليها الدكتور أسامة الغزالى حرب، أستاذ العلوم السياسية، ورئيس لجنة العفو الرئاسية، عند الحديث عن رؤيته للعام الرابع من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

«الغزالى حرب» أثنى فى حواره مع «المصور» على الإنجازات التى تحققت فى عهد السيسي، مؤكدًا أن «التقييم العام لإنجازات الرئيس ملموسة خاصة فى الطرق والبنية الأساسية». مضيفًا: أن تعامل الرئيس مع الشباب والمرأة كان أمرًا إيجابيًا، لكن من الناحية السياسية من المهم جدًا أن يتعامل مع المكونات السياسية للمجتمع. متحدثًا عن المحن التى تمر بها مصر بقوله: للأسف التعليم محنة كبرى وكارثة، ومشكلتنا أن الاقتصاد غير مُنتج وهذا له تأثير بالغ على محدودى الدخل، فضلًا عن أن قطاع السياحة بأكمله «شبه ميت». «الغزالى حرب» أكد أنه كان يجب على من يتخذ قرارات الإصلاح الاقتصادى أن يراعى التأثير السلبى على المواطن العادي، مطالبًا الطبقات القادرة أن تدفع ما عليها، فالفقير لديه إحساس أنه وحده الذى يُعانى ويدفع الثمن وهذه مسألة خطيرة.

 

بعد مرور ثلاثة أعوام على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.. ما المطلوب منه فى عامه الأخير من فترة حكمه؟

أعتقد أن أهم ما هو مطلوب من الرئيس السيسى فى المرحلة القادمة هو الاهتمام بالجانب السياسي، فقد اهتم الرئيس بلا شك منذ اليوم الأول من توليه الرئاسة بالإنجازات المادية الكبيرة الملموسة، بدليل أن أول بدايته كانت بتوسيع قناة السويس، ثم رأينا الاهتمام الفائق بإقامة شبكات طرق فى كل أنحاء مصر، وهذا شيء ممتاز للغاية، بالإضافة إلى بناء مرافق ومنشآت، وهذا بالتأكيد إنجاز طيب. ومن ناحية أخرى اهتم الرئيس بالشباب، وتم عقد العديد من المؤتمرات وكانت حوارات طيبة جدًا جدًا بين الرئيس والشباب.

وما يميز هذه المؤتمرات أن الرئيس لم يكن يتحدث مع الشباب منفردًا، لكن كان معه كل أعضاء الحكومة وكل قيادات الدولة فى اتصال مباشر مع الشباب، هذا المنهج الذى بدأ به الرئيس كنت أتمنى أن يكون هو منهجه فى التعامل مع القوى السياسية «الأحزاب المصرية» بالدرجة الأولى.. فنحن نلاحظ أن الرئيس السيسى تعامل مع الشباب، ومع المرأة من خلال مؤتمر المرأة الذى عقده، ولكن هذا لا يكفي، وأعتقد أنه كان من المهم على الرئيس السيسى أن يتعامل بالأخص مع الأحزاب السياسية.

.. نُريد مزيدًا من التوضيح؟

- الحقيقة أن هذا المنهج يمكن تأصيله باعتبارى باحثا فى العلوم السياسية بما كان يسمى «النقابية السياسية»، أو ما يسمى بالـ«corpopatism» بمعنى التعامل مع المحيط السياسى ليس بصفته مكونًا من قوة سياسية، وإنما من قوة اجتماعية ونقابية وجماعات مصالح إلى آخره.. وهذا إلى حد كبير يشبه التقسيم السياسى الناصرى للمجتمع، فجمال عبد الناصر عندما تعامل مع الشعب المصرى من خلال هذه الصيغة، فعبد الناصر لم يقسم الشعب المصرى إلى أحزاب سياسية لأنه كان يرفض الأحزاب السياسية، فقسم الشعب المصرى إلى عمال وفلاحين ومثقفين إلى آخره، أو ما أسماه «قوى الشعب العاملة» وهذا هو التقسيم المهنى وليس التقسيم السياسى وهذا نوع من الفلسفة فى الحكم.

ورغم أن هذا يعكس حرص الرئيس على الحوار، لكن أتصور أن هذا ليس كافيا فى هذه المرحلة، لا فى تاريخ مصر ولا فى تاريخ العالم، لأن تعامل الرئيس السيسى مع الشباب ومع المرأة قطعًا كان أمرًا إيجابيًا، لكن من الناحية السياسية من المهم جدًا أن يتعامل الرئيس مع المكونات السياسية للمجتمع، المجتمع فيه قوى وأحزاب سياسية، وهناك اتجاهات سياسية ليبرالية ويسارية وقومية فضلًا عن الاتجاه الإسلامى والذى تعامل معه الرئيس السيسي.

ومن وجهة نظرى أن هذا هو المطلب المهم من السيسى فى المرحلة القادمة، أن يتعامل مع المجتمع السياسى المصري، وخصوصًا أن هناك حالة واضحة من ضعف الأحزاب السياسية المصرية، فلو سألت أحدا فى الشارع عن الأحزاب المصرية ماهي؟، لن يعرف منها إلا حزب الوفد باعتباره أقدم حزب، ما عدا ذلك لا يسمع عن الأحزاب السياسية فى مصر وهذه كارثة، لأن السياسة فى أى مجتمع يُريد أن يكون مجتمع ديمقراطيًا تتحدد من خلاله الأحزاب والتعدد الحزبي، ومصر تسعى إلى أن تكون دولة ديمقراطية.. وأتمنى من الرئيس أن يلتفت إلى التعامل مع المجتمع السياسى المصرى معبرا عنه ويعبر عنه من خلال قوى سياسية متعددة، وعلى الرئيس أن يعود إلى القوى السياسية التى ظهرت ما بعد ٢٥ يناير مرة أخرى.

.. لكن هل القوى السياسية مقتصرة فقط على الأحزاب أم أن هناك قوى سياسية أخرى يجب أن يلتفت إليها الرئيس؟

- كلمة قوى سياسية تعنى رقم واحد أحزاب، لأن المؤسسة الوحيدة فى المجتمع التى يُمكن أن أصفها بالقوى السياسية هو الحزب، وهناك النقابات والمجتمع المدني، إنما المؤسسات السياسية الأحزاب وقد يكون هناك سياسة لكن غير ديمقراطية مثل الدول الشيوعية ذات الحزب الواحد، أو كما ساد فى مصر الناصرية إنما مصر بعد ثورة ٢٥ يناير تسعى لأن تكون بلدًا ديمقراطياً، لكن لا توجد ديمقراطية بدون تعدد حزبى حقيقى، وأتمنى ألا يسعى الرئيس السيسى فقط للتعامل مع الأحزاب السياسية الموجودة، وإنما أيضا أن يشجعها، وفى هذا السياق يجب أن نعترف أن هناك الآن نوعا من التراجع فى شعبية السيسى، جزء منها طبعًا بسبب غلاء الأسعار، لكن جزءا آخر فى تقديرى هو الإهمال فى التعامل مع الشعب بقوى سياسية، وهذه القوى من الممكن أن تكون مؤيدة للسيسى أو معارضة له.. وبالتالى يجب أن نخلق مناخًا يحقق هذا النوع من الحوار السياسي.

.. هذا فيما يتعلق بالقوى السياسية والأحزاب.. لكن ماذا عن الشباب؟

- أعتقد أن الرئيس السيسى تعامل مع الشباب ومع المرأة بشكل معقول، لكن الأهم أن نضمن تمثيل هؤلاء الشباب تمثيلا صحيحا فى كافة القطاعات، وأعتقد كان هناك تمثيل جيد للشباب، وأنا أثق فى وزير الشباب، ومؤتمرات الشباب نحن فى حاجة إلى تكرارها وأن تضم قطاعات أوسع من الشباب، وهذا جانب من التعامل السياسى مع الشباب، لكن هناك أشياء أخرى مطلوبة للشباب.. وهو المطلب الثانى للرئيس السيسى بل هو فى الحقيقة أهم المطالب على الإطلاق أى الاهتمام بالتعليم فى مصر، لأن الشباب يعنى التعليم، وللأسف التعليم هو المحنة الكبيرة التى يُعانى منها كل المصريين الآن، حاليًا المصريون إما شخصا فقيرا لا يتلقى التعليم أو يتلقى تعليما معدوم القيمة وتلك هى الغالبية العظمى للأسف أو يتلقى التعليم فى مدارس أجنبية وبتكلفة عالية وهذا تحصل عليه فئة محدودة جدًا من المصريين.. فالتعليم فى مصر كارثة، ولذلك كنت من المعارضين لبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وكنت أتمنى أن تصرف تكاليف هذا المشروع على التعليم وبناء وتطوير المدارس.

وما المطلوب من الرئيس فى المرحلة القادمة لحماية الطبقة الفقيرة؟

أولًا يوجد نوعان من المطالب، والأول مطلب غير مُباشر وأقصد بها أنه عندما يتخذ أيا من قرارات فى الإصلاح الاقتصادى يجب أن يراعى التأثير السلبى على المواطن العادي، بالإضافة إلى الطريقة التى تقدم بها هذه الإصلاحات حيث ينبغى ألا يفاجئ المواطن بهذه القرارات، بل يجب أن يكون هناك تمهيد وشرح لها ولمبرراتها.. وكنت أتمنى أن يخرج الرئيس السيسى للشعب ويشرح له الموقف بكل وضوح.. فالجميع يعلم حقيقة أن هناك مشكلة طوال السنوات الماضية ويجب حلها، لكن يريدون أن نشرح لهم كل الحقائق.

الأمر الثانى يجب على الطبقات القادرة أن تدفع ما عليها، لأن المواطن لديه إحساس أن الفقير فقط هو الذى يُعانى ويدفع الثمن وهذه مسألة خطيرة، وبالتأكيد هناك أساليب كثيرة يمكن من خلالها حل هذه المشكلة، لكن قبل أن يجرى أى إصلاح يجب على الحكومة أن يكون لديها سياسات تعويضية تحمى المواطن الفقير، وأعتقد أن الحكومة تعلم ذلك، فالدكتورة غادة والى مثلًا من خلال وزارة التضامن الاجتماعى تحاول أن تقوم بمثل هذا الدور، لكن هذا الدور يستلزم إمكانيات أوسع بكثير مما تقدمه الوزارة.

ومنْ المسئول عن ارتفاع الأسعار؟

هناك أوضاع خاطئة متوارثة منذ عشرات السنين منها دعم كثير من السلع والتى تباع بأقل من سعرها بكثير، هذا الدعم بالتأكيد يرهق الموازنة العامة للدولة، لكنه فى ذات الوقت يجعل المواطن يرتاح فى معيشته وهذه معادلة صعبة تحتاج لجهد كبير لحلها.

لكن الدعم النقدى غير كاف للمواطن الفقير.. فما الحل؟

المشكلة أن الاقتصاد لدينا غير منتج وهذا له تأثير بالغ على المواطن الفقير ومحدود الدخل، هذا بخلاف من لديهم ما يكفيهم من قوت يومهم، فالمشكلة أن هناك قطاعات كبيرة من المجتمع دخولهم متدنية نتيجة ضعف الاقتصاد بشكل عام، فلو كان هناك اقتصاد منتج واستثمارات تُدار داخل الدولة، كل هذا سوف يجعل التحكم فى المشكلة بشكل أفضل أو أن تكون آثارها محدودة.. والمشكلة أن هناك ملايين لا يعملون تقريبًا أو يعملون فى أعمال هامشية ويحصلون على دخل محدود ويعانون من ارتفاع الأسعار وهذه مشكلة كبيرة.. وللأسف لدينا قطاع بأكمله «شبه ميت» وهو قطاع السياحة، فقبل ثورة يناير كان لدينا ما يقرب من ١٠ ملايين سائح والآن لا يزيدون على نصف مليون وهذه ضربة قاصمة للاقتصاد المصرى بلا شك.

فى رأيك.. هل ما تم من إنجازات خلال فترة حكم الرئيس كافية حتى الآن؟

مصر بحاجة إلى إنجازات كثيرة إنما التقييم العام لإنجازات السيسى انها ملموسة، منها التوسع فى إنشاء طرق وهذه واضحة جدًا تمثل المصرى، لكن نحن بحاجة إلى جذب استثمارات.. وهنا يوجد كلام كثير عن قانون الاستثمار ويجب الإشارة إلى أن الاستثمارات فى فترة العشرينيات إلى الخمسينيات كانت كثيرة فى وقت لم يكن هناك قانون للاستثمار، إنما المناخ العام للبلد هو الذى يجذب الاستثمار، وحقيقة رغم هذه الإنجازات العظيمة التى يمكن أن نحصد ثمارها مستقبلًا، إلا أن المواطن لا يشعر بها لأن كل ما يهم المواطن الفقير هو كيف توفر له قوت يومه الذى يعيشه عيشةً كريمة؟، وأن يحصل على دخل طيب بشرط أن يكون هذا الدخل من عمل وليس من معونة تقدمها الدولة له.

وهل ستكون هناك عقبات تواجه الدولة فى المرحلة القادمة لاستكمال ما تم من إنجازات؟

لا أستطيع أن أجزم بأنه ستكون هناك عقبات فى المرحلة القادمة، إنما قطعًا نتيجة التطورات التى حدثت الأيام الماضية أتصور أن الأوضاع السياسية لن تكون فى يُسر، أولًا الجدال الذى تم حول «تيران وصنافير» أعتقد أنه تمت المبالغة فيه بشكل كبير جدًا فضلا عن استعماله للأسف للمكايدة السياسية وكذلك الحديث حول التأثيرات السلبية لرفع الأسعار للسلع الأساسية، يُضاف إلى ذلك ممارسات أعتقد أنها فى مُنتهى السوء من بعض الأجهزة فى تعاملها مع المحبوسين فى قضايا سياسية وللأسف الشديد فإن المواجهة الحادة مع الإخوان وبقاياهم انعكست سلبا مع التعامل مع كثير من القوى الثورية بل ومع العديد من المواطنين الأبرياء على نحو مثير للقلق.