قال الكاتب البريطاني، سيمون جينكنز في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية، إن الإفراج مؤخراً عن رهينتين بريطانيين من السجون الإيرانية لا يجب بحال من الأحوال أن يخفي وراءه المحنة التي تعرضا لها بسبب سياسة غربية عقيمة.
وأشار جينكنز، في مقاله، إلى أن الرهينتين نازنين زجاري راتكليف وأنوشه آشوري كانا ضحية لسياسة القهر التي يمارسها العالم الغربي على بعض الدول كما أن محنتهما أثبتت عجز هذه السياسة و فشلها، موضحا أن تلك المحنة تسبب فيها موقف بريطانيا المُعادي لإيران التي قامت بدفع 400 مليون جنيه إسترليني لبريطانيا مقابل توريد معدات عسكرية غير أن لندن رأت أن النظام الإيراني لا يروق لها فقامت بحجب الصفقة على الرغم من حصولها على قيمتها مسبقاً بدعوي أنه لا يجب عليها السماح ببناء محطات نووية في إيران.
وأضاف جينكنز، أن بريطانيا ومعها العديد من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية إبتكروا نوعاً جديداً من العدوان في أعقاب ثورة 1979 في إيران وهو الحظر التجاري الشامل وهو ما دفع الجانب الإيراني أن يرد في المقابل بابتكار نوع جديد من الأسلحة وهو احتجاز الرهائن.
وأوضح الكاتب البريطاني، أنه بعد سقوط نظام الشاه في إيران وتولي آيات الله الحكم هناك بمساعدة الحرس الثوري الإيراني، قامت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بمعاقبة إيران بفرض مزيد من العقوبات عليها مع أي انتهاك لحقوق الإنسان هناك ومع أي تدخل من جانب إيران في شئون دول المنطقة.
إلا أن سياسة العقوبات والحصار التي فرضها الغرب على إيران كان لها بالغ الأثر السلبي على الشعب الإيراني الذي أصبح يعاني الفقر والعوز ولكنها لم تتمكن من الإطاحة بالنظام الحاكم المتطرف الذي استمر لعدة عقود يتولي مقاليد السلطة في البلاد. لقد خضعت إيران لسياسة العقوبات والحصار الثقافي علي مدار ما يقرب من نصف قرن باستثناء فترة بسيطة من ثمانينات القرن الماضي، وعلى الرغم من ذلك لم تنجح هذه السياسة في تحقيق أهدافها.
وأعرب كاتب المقال، عن اعتقاده أن سياسة العقوبات تدفع الدول المستهدفة إلى اللجوء لوسيلة لحماية نفسها، وكانت النتيجة أن تقريباً كل الأنظمة في الدول التي تعرضت لعقوبات الغرب عززت من سيطرتها على الحكم كما هو الحال في كوبا وكوريا الشمالية وإيران وسوريا وفنزويلا وروسيا وزيمبابوي و ميانمار. أما في حالات مثل أفغانستان وليبيا والعراق فقد أدي فشل العقوبات المفروضة على تلك الدول إلى وقوعها ضحايا لتدخل عسكري كارثي من جانب الدول الغربية.
وقد تناول عدد من منتقدي سياسة العقوبات تلك هذه السياسة بالدراسة فتوصلوا إلى أن أضرارها أكثر من فوائدها حيث أنها لم تنجح قط في تحقيق الهدف المرجو منها وإحداث التغيير المطلوب في النظام الحاكم للدول التي تعرضت للعقوبات.
وأضاف جينكنز، أن المراقبين لسياسة العقوبات المفروضة على روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية الحالية يرون أنه لا توجد أية مؤشرات أن تلك العقوبات سوف تدفع موسكو إلى تغيير سياساتها أو تسعي لتحسين صورتها أما الدول الغربية وأقصي ما يمكن التطلع إليه وتحقيقه من وراء هذه العقوبات أن تصرف الصين النظر عن غزو تايوان.
وتابع الكاتب البريطاني قائلا، إن مؤيدي سياسة العقوبات يرون أنها أفضل من اختيار الحرب أو بمعني أخر أنه إذا كان يتعين علي الغرب أن يتخذ موقف ما تجاه هذه "الأنظمة الشريرة" فتعتبر سياسة العقوبات هي أفضل رد فعل بدون اللجوء إلى العنف غير أن مأساة الرهينتين البريطانيين الأخيرة في إيران تؤكد حقيقة ثابتة وهي أن العقوبات لا تؤتي ثمارها المرجوة بل على العكس تعرقل عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الطرفين وتعوق تحرير التجارة البينية ناهيك عن التبادل الثقافي والفكري.