رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وإذا خلع الشيخ العمامة كانت «مولاي»

24-3-2022 | 10:45


هشام شوقي,

تتوق روحي إلي أيام الشهر الفضيل، وذكريات الصبا والشباب في شهر رمضان، وصلاة الفجر في جماعة والاستماع لحديث الشيخ الشعراوي رحمه الله، وتلك الابتهالات التي تأخذك لعالم من الصفاء والمحبة، ماتزال صورة أمي وجدتي أمامي قبل الإفطار، وأبي رحمة الله على من فارقونا إلى دار الحق، كنا نستمع لصوت النقشبندي يشدو بـ "مولاي" كانت جزء رائع من علامات شهر رمضان.

و لـ"مولاي" قصة تستحق أن تروي فهي عمل مبدع متفرد، كانت البداية في العام 1972 خلال احتفال الرئيس السادات بخطوبة إحدى بناته والتقى الرئيس السادات بالشيخ سيد النقشبندي والموسيقار بليغ حمدي والإذاعي القدير وجدي الحكيم وكان الرئيس السادات من محبي صوت "النقشبندي" وطلب من بليغ حمدي أن يلحن للشيخ النقشبندي، وكان طلب الرئيس أمر مزعج للشيخ المعمم فهو قارئ، لا يمكنه أن ينشد علي أنغام لحن موسيقي، وأي موسيقى إنها ألحان بليغ حمدي، وكان الأمر بالنسبة له مفاجأة فهو من عشاق صوت الشيخ المعمم، وكتب كلمات "مولاي" الشاعر الرقيق عبد الفتاح مصطفى.

ولم يجد النقشبندي مفرا من ذلك الموقف سوى الحديث إلى الإذاعي القدير وجدي الحكيم للخروج من المأزق، فكيف لشيخ معمم ينشد على ما يعرف من مقامات موسيقية، دون أن يكون هناك لحن أن يغير ذلك ويلقي الأشعار على لحن موسيقي؟

 وكانت قناعة الشيخ أن اللحن يفسد حالة الخشوع لدى المتلقي، وكان "الحكيم" كيس فطن، تمكن من إقناع النقشبندي أن يستمع لألحان بليغ ويذهب معه إلى استديو الإذاعة وأن يتركه مع بليغ نصف ساعة على أن يكون هناك إشارة بينهما ليعرف منها الحكيم موقف النقشبندي، واتفق كلاهما على أن يخلع الشيخ العمامة إذا أعجبه لحن بليغ ووافق الشيخ المعمم.

وعقب نصف ساعة دخل "الحكيم" إلى الاستوديو فوجد الشيخ المعمم قد خلع العمامة والجبة والقفطان، فكانت رائعته "مولاي".

هكذا قدمت الإذاعة المصرية، أروع وأجمل الأعمال الفنية التي استطاعت أن تؤثر في وجدان المصريين والعالم العربي بأثره، تلك هي القوة الناعمة التي نحتت الثقافة العربية، وصنعت تاريخ عظيم للأمة.

كان ماسبيرو هو وجهة المشاهدين من مختلف أنحاء العالم العربي، فهو المنتج الأهم لكافة الأعمال الدرامية، ما تزال تترات المسلسلات الدينية تتردد في آذان المشاهدين، على غرار مسلسل "محمد رسول الله" وهو مسلسل ديني من خمسة أجزاء يروي قصص الأنبياء، للأديب الراحل عبد الحميد جودة السحار، وإخراج أحمد طنطاوي، كان التليفزيون المصري من يمنح المبدعين شهادة الميلاد عندما تخرج أعمالهم على شاشة التليفزيون خلال الشهر الكريم.

كنا ننتظر فوازير الرائع عبد المنعم مدبولي والفنان العظيم فؤاد المهندس بشغف جميل، كانت الفوازير والدراما تراعي أنها تدخل كل منزل، كان لذلك الزمن وقع خاص في حياتنا جميعا، كانت الأعمال الدرامية معبرة عن واقع المجتمع والحياة اليومية، تستطيع أن تشاهد نفسك وأحلامك فيها، كنت تشاهد البيت المصري الطبيعي في الدراما، بينما اليوم أصبحت عندما أتابع الدراما أجد شخصيات وقصور لا أعرفها أو مجتمعات لا تعبر عن واقع الحياة في مصر التي أعرفها، بل في بعضها من صدر للشارع المصري جرائم جديدة.

وأصبح الترند وعدد المشاهدات تتحكم في الدراما أيضا، فغابت درما بمستوى الشهد والدموع، ليالي الحلمية وأرابيسك وأوبرا عايدة، غابت مسلسلات الإذاعة التي كانت سمة أساسية من سمات "لمة الأسرة" على مائدة الإفطار.