رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا

23-3-2022 | 14:46


د. محمد مبروك

يعتمد تحديد هامش الربح على كل السلع المتداولة في مصر على الاجتهاد الشخصي للتجار، فليس هناك معادلة ثابتة كالتي تُتبع في السلع المُسعّرة جبريًا على تحديد هذا الهامش، فهناك جانب من التجار المعتدلين يقوم باحتساب التكاليف المباشرة وغير المباشرة، بخلاف الضرائب على كل سلعة ثم يضيف هامشًا معقولًا من الربح بعد ذلك ليصبح سعر السلعة مساويًا للتكاليف، بالإضافة إلى ذلك الهامش من الربح الذي لا يتجاوز 25 بالمائة من إجمالي التكلفة وهو ما يجعل التسعير مرنًا في بعض السلع قد يصعد أو يهبط في بعض الأحيان، طبقًا للتغير في قيمة التكلفة، وهذه هي الصورة المثالية لحساب أسعار السلع.

أما الجانب الآخر من الصورة، فهو العشوائية في احتساب هامش الربح الذي يتجاوز المائة بالمائة في بعض السلع، كما أن مرونة التسعير في هذه السلع، ومع هؤلاء التجار تسير في اتجاه واحد وهو الزيادة، فالسلعة التي تتم زيادة سعرها، لأي سبب من الأسباب حتى ولو لم يكن منطقيًا، لا يمكن لها على الإطلاق أن تتعرض لمراجعة وخفض في السعر مرة أخرى، إذا ما زالت تداعيات أسباب الزيادة.

كلنا قد عاش فترة تعويم الجنيه في نهاية عام 2016 وما واكبها من زيادات كبيرة في أسعار جميع المنتجات والسلع، وبدا ذلك منطقيًا حينها عندما ارتفع سعر صرف الدولار، ما هو دون العشرة جنيهات إلى ما يقارب العشرين جنيهًا للدولار الواحد، وقد لاحظ الجميع الارتفاع المذهل في أسعار كل السلع والخدمات نتيجة لذلك، ومع تراجع سعر الدولار واستقراره لفترة طويلة دون الست عشرة جنيهًا، لم تنخفض أسعار السلع والخدمات التي كانت قد زادت وتم تحديد سعرها على معدل صرف تسع عشرة جنيهًا للدولار، وهو ما استطاع المجتمع التعايش معه محاولًا تخطي تلك المرحلة تاركًا كل المكاسب لأولئك التجار الذين قاموا بتغيير أسعار بضائعهم التي كانوا قد اشتروها بالأسعار القديمة إلى الجديدة، مع المغالاة في التسعيرة الجديدة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب المستهلك غير عابئين، بما يثقل كاهل الناس من المعاناة، بسبب تلك التغيرات والتحول الاقتصادي

ومع تحرك سعر الصرف مؤخرًا، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجه العالم، بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا وعودة ارتفاع سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه إبان وقت التعويم عام 2016، يعود هؤلاء المنتفعون مرة أخرى فيرفعوا أسعار المنتجات والسلع والخدمات التي كان قد تم تحديد أسعارها، من قبل عند نفس قيمة سعر الصرف الحالية أو أعلى! 

فأي منطق هذا الذي يجعل هؤلاء كأسنان المنشار التي تأكل في الخشب مع كل اتجاهات الحركة؟

إن هذا السلوك الانتهازي يزيد من الأعباء على كاهل كل من الحكومة والمواطن في نفس الوقت ويجب مواجهته بمنتهى الحزم، كما أنه ينبغي وضع آلية لتسعير كل المنتجات والخدمات فيما هو قادم بنظام التكلفة الكلية مضاف إليها هامش ربح محدد لا يتم زيادته، طبقًا لأهواء المحتكرين والمنتفعين من الأزمات، وإنما بضوابط تمنح التجار أرباحًا مناسبة دون المغالاة، ما سيساعد في مكافحة ظاهرة الاحتكار مستقبلًا.

إن ما نمر به الآن من ظروف اقتصادية يستوجب عمل الجميع على تخفيف الأعباء على المواطنين بكل الطرق، حتى يمر هذا الوقت الصعب بسلام ويستعيد الاقتصاد عافيته مرة أخرى.

أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا * فمصر هي المحراب والجنة الكبرى

 حلفنا نولي وجهنا شطر حبها * وننفد فيه الصبر والجهد والعمرا 

 نبث بها روح الحياة قوية * ونقتل فيها الضنك والذل والفقرا